أصدرت هيئة سوق المال، والتى اندمجت أخيرا تحت إدارة هيئة الرقابة المالية غير المصرفية، قواعد القيد والشطب الجديدة فى الربع الأخير من العام الماضى، وكان من المفترض أن يبدأ تطبيقها مع نهاية العام المالى الحالى (30 يونيه)، لكن الهيئة منحت الشركات والمؤسسات المدرجة فترة إضافية بسبب الأزمة المالية العالمية وآثارها المستمرة، على أن يكون آخر موعد لتوفيق أوضاعها مع القواعد الجديدة حتى لا يتم شطبها من البورصة هو نهاية العام الحالى. وتنحصر تلك القواعد بين تطبيق شروط أساسية يجب توافرها، منها ألا يقل رأس المال المصدر عن 20 مليون جنيه، ونسبة التداول الحر الأسهم التى يتم تداولها فى البورصة وتكون متاحة للشراء والبيع عن 5% من رأس مالها، وقد قامت الهيئة بإخطار كل البنوك والشركات المدرجة فى البورصة بهذه القواعد منذ عدة أشهر. وان كان المستثمرون قد تعودوا من قبل على شطب الشركات المقيدة فى البورصة لأسباب مختلفة مثل عدم الإفصاح عن القوائم المالية بشكل منتظم، أو الأخبار الجوهرية، لكن نادرا ما كان هذا الحدث يتحقق مع البنوك، التى بدأت من جانبها عقد اجتماعات للنظر فى إخطار الهيئة، ومناقشة إمكانات الحفاظ على القيد فى البورصة عبر الاستجابة للقواعد الجديدة من عدمه، لأن معظمها تقل نسبة التداول الحر من أسهمها عن 5% من رأس مالها (جميعها لا تعانى من مشكلة مع شرط رأس المال كون رءوس أموالها تصل إلى عشرات أضعاف المبلغ المطلوب). ويصل عدد البنوك التى تمتلك أسهما مدرجة فى البورصة المصرية إلى 22، منها خمسة فقط التى تزيد نسبة التداول الحر منها على 5%، وهى التجارى الدولى، والأهلى سوسيتيه جنرال، وكريدى أجريكول، والإسكان والتعمير، وفيصل الإسلامى. فى حين يصل عدد البنوك التى ستكون مضطرة لزيادة أسهمها المتداولة لتوفيق أوضاعها إلى 17بنكا، مثل (بى إن بى باريبا مصر) الذى لا تزيد نسبة التداول الحر منه عن 0.40%، وبلوم مصر 0.58%، والعربى الإفريقى 1.21%، والوطنى المصرى 1.47%، وبيريوس مصر 2.71% . لكن يبدو أن عددا كبيرا من هذه البنوك سيختار طريق الشطب، وقد ألمحت قيادات عدد منها مثل بنك مصر إيران فى تصريحات صحفية، إلى أنها سترجح قرار الشطب، وأنها لن تزيد حصة التداول الحر منها، كما فضلت أخرى الانتظار حتى حلول الربع الثالث من العام الحالى لتدرس الأمر حتى تتخذ قرارا بشأنه، مثل الاتحاد الوطنى الإماراتى أو الأهلى المتحد. وقال طارق متولى مساعد العضو المنتدب لبنك بلوم مصر، إن بنكه ينتظر ليرى إذا ما كان هناك رجوع عن هذا القرار من عدمه من قبل الجهات المسئولة، خصوصا أن المالك الفعلى له هو بنك لبنان والمهجر «وهو قد لا يوافق على رفع نسبة التداول الحر التى تقل حاليا على 1% » تبعا لمتولى. وأرجع متولى ذلك إلى عدم الحاجة فى الوقت الراهن إلى التداول أو الإدراج فى البورصة، والتى تفيد فى حالة وجود خطط لزيادة رأس المال، أو لعمل توسعات جديدة، «وهما هدفان لا تتضمنهما خطط العمل حاليا» خصوصا أن بلوم مصر (لبنان والمهجر يمتلك 99% من أسهمه) قد قام بزيادة رأسماله من 500 مليون إلى 750مليون جنيه قبل نحو 3 سنوات. وقال أحمد رشدى محلل إستراتيجيات الاستثمار ببنك الشركة العربية المصرفية، إن معظم البنوك التى يفترض أن توفق أوضاعها وترفع نسبة التداول الحر من البنوك الأجنبية، «وهم غير مهتمين بتوفيق أوضاعهم» لأنهم حققوا أغراضهم من وجودهم فى السوق، بزيادة رءوس أموال (قبل حلول الأزمة)، كما أن انخفاض القيمة السوقية للأسهم، يمثل حاجزا بنها وبين إمكانية زيادة عدد أسهمها المتداولة. وأشار إلى ان التراجع الذى حدث فى أرباح كثير من البنوك فى العام الماضى يعد من العوامل الأخرى التى قد لا تشجعها على زيادة نسبة التداول.