يعتزم البابا بنيديكت السادس عشر، بابا الفاتيكان، الاستقالة من منصبه البابوي بحلول نهاية الشهر الجاري، اذ يقول البابا انه تقدم في العمر على نحو يعوق استمراره في آداء مهامه بعد بلوغه سن الخامسة والثمانين. ويقول مراسل بي بي سي ان هناك سوابق تاريخية تشير الى تقديم استقالات باباوية.
جاءت خطوة البابا صادمة للجميع، غير أنه من الناحية النظرية، لم يحل أي شئ دون اقدام البابا بنيدكت، وكذا اي من اسلافه، من تناول ورقة من مكتبه وصياغة مسودة استقالة وتسليمها لمجمع الكرادلة، أعلى هيئة انتخابية للكنيسة الكاثوليكية.
وتعد مثل هذه الاستقالة، بموجب القانون الكنسي، سارية فقط حال صياغتها طواعية ونشرها على نحو لائق.
لكن العصر الحديث لم يشهد حتى الان تقديم أحد باباوات الفاتيكان مثل هذه الاستقالة .
ففي عام 2005 اعلن الفاتيكان عن سبق تفكير البابا يوحنا بولس الثاني في الاستقالة من منصبه قبل خمس سنوات من ذلك عندما بلغ سن الثمانين. وقال بحسب ارداته وشهادته انه يأمل "ان يساعده الله في معرفة كم سيمد له من العمر كي يواصل تقديم خدمته."
شهادة التاريخ روج مؤخرون دوما تكهنات بأنه خلال الحرب العالمية الثانية كتب البابا بيوس الثاني عشر وثيقة تفيد بأنه ان كان مقدر خطفه على يد النازيين فسيفكر في تقديم الاستقالة وينبغي اختيار من يخلفه.
وفي الوقت الذي أجل فيه الفاتيكان الاعلان الكامل عن وثائق تتعلق بالبابا بيوس نظرا لوجود خلاف بشأن رد فعله ازاء الهولوكوست النازي، فليس هناك من وسيلة تثبت صحة ذلك.
بالرجوع الى تاريخ أبعد نرصد آخر حالة لاستقالة أحد الباباوات ترجع لخمسة قرون، وهي للبابا غريغوري الثاني عشر الذي قدم استقالته في الفترة بين اعوام 1406 الى 1415، اذ فعل ذلك لوضع حد لما اطلق عليه بالانشقاق الغربي.
وفي ذلك الوقت ظهر ثلاثة مطالبين بتولي الكرسي البابوي هما: البابا غريغوري الثاني عشر بابا كنيسة الروم الكاثوليك، والبابا بنيديكت الثالث عشر بابا افينيون، والبابا يوحنا الثالث والعشرين بابا أنتيبوب.
وقبل تقديم الاستقالة عقد غريغوري مجلسا كنسية رسميا، وكلفه بانتخاب خلف له.
وهناك مثال آخر لتقديم استقالة باباوية يعود إلى تاريخ ابعد من ذلك، إلى عام 1294، حيث اصدر البابا سيليستين الخامس، بعد خمسة اشهر فقط من انتخابه، مرسوما رسميا يعلن من خلاله السماح للبابا بان يقدم استقالته، وقد فعلها بعد ذلك.
وعاش بعدها لعامين حياة الناسك، ثم أعلنته الكنيسة قديسا، اذ قطع المرسوم الذي اصدره أي شك خالج المحامين الكنسيين بشأن صحة الاستقالة الباباوية.
صدمة حقيقية لكن قرار البابا بنديكت السادس عشربالاستقالته من منصبه الرفيع جاء بمثابة صدمة حقيقية للكاثوليك في شتى ارجاء العالم.
ورأس البابا الكنيسة الكاثوليكية وتخللت فترة تبوئه منصب البابا أحداث عاصفة مست الكنيسة الكاثوليكية، منها اتهام رجال دين كاثوليكيين بالضلوع في انتهاكات جنسية لأطفال، وقد بدأ مهامه في فترة صعبة تخللتها تغييرات جذرية في العالم.
ودافع الفاتيكان بقوة، طيلة هذه الفترة، عن باباوية بنيديكت السادس عشر وسجله خلال فترته عندما كان كاردينالا رئيس اساقفة ميونيخ ثم رئيسا في وقت لاحق لمجمع عقيدة الإيمان، ومجلس مراقبة الفاتيكان المعني بتأديب القساوسة المتهمين بسوء السلوك.