مع كل مجلس أمة جديد فى الكويت تلقي قضية اسقاط فوائد القروض بظلالها على الساحة المحلية ، تبدأ باثارة النواب لها بتصريحات ، ثم تسابق على ترجمة التصريحات الى اقتراحات بقوانين ، وبعد شد وجذب داخل اللجنة المختصة يتم رفع التقرير النهائي للقضية الى المجلس ، فان تمكن المجلس من اقراره في المداولتين ترده الحكومة ، ولانه لا توجد الاغلبية الخاصة لرده مرة أخرى ، يتم قفل باب القضية حتى يأتي مجلس جديد ويتكرر السيناريو ، او يتم فتح باب صندوق المعسرين من جديد .
ولعل هذا هو الاختبار الاول للعلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية فى اجتماعات مجلس الامة التى تتواصل غدا ، ليطرح موضوع مرسوم الصوت الواحد وقضية فوائد القروض ، خاصة وأن الدعاية الانتخابية قبل الانتخابات البرلمانية كانت تركز على هذه القضية ، ولان من يدفع نحوها بقوة هم نواب "الصوت الواحد" الذين يأمل ان يتمكنوا من اجتياز عنق الزجاجة .
ويقول مراقبون إن مؤشرات المشهد السياسي الأولية لم تختلف كثيراً عن تلك التي رافقت بدايات مجلس 2012 المبطل ، فطرح القوانين الشعبية كشراء فوائد القروض، وزيادات القرض الإسكانى ، وعلاوات الأطفال وغيرها من القوانين ذات الكلفة المالية تصدرت قائمة الاقتراحات المقدمة ، ويعلم النواب يقينا ان هذه القوانين لن تقر، مهما كلف الامر الحكومة ، الا انهم مصرون على تكرار اخطاء المجالس السابقة في التعامل مع هذه القضايا ، ووفق مصادر نيابية فان هناك اصرارا نيابيا من قبل البعض على الدفع بقوة نحو اقرار قانون فوائد القروض من أجل رد الجميل للناخبين واثبات ان هذا المجلس جاء من أجل مصلحة الشعب وليس كما يقال عنه /انه ضده/ ، ويعلمون في الوقت نفسه أن هناك غيرهم من النواب لا يدعمون هذا التوجه ، لافتقاده مبدأ العدالة بين المواطنين .
وكشفت مصادر نيابية عن مقترح يعالج قضية القروض انطلاقا من اسقاط الفوائد وذلك عبر حصول البنوك على اموالها من خلال عدم دفعها نسبة النصف في المائة من الارباح للدولة سنويا ، مؤكدين على ضرورة ان تتعاطى الحكومة بهدوء ومنطقية مع المقترحات النيابية في شأن القروض حتى لا ينعكس ذلك سلبا على التعاون بين السلطتين ، لانها قضية جوهرية وتشكل حجر الزاوية في مدى جدية الحكومة في التعاون مع المجلس ، وأن على الحكومة ان تتعاطى مع هذه القضية بشكل ايجابي وان تستمع لكل الآراء ، خاصة وأنها قادرة على تسوية هذه القضية ولديها فوائض مالية كبيرة ويجب عليها ان توظف هذه الفوائض لخدمة المواطنين وتحسين ظروفهم المعيشية وفي مقدمتها القروض التي تلتهم كل مواردهم المالية .والى الان لم تعلن الحكومة عن موقف محدد من قضية القروض ، غير أنها اكدت أنها لا ترضى بالظلم او عدم تطبيق القانون ، وإذا تبين للجان الوزارية ان هناك فوائد تم تحصيلها من المواطنين بغير حق - وهو ما يعرف بالفوائد المركبة - فإنها لن تتوانى في معالجة هذا الامر ولكن لن يكون بمفهوم اسقاط فوائد القروض على اطلاقها .