و كانت عدة بنوك منها كريدى أجريكول والمصرى الخليجى وبلوم قد أرجعت انخفاض أرباحها فى نهاية العام الماضى إلى هبوط البورصة. وتحظى أسهم البنوك المدرجة بأهمية خاصة لدى المستثمر الأجنبى، والمؤسسات وشريحة من المستثمرين الأفراد المصريين، خصوصا بنكى التجارى الدولى، وفيصل الإسلامى، ويرجع ذلك إلى ارتفاع تقييماتهما، وجودة الأداء، كما يفضل البعض بنك فيصل نظرا لأنه يعمل وفقا للشريعة الإسلامية وكلا البنكين تتعدى نسبة التداول الحر فيهما حصة ال5%. وعلى الرغم من ذلك يرى كثير من الخبراء فى سوق المال أن شطب البنوك التى يقل نسبة تداولها عن 5% من رأس المال، لن يؤثر بالسلب أو الإيجاب على البنوك نفسها، أو البورصة، وقال حومدى رشاد رئيس شركة الرشاد لإدارة الصناديق والمحافظ، إن هذه البنوك ليست من الأسهم الجاذبة للشراء لا تحظى بأى تعاملات بالفعل، لذلك لن يخلق شطبها فارقا فى السوق. وتستفيد الشركات أو البنوك المدرجة فى البورصة بالإعفاء الضريبى الممنوح على الأرباح وفقا لقانون الاستثمار، ويعتقد رشاد أن هذا هو السبب الرئيسى لإدراج كل هذه البنوك أسهمها فى البورصة فى وقت سابق، مشيرا إلى أن من يرغب منها بعد ذلك فى عمل زيادة رأس مال، أو تمويل توسعات يستطيع إدراج أسهمه مرة أخرى. واتفق شريف كرارة رئيس شركة المجموعة المالية هيرمس للسمسرة فى الأوراق المالية مع رشاد، وقال إن نسبة التداول الحر من البنوك أو الشركات يجب أن لا تقل عن 15% حتى تكون مؤثرة فى حجم التعاملات، والسوق بصفة عامة. وقال أسامة حامد مدير إدارة الأصول ببنك قناة السويس، إن البنوك لن تخسر من شطبها لكنها تستفيد من تداول أسهمها، لأن ذلك يساهم فى طمأنة المستثمرين المساهمين فيها. وترى بعض البنوك أن دخولها البورصة من خلال تأسيس صناديق الاستثمار أو تكوين محافظ، يعد كافيا وبديل جيد لتداول أسهمها فى البورصة، وقال متولى «إن الصناديق قد تعوض عملية الشطب». وكان بنك بلوم قد أطلق أول صندوق استثمار له قبل أيام، وتولت إدارته شركة برايم، ويستعد حاليا لتأسيس صندوقا ثانيا تديره شركة التجارى الدولى. إلا أن كرارة يرفض وجهة النظر السابقة، ويرى أن هناك فرقا بين كون أسهم البنوك متداولة فى البورصة، وكونها تقوم باستثمار جزء من أموالها أو فوائض الشركات التى تسهم فيها فى البورصة. وكانت استثمارات البنوك المصرية فى الأوراق المالية قد ارتفعت بمقدار 7مليارات جنيه فى شهر أبريل الماضى، وفقا لأحدث تقرير للبنك المركزي. وهو ما انعكس على البورصة التى قد شهدت اتجاها تصاعدياً ملحوظاً خلال تعاملات هذا الشهر لتسجل أعلى مستوياتها على مدار أكثر من خمسة أشهر، حيث أغلق مؤشر EGX30 تعاملات الشهر عند مستوى 5191 نقطة بارتفاع قدره 24% تقريباً عن نهاية الشهر السابق، بينما سجلت الأسهم الأصغر حجماً صعوداً بدرجة أقل حيث سجل مؤشر EGX70 ارتفاعاً بنحو 10.5% تقريباً.