عامان على الثورة السورية، ولا يزال الرئيس بشار الأسد أسير السلطة الحاكمة ونظام أبيه الدموى، فعلى الرغم من كونه رئيسا ب«الصدفة»، ومن خارج المؤسسة العسكرية، فقد خاض فى دماء شعبه، وكأنه كان مستعدا لثورة ضد نظامه منذ فترة طويلة. وساعد على هذه الطريقة الدموية فى تعامله مع معارضيه بنية النظام، فهذا النظام أسير حلف ثلاثى يصعب تفكيكه، أولها الجيش الموالى بقوة لآل الأسد، وثانيها الطائفة العلوية التى ينتمى إليها الرئيس السورى (تمثل 12% من سكان البلاد)، وأخيرا النخبة التجارية السنية المسيطرة على المال والتجارة.
لم يلحظ الكثيرون تأثير هذه البنية على سلوك الأسد الابن، فقد اعتقدوا أن «طبيب العيون» لن يكون بدموية أبيه «الضابط الطيار»، بسبب تكوينه العلمى من ناحية، ولأن المصادفة والقدر وحدهما هما من حملاه للسلطة.
لم يتوقع الجميع أن يكون لبشار الأسد موقعا فى السلطة السورية البعثية قبل 1994، لأن الوريث آنذاك لم يكن سوى شقيقه الأكبر الراحل باسل، الذى ظل الأسد الأب يعده لحكم دمشق لسنوات، حيث كان قائدا لأمن الرئاسى.
فى ذلك العام قتل فى حادث سيارة «عريس السماء» أو «الرائد المظلى المهندس»، كما لقب الإعلام الرسمى باسل الأسد.
بعد أن خرج «أبوباسل» (كناية حافظ الأسد) من حزنه على وريثه، استدعى ابنه الثانى بشار من العاصمة البريطانية لندن، حيث كان يدرس تخصص طب العيون، ليعود لدمشق ويبدأ الاثنان رحلة من التدريب على يد الأب القوى والمحنك بخبرات الصراع فى الشرق الأوسط.
ثم حسم الأب الاختيار لصالح بشار، الذى بدأ تدريبه فى القوات المسلحة قائدا كتيبة دبابات فى 1997 حيث ترقى لرتبة مقدم، ثم عميد فى 1999.
وعقب وفاة الأب فى أوائل 2000، اسرع البرلمان السورى خلال دقائق بتعديل الدستور ليخفض سن الترشح لرئاسة الجمهورية من 40 عاما إلى 34 عاما، وهو عمر بشار يوم وفاة حافظ الأسد.
وبالطبع، فاز بشار باستفتاء الرئاسة فى 11 يوليو 2000، بنسبة 97%، ليبدأ عهد «الدكتور الفريق» كما يلقبه الإعلام.
فى بداية عهده أطلق بشار مبادرته للحريات فى البلاد، فيما عرف إعلاميا باسم «ربيع دمشق»، كون بعدها حكومة كفاءات بعيدة نسبيا عن حزب البعث، لكن الأمر انتهى بوأد المبادرة لتعود دمشق إلى خريفها الجاف وشتاء الموحش.
وصف القيادى اليسارى المعارض منصور الأتاسى ما جرى بقوله: «بدا النظام حينها مستسلما للجناح المتشدد فى الحزب، لكننا الآن نعرف أن بشار هو من كان يقود الأمور، وأنه أكثر تشددا من أى متطرف بعثى».
وبحسب أستاذ الاجتماع السياسى فى الجامعة الأمريكية سعيد صادق فإنه منذ ربيع دمشق صار الأسد «أسير السلطة»، ممثلة فى جيشه وقواه الأمنية، وطائفته العلوية وحلفائه من النخبة السنية.