قضية فوائد القروض تلقى بظلالها إضافة 1 وأخيرة 50 24/12/2012 06:31 GMT
النشرة: محلية 50 24/12/2012 06:31 GMT الكويت / مجلس الأمة / قضية قضية فوائد القروض تلقى بظلالها إضافة 1 وأخيرة
ويشير المراقبون الى أن لغة الخطاب فى تصريحات النواب هي الأخرى لم تشهد تغييراً يذكر، فالتصعيد والتهديد بالاستجوابات تسيد الأحداث ، فنائب رئيس الوزراء وزير المالية مصطفى الشمالي كان هدفاً نيابياً في المجلس "المبطل" ، وهدفاً جديداً في المجلس الجديد من بوابة المقترحات الشعبية ، وأصبح "عرفاً" أن التهديد بالاستجوابات والتصعيد ، والضغط على الحكومة عبر القوانين الشعبية يحققان للنواب مكاسب انتخابية وسياسية ، وهو ما يطمح إليه كثير من أعضاء المجلس الجدد ، بغض النظر عن تصنيفهم كموالاة أو معارضة. وتهديد وزير المالية مصطفى الشمالي بالاستجواب ، يستغربه المراقبون ويرونه غير مبرر وغير مفهوم ، لان موقف الشمالي من القضية لم يتغير، فقد وقف علنا ضد المجلس المبطل الذي كانت به اغلبية معارضة تشكل هذه القضية احدى اهم اولوياتها ، وكان نتيجة موقفه وهو يعلم ذلك مسبقا اغتياله من قبل الاغلبية التي جهزت طرح الثقة به قبل استجوابه ، مما ادى الى اعلان استقالته من على منصة الاستجواب بعد مواجهة الاستجواب ، ولم يكن هدف الشمالي من موقفه الرافض لاسقاط فوائد القروض ، هو خسارة تأييد النواب له ، والا كان رضخ لهذه المطالبات النيابية من البداية ، وكسب رضاهم ، انما هدفه هو يقينه بان هذا القانون له اثر سلبي على الاقتصاد الوطني ، ولا جدوى اقتصادية منه ويضر به ، ولا يحقق العدالة بين المواطنين. ويحذر المراقبون من تقديم الحكومة لتنازلات لاعادة التوازن فى العلاقة مع السلطة التنفيذية ، وتمرير قوانين ومشاريع قد لاتقتنع بها ، الأمر الذي يجعل العلاقة بين السلطتين قائمة على المقايضة السياسية ، مشددين على خطورة بناء علاقة بهذا الشكل بهدف تحقيق الاستقرار، مؤكدين أن التنازلات التي ستقدمها الحكومة للنواب ستكون بلا نهاية وبأثمان مرتفعة ، وسيرتفع سقفها مع ارتفاع القضايا المطروحة على الساحة ، بل وستكون على حساب القوانين التنموية التي ستجد نفسها أسيرة لمقايضات بين الحكومة والنواب حتى ترى النور. ووسط هذه المجادلات والحرب الكلامية ، مازال النواب فى حالة قلق من صدور حكم المحكمة الدستورية فى الطعون المقدمة بمرسوم الضرورة بتعديل قانون الانتخاب ، ويعيشون فى هاجس تكرار إبطال المجلس عبر حكم "الدستورية" ، والخوف من العودة إلى الانتخابات أمر لم يسقط من حساباتهم ، وهو ما يتطلب من النواب العمل "مؤقتاً" كمرشحين إلى حين تجاوز مرحلة الطعون ، سواء من حيث القوانين الشعبية أو معارضة الحكومة بشدة ، حتى يضمنوا نجاحهم مرة اخرى اذا تم حل المجلس . أما الحكومة فهي مازالت تتابع الساحة عن كثب لمعرفة نتيجة رهانها على "الصوت الواحد" ، ولم تحمل بالونات الاختبار التي أرسلتها في انتخابات رئاسة المجلس ونائبه ، وكذلك اللجان البرلمانية نتائج مشجعة لها ، بل كانت الرسالة واضحة وهى أن المعارضة مازالت فى المجلس ، وأن المواجهة بين السلطتين قادمة لا محالة. ويتوقع المراقبون كلفة باهظة ستدفعها الحكومة اذا واجهت المجلس وقوانينه الشعبية واستجواباته لتتخلص من ثوب "الخضوع" ، أو اذا عادت إلى عباءة المقايضة مع النواب وتمرير المعاملات والتعيينات وغيرها لشراء ودهم ، فكلاهما ثمنه مر وتكلفته عالية .