أزمة جديدة خرجت من رحم الأزمات السياسية الراهنة، علي خلفية إصدار النائب العام المستشار طلعت عبد الله، أمس الأول، قراراً بندب قاضٍ من وزارة العدل للتحقيق مع قادة جبهة الإنقاذ الوطني بتهمة الخيانة العظمي والتحريض علي قلب نظام الحكم، وفي مقدمتهم محمد البرادعي وحمدين صباحي وعمرو موسي وآخرين. ووصف أعضاء بارزون بالجبهة، قرار التحقيق مع رموز المعارضة بأنه "مهزلة وكوميديا سوداء"، وقال عضو لجنة الوساطة بالحوار الوطني الذي ترعاه الرئاسة محمد أنور السادات، إن قرار إحالة قادة المعارضة للتحقيق بتلك التهم "خاطئ وغير مقبول".
ومن جانبه، تساءل القيادي بحزب الدستور جورج إسحق: "كيف يمكن التحقيق مع محمد البرادعي الحاصل علي جائزة نوبل؟"، وتابع: "هذه مهزلة، واتهامه بالخيانة العظمي يعكس جهلاً واضحاً لدي أولي الأمر، دول ناس جهلة، ومصر تدار الآن بطريقة متدنية جداً، وبدون لياقة ولا ذوق ولا ملائمة".
وأضاف اسحق: "المسألة خطيرة جداً وسنحاسب من يقفون خلفها حساباً عسيراً، وسنقيم دعوى ضد أصحاب تلك الاتهامات، ليثبتوا لنا ما جاء في دعواهم، بيننا اختلافات بلا شك، ولكن الاتهام بالخيانة آخر ما كان يمكن أن نفكر فيه أو نتوقعه، وغير وارد أن يمثل قادة الجبهة لمثل هذا التحقيق، وأحمل وزير العدل مسئولية ما يحدث من مهازل".
وقال القيادي بالحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، عماد جاد: "هذه كوميديا سوداء، تهمة قلب نظام الحكم تعيدنا إلي أجواء اتهامات الستينيات والسبعينيات، وهذه مسخرة في رأيي، ومثل هذه التحقيقات ستدقع مجموعة من التيارات السياسية للعودة إلي التظاهر بالشارع وعدم خوض الانتخابات البرلمانية، فنحن إزاء نظام لا يمكن المراهنة عليه في ضوء ما نراه، ونريد أن نري أدلة بشأن هذه الاتهامات، وإلا فيجب التحقيق مع النائب العام ووزير العدل ورئيس الجمهورية".
وتساءل جاد: "كيف يستقيم الحوار الوطني مع مثل هذه الاتهامات؟ كيف يتحاورون مع خونة؟ بحسب زعم تلك الدعوى، المفترض أن من يحرك تلك الدعوى تكون لديه مؤشرات على الخيانة مثل تحويلات لأموال أو تسجيلات، وإلا يعتبر هذا نوعا من التشهير، ووارد جداً أن يكون هناك تحرك قضائي مضاد من جانبنا".
من جانبه وصف عضو لجنة الوساطة المنبثقة عن الحوار الوطني، ورئيس حزب الإصلاح والتنمية، محمد أنور السادات، قرار النائب العام بإحالة رموز جبهة الإنقاذ للتحقيق، ب"الخاطئ وغير المقبول"، وقال في بيانه، ظهر أمس: "قرار النائب العام بانتداب قاضٍ للتحقيق مع رموز وقيادات جبهة الإنقاذ الوطني بتهمة الخيانة العظمى، يدل على انتفاء الحس السياسي وسوء الفهم والتقدير لما تمر به مصر الآن من أحداث ومصائب مؤسفة، حتى وإن كانت هناك تجاوزات صدرت منهم". وأضاف: "في الوقت الذى نسعى فيه جميعا إلى المصالحة ولم الشمل والمواءمة السياسية، يفاجئنا النائب العام بهذا القرار الخاطئ وغير المقبول، الذى يغلق الباب أمام أي مساعٍ نحو الاستقرار السياسي ووحدة الصف والتكاتف من أجل المصلحة العليا لهذا الوطن". واستطرد السادات: "احترمنا نتيجة الاستفتاء وأردنا أن نتعامل مع الواقع حتى تتاح لنا الفرصة لتغييره بالطريق الديمقراطي، وفى ظل الانهيار الاقتصادي المقبل علينا، تصدر مثل هذه القرارات التي تثير وتهيج الرأي العام وتمحو الأمل في الجلوس والمصالحة والعمل من أجل مصر في هذا التوقيت الحرج بسبب قرارات تصدر بدون عقل وتفكير وجهل بألف باء سياسة".