سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فرض رسوم الإغراق.. حماية للصناعة المحلية أم زيادة لنفوذ الكبار؟ وزير الصناعة والتجارة: الحفاظ على الصناعة المحلية مهمتنا.. وارتكاب أى مخالفة سيؤدى إلى إلغاء القرارات
رسم إغراق على السكر.. رسم إغراق على الحديد.. رسم إغراق على البولى بروبلين.. فرضتها وزارة الصناعة والتجارة الخارجية الفترة الأخيرة، بالإضافة لعدد من السلع الأخرى، فى خطوة منها لمساندة الصناعة المحلية. إلا أن هذه القرارات أثارت اعتراضا كبيرا من جانب الخبراء، لما قد تساهم فيه من خلق كيانات احتكارية فى السوق المحلية تتحكم فى الأسعار وتضر بمصلحة المستهلك. «هذه القرارات لن تكون الأخيرة فى عهدى، فالمنهج الأساسى للوزارة حاليا هو تبنى مجموعة من السياسات التجارية التى تخدم الصناعة المحلية. كثير من المصانع مهدد بالإغلاق نتيجة تكدس المنتجات لديها وعدم قدرتها على البيع، وذلك بسبب انتشار المنتجات المستوردة فى السوق المصرية»، يقول وزير الصناعة والتجارة، حاتم صالح، ل«الشروق».
وكان وزير الصناعة والتجارة قد أصدر قرارا بفرض رسم إغراق على الحديد المستورد قيمته 6.8%، منذ ما يقرب من أسبوعين، وقرارا آخر بفرض رسم إغراق على السكر الأبيض 20%، و17% على السكر الخام، وآخر على الغزول القطنية، وآخر على مادة البولى بروبلين.
وتعالت الأصوات من الأوساط الصناعية اعتراضا على هذه القرارات، فعلى سبيل المثال، اعترض مصنعان للبلاستيك على فرض رسم إغراق على البولى بروبلين، خاصة أن هناك شركتين فقط تتوليان إنتاج هذه المادة، ويعد رجل الأعمال فريد خميس، عضوا فى مجلس إدارتهما. وكان لرسم الإغراق على الحديد، والسكر، جانب كبير من الاعتراضات، لما يتسبب فيه من ارتفاع الأسعار لعديد من السلع الاستراتيجية فى السوق المصرية. فعلى سبيل المثال، شهد سعر طن الحديد زيادة فورية تتراوح بين 200 إلى 300 جنيه، بينما سجل طن السكر زيادة تتراوح بين 150 و300 جنيه. «هذه القرارات تزيد من التكتلات الاحتكارية، خاصة أن الشركات المسيطرة على جميع السلع الكبيرة، وهى التى طالما نادت بهذه الاجراءات الحمائية للدفاع عن مصالحهم التجارية»، بحسب ما توضحه ماجدة قنديل، الخبيرة الاقتصادية، والمدير التنفيذى السابق للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية.
ويتفق مع هذا الرأى وليد هلال، رئيس جمعية صناع مصر، والذى طالما حارب قرار فرض رسم إغراق ضد واردات البولى بروبلين، مؤكدا أن بعض رجال الصناعة يستغلون نفوذهم، ويمارسون ضغوطا على الحكومة من اجل حماية نشاطهم والتحكم فى الأسعار، وهذا أمر غير مقبول.
فى الوقت نفسه، ينتقد أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين، قرار فرض رسم إغراق على السكر، «هذه السلعة الاستراتيجية»، وأكبر دليل على خطأ القرار، الزيادة التى يشهدها سعر هذا المنتج منذ تطبيق القرار، ويؤكد شيحة أن مثل هذه القرارات لا تصب فى صالح الصناعة الوطنية وتؤثر على المستهلك بخاصه مع غياب اى دور رقابى للدولة، وهو ما يسمح للتجار بتعطيش السوق وارتفاع الأسعار.
«نحن لا نجامل طرفًا على حساب آخر، فنحن نقوم بفرض رسوم إغراق على السلع الواردة من الخارج، والتى تضر بالفعل بالصناعة الوطنية، ولا نحابى رجال الأعمال، فهذا غير صحيح»، بحسب قول إبراهيم السجينى، رئيس جهاز مكافحة الدعم والإغراق، التابع لوزارة الصناعة والتجارة، مشيرا إلى الجهاز أصدر قرارات بفرض رسم صادر على الإغراق حتى الآن لواردات مصر من 64 دولة حتى الآن، فى القطاعات الهندسية، والنسيجية، ومواد البناء، والكيماوية، والغذائية.
وكان فرض رسم إغراق على الحديد المستورد من اكثر القرارات التى أثارت ضجة، مع وجود عدد محدد من الشركات التى تسيطر على سوق الحديد فى مصر، و«هى قادرة جميعا على تخفيض أسعارها للمنافسة مع الحديد المستورد، ولكنها لا تقبل أن تقلل من هامش أرباحها»، بحسب رحاب طه محللة الاقتصاد، فى بنك الاستثمار اتش سى للأوراق المالية.
وتناشد شركات الحديد الحكومة المصرية بفرض رسم إغراق على واردات الحديد على ما يزيد عن ثلاث سنوات، فى عهد الوزير السابق رشيد محمد رشيد، وبرغم سياسته الليبرالية، لم يوافق رشيد على القرار لما ارتكