ما هى الرسالة التى يريد الفلسطينيون أن ينقلوها إلى جون كيرى فى بداية جولة الحوار التى يقوم بها من أجل معاودة تحريك المفاوضات بين القدسورام الله؟ حتى الآن يحافظ وزير الخارجية الأمريكى على الصمت، لكن أبومازن وضع عائقا جديدا أمامه. فبعد أن أوضح له الرئيس باراك أوباما أن مطالبته بتعهّد إسرائيلى بالوقف الكامل للبناء فى المستوطنات هو أمر غير عملى، وأن إسرائيل هى دولة يهودية، يطالب الرئيس الفلسطينى اليوم بأن يقوم نتنياهو بعرض خريطة الدولة الفلسطينية. والمناورة التى يقوم بها أبومازن واضحة، فإذا جرى التفاوض على الحدود قبل الموضوعات الأُخرى، ولم يجر نقاش الموضوعات كلها فى وقت واحد، فلن يكون هناك ما يمكن التفاوض عليه. وكل ما يمكن أن يقترحه نتنياهو سترفضه رام الله فورا، وستُعتبر إسرائيل هى المسئولة عن الأزمة، وذلك من دون إمكان اختبار ما إذا كان الفلسطينيون ينوون الموافقة على اتفاق سلام حقيقى.
إن المطالبة بتقديم التفاوض على موضوع الحدود هى مطالبة إشكالية لأن المحامى إسحاق مولخو سبق أن عرض فى الجولة الماضية من المفاوضات المبادىء الأساسية للحدود المطلوبة، وهى قريبة من المواقف التى اتخذتها تسيبى ليفنى فى الماضى البعيد.
وتترافق مناورة أبو مازن مع توجّهين متعارضين: فمن جهة يعلن أبومازن استعداده للتوقف موقتا عن المبادرات الأحادية الجانب فى اتجاه منظمات الأممالمتحدة، لشهرين أو ثلاثة أشهر، لكن من جهة أُخرى نرى عودة الشباب إلى الشوارع، وتجدّد عمليات رشق الحجارة من دون أن يقوم أحد بكبحهم، ولا حتى قوات الأمن الفلسطينية التى تصل رواتبها من إسرائيل (من أموال الضرائب التى تجبيها إسرائيل للسلطة الفلسطينية على المعابر).
وإذا كان صحيحا أن أبومازن تخلى عن نشاطه المستقل فى اتجاه الأممالمتحدة، والذى كان موضع استياء كبير لدى الإدارة الأمريكية، فإن إسرائيل ستضطر هى أيضا إلى تقديم مبادرة ما من جهتها.