فيما تدخل أزمة النائب العام، مراحلها الأخيرة، وانتظار أعضاء النيابة العامة المهلة التي حددها وزير العدل، المستشار أحمد مكي، لحل الأزمة من قبله، وقيام بعض وكلاء النيابة بتعليق العمل جزئيا فى المحاكم.. كان لنا حوار مع المستشار عبد الله فتحى، وكيل أول نادى قضاة مصر، ونائب رئيس محكمة النقض، الذي قال إن تعليق العمل كليا خطوة مطروحة أمام أعضاء النيابة العامة بعد انتهاء المدة المقررة لإنهاء الأزمة، وسيلجأ إليها أعضاء النيابة بعد فشل كل محاولاتهم لإقناع النائب العام بترك منصبه.
وأكد فتحي في حواره مع "الشروق"، أن هذا القرار اتخذه أعضاء النيابة وليس النادي، لكنه يعبر عن رغبة القضاة وما يرونه صحيحا، وإلى نص الحوار..
** ترفضون تدخل الجهات التنفيذية فى شئون القضاة، ورغم ذلك استعنتم بوزير العدل لحل أزمة النائب العام؟
لن نقبل بتدخل أى جهة للضغط على النائب العام المستشار طلعت عبد الله للرحيل عن منصبه، حتى لو كان وزير العدل، لأن ذلك ينال من استقلال القضاء، وهذا ما نرفضه، لكننا نخاطب ضمير القاضى المستشار طلعت عبد الله، أن يحافظ على استقلال القضاء وهيبة منصب النائب العام، ويوقف المهزلة الحالية بقرار تخليه عن منصبه، وهذا الموقف هو موقف قضاة مصر جميعا، ومن ثم فلم يكن هناك مبرر أو داعى لحشد نادى القضاة، فرفض القضاة وأعضاء النيابة لبقاء النائب العام فى منصبه هو أمر تلقائى، فضلا عن أن اتهام نادى القضاة بالحشد ينطوى على إساءة لقضاة مصر جميعا ونادى القضاة، ولا نقبلها لأن القضاة يحكموا ضمائرهم فى كل شيء ولا يحشدون، ولا يقبلون أى ضغوط من أى جهة حتى لو كانت نادى القضاة وإنما يعبر فقط عن إرادة القضاة وما يجيش فى صدورهم وهو حريص أن يكون تعبيره عنهم تعبيرا صادقا.
** ما هو موقف نادى القضاة من إضراب النيابة الكلى؟
هذا طرح جديد وسيناقش فى جمعيتهم العمومية بعد غد الاثنين وإننا ندق ناقوس الخطر لنحذر من لا يبالون بالإضراب الجزئي المستمر منذ نحو 40 يوما، وأعضاء النيابة هم الذين سيتخذون هذا القرار بعد فشل كل المحاولات فى حل أزمة النائب العام، ونادى القضاة يمتثل لقرارات أعضائه ولم يتدخل لتوجيهم لذلك القرار.
** وماذا عن تعيين محامين عموميين ورؤساء نيابات بدلا من الرافضين للنائب العام؟
هى إجراءات طبيعية لا تشير إلى شيء سواء سلبي أو إيجابي، فاختيار بعض المستشارين كمحامين عموميين بدلا من السابقين الرافضين لتواجد النائب العام فى منصبه أمر طبيعي تتطلبه مجريات أمور العمل، ولا يعني ترسيخ أقدام الرجل داخل النيابة العامة، لكن مكمن الخطورة في توجه من تم تعيينهم، هل هم منتمون إلى تيارات معينة أم لا؟، ونحن نطالب النائب العام بالتدقيق فى اختيار مساعديه والمحامين العموميين، ولا يجب أن يكون من بينهم أصحاب توجهات سياسية.
** إلى أى حد وصلت أزمة النائب العام الآن؟
الأزمة وصلت وزير العدل بعدما كان الطريق مسدودا بسبب تجاهل القائمين على أمور القضاة جميعا، وعدم اكتراثهم بالموقف الرافض للنائب العام، مما أوصل الأزمة إلى نفق مظلم.
** الأمور تشير إلى احتمالية حدوث مذبحة للقضاء مثل مذبحة 1969 فما رأيك ؟
يتعرض القضاة الآن لمذبحة، فما يحدث من اعتداءات ومحاولات للنيل من القضاء بقرارات وقوانين تتعارض مع أبسط المبادئ القانونية والدستورية، والأسوأ الاعتداءات المادية التى تعرض لها القضاة، من محاصرة للمحكمة الدستورية العليا ومنع قضاتها من عقد جلساتهم، ومحاصرة نيابة مدينة نصر أثناء التحقيق مع أحد المتهمين بحيازة سلاح، ما اضطر النيابة إلي إخلاء سبيله، وأى ما كانت أبعاد مذبحة 1969 فحجمها يتضاءل بالمقارنة بما يحدث الآن من مذابح متكررة للقضاة.. فأى تصرف أو قرار اتخذ ضد القضاة قبل مجيء الرئيس المنتخب أقل بكثير مما حدث مع القضاة بعد مجيئه.
** هناك اتهامات لنادى القضاة ورئيسه بتحريض أعضاء النيابة العامة؟
هذه اتهامات باطلة، وهذا الموقف الرافض لبقاء النائب العام فى منصبه ليس قاصرا على أعضاء النيابة العامة فقط، ولكن كثير من القضاء أعلنوا رفضهم لذلك، فى جمعيتهم العمومية التى حضرها ما يزيد عن 9 آلاف قاض وعضو نيابة، وأعضاء النيابة العامة رجال لا يحرضهم أحد، وهذا هو موقفهم الذى يتطابق مع موقف جموع القضاة.
** النائب العالم المساعد صرح من قبل بأن عدد الرافضين لبقاء النائب العام 8% فقط؟
هذه الأرقام التى يدعيها البعض تندرج تحت الاتهامات الباطلة، فتارة يتهمون النادى بحشد أعضاء النيابة، وتارة يتهمون أعضاء النيابة الرافضين بالقلة، وهم يغالطون أنفسهم ويعلمون ذلك.
** ما رأيك فيما يثار عن محاولات "أخونة" القضاء؟
اعترض على لفظ "الأخونة" فالإخوان فصيل وطنى، ونحن لا نخشى من "الأخونة"، لكننا نخاف من أى محاولة لإخضاع أى مؤسسة من مؤسسات الدولة على نحو مخالف للقانون، وهو ما سيرفضه الشعب المصرى، أما ما يخص القضاء فهذا القول لا مجال له تماما، لأن القضاء بحكم رسالته وطبيعة عمله حصن للمواطنين جميعا.
** أثير مؤخراً الحديث عن تدويل القضية باللجوء إلى القضاء الدولي؟
القضية بشكل أو بآخر تم تدويلها، والعالم كله يراقب ما يحدث فى مصر الآن من تعد على السلطة القضائية، وهو ما دفع 61 محكمة دستورية عليا تتوجه إلى تعليق عملها تضامنا مع القضاء المصرى فمصر لها مكانتها بين الدول، أما التدويل فى المحاكم الدولية وعرض القضية فى اتحاد القضاء العالمى أمر نؤجله حاليا، ونأمل أن يكون هناك حلا غير تدويل القضية.
** ماذا عن لقاء وزير العدل مع رؤساء أندية القضاء وأعضاء مجلس إدارة نادى القضاة للتدخل لرحيل النائب العام عن منصبه؟
ج: لم يكن القصد من اللقاء استخدام وزير العدل للضغط على النائب العام، ولم نجتمع معه بصفته وزيرا للعدل، ولكن اجتمعنا معه بوصفه قاضيا صادقا، وأحد شيوخ القضاة السابقين ممن عرف عنهم فى السابق الدفاع عن القضاء واستقلاله وتاريخه القضائى، يجعله مسؤولا الآن قبل أى وقت آخر في الدفاع عن استقلال القضاء والحفاظ على هيبته وكرامته بشتى الطرق، وأيا كانت الوسيلة هذه، فما دعانا إلى لقائه والذى كان لقاءً وديا وموضوعيا ونوقشت فيه الأزمة من كافة جوانبها وعرض الجميع وجهات نظره ووعد بالعمل على إيجاد حل لهذه الأزمة خلال فترة زمنية ستنتهى بعد غد الاثنين ونحن ننتظر حل الأزمة على يده وإن كانت لا تظهر أى دلائل على حلها إلى الآن.
** اتجه أعضاء النيابة مؤخرا على جمع توقيعات من جميع النيابات على مستوى الجمهورية لعزل النائب العام عن منصبه.. إلى ما وصلت هذه التوقيعات ولمن ستقدم؟
هذه ليست المقصود منها توجيها إلى أمر ما، وهو بمثابة تصرف تلقائي، منهم بعض التصريحات غير المسؤولة التى تضمنت أنهم قلة، فقرر أعضاء النيابة جمع التوقيعات لإظهار كثرتهم وعلى أعضاء النيابة أن يبرهنوا للجميع أنهم ليس قلة، وهذا موقف سيتخذه معظم أعضاء النيابة بإجراء توثيقى لا أكثر ولا أقل للرد على هذه التصريحات بشكل علمى وموثق.
** هناك ضغوط تمارس من المحامين العمومين على أعضاء النيابة لاستمرار العمل وعدم تعليقه.. ما موقفكم منها؟
نهيب بالنائب العام أن يسارع بإنهاء هذه الأزمة دون ثمة أى إجراءات تعسفية أو ترهيب أو ترغيب لأعضاء النيابة العامة، لما قد يسبب تداعيات خطيرة للأزمة.