بعيدا عن أحداث التحرير والمشكلات الأمنية التي لحقت بمحيط مقر مجلس الوزراء، عقد رئيس الوزراء، هشام قنديل، جلسة مباحثات مع نظيره الليبي، علي زيدان، عصر اليوم الخميس، بمقر الهيئة العامة للاستثمار بمدينة نصر؛ لبحث القضايا العالقة والمتأزمة بين البلدين، لكنهما رفضا الإفصاح عن إجراءات فعلية بشأن حل هذه القضايا، واكتفيا بالتأكيد على حسن العلاقات بين البلدين التي تحكمها الجيرة والأخوة. وقال قنديل، في افتتاح المؤتمر، إن مصر وليبيا يواجهان تحديات كبيرة لتحقيق أهداف التنمية والثورة، ما يستدعي أهمية التعاون في إطار المصلحة والتقارب بين الدولتين، قائلا: «لا خيار في هذه العلاقة التي تحددها ملامح الجيرة والحب».
وأضاف قنديل أن المباحثات تناولت اتخاذ إجراءات لتيسير التنقل عبر حدود البلدين، آخذا في الاعتبار الجوانب الأمنية والتعاون الثنائي في مجال العمالة المصرية في ليبيا وتوفيق أوضاعهم، وإرسال العمالة في المستقبل من خلال عقود منظمة وشهادات لضمان حسن المعاملة، مؤكدا أن السوق الليبي الآن أصبح مفتوحا أمام الشركات المصرية لإعمار ليبيا.
وأوضح قنديل أنه سيتم تشكيل لجنة مصرية ليبية مشتركة لبحث الملفات الأمنية والاقتصادية والتعليم والصحة والإنشاءات، والتعاون في المجال الأمني وضبط الحدود ومنع التهريب، والتنسيق لمصلحة أمن البلدين، حتى تصل العلاقات بين البلدين للمستوى المرجو.
ورفض قنديل التطرق إلى القضايا العالقة بين البلدين، خاصة موضوع الأموال الليبية المهربة لمصر والأصول الليبية المجمدة في مصر، ومشكلات الاستثمارات الليبية في مصر، مكتفيا بالتأكيد على حسن نية الحكومة في تحسين العلاقات بين البلدين.
ومن جانبه أبدى علي زيدان، رئيس الوزراء الليبي استياءه من سوء التعامل مع الاستثمارات الليبية في مصر والتعدي على الممتلكات الليبية في الأراضي المصرية، قائلا: «أخاطب مصر شعبا وحكومة في حماية والحفاظ على الاستثمارات والممتلكات الليبية»، مضيفا: «يفزعنا ما يحدث من تعد على الاستمارات الليبية، ونتمنى أن نستثمر في مصر مستقبلا».
وأضاف زيدان أن ليبيا الآن أصبحت لديها سياسة خارجية تقضي منع تصدير الإرهاب إلى دول الجوار، قائلا: «قد أكون تأخرت في زيارة مصر، لكن هذا يعني الاطمئئنان إلى مصر والاستناد إلى جار آمن».
وأضاف زيدان أنه رغم ما يحدث في ليبيا من تداعيات عدم الاستقرار، ونقول لمصر نحن نمد يد نظيفة تحمل كل ملامح الأخوة والصداقة، كما أتينا إلى مصر لنؤكد على جملة من القضايا هي أن الأخوة والجوار والعلاقة التي تربط ليبيا بمصر ستظل من أوائل اهتمامات السياسية الخارجية لليبيا، ومسح التشوهات التي شابت العلاقات بين مصر وليبيا في ظل نظام القذافي.
وأضاف زيدان أهمية الاهتمام بالوضع الأمني بين مصر وليبيا وعلى رأسه عملية ضبط الحدود وإحكامها باتفاقيات تحفظ البلدين.
وأوضح زيدان أن المنطقة الحدودية مع مصر شابها نوع من الاحتقان في الفترة الماضية، بسبب فرض التأشيرة على سكان المناطق الحدوية، وكان هذا واجبا لتداعيات الموجودة حفاظا لأمن مصر وليبيا، وهو أمر عارض، وإذا استقرت الأمور سيُزال ذلك.
وأضاف أنه سيتم فتح قنصلية مصرية في طبرق وأخرى ليبية في السلوم، لافتا إلى أن هذا لا يعني ترسيخ مبدأ التأشيرة بين مصر وليبيا ولكنها تسهيل للحركة إلى أن تستقر الأمور.
وحول التعويضات المستحقة للمصريين، أكد زيدان أنها تُدرس من لجان متخصصة، لافتا إلى أن الثورة الليبية طالت العديد من المواطنين الليبين قبل المصريين، ولكن الأمر في الاهتمام وعند الوصول إلى نتائج سيتم الإعلان عنها، مؤكدا جدية الحكومة في التعامل مع هذه الملفات وحلها قريبا.
وفيما يتعلق بوضع العمالة المصرية في ليبيا قال زيدان إنه تم الاتفاق على تسهيل وترتبيات العمالة المصرية من خلال وزارتي القوة العمالة في مصر ولبيبا مؤكدا أن الترتيبات أمامها أيام وتنتهي.
وأضاف زيدان أن الأموال الليبية المجمدة في مصر ليست لها علاقة بقرار من الحكومة المصرية، ولكنها كانت بفعل من قرار لجنة العقوبات في مجلس الأمن، وفك هذه الأموال يتطلب جهد من السلطات الليبية في مخاطبة مجلس الأمن لإعادة هذه الأموال.
وحول وجود عناصر من النظام الليبي السابق في مصر مشتبه في تورطها بقيادة الثورة المضادة، أكد زيدان أن حكومته متأكدة من وجود هذه العناصر في مصر، ولكننا متأكدون من أن مصر على اهتمام بألا تتيح أراضيها لأي لاجئ سياسي يستهدف الأمن الليبي، ونحن على ثقة بتعهدات مصر.
وفي هذا الصدد، أكد قنديل أن مصر لن نتدخل في شئون الدول الأخرى، ولكن يسعدنا أن تستقر الأمور فهناك رغبة من الطرفين في إنجاح الاستقرار في البلدين.
ورفض زيدان الإفصاح عن ملف المطلوبين الليبين في مصر، قائلا: «هذا ملف قضائي يقتضي التعامل فيه بنوع من التكتم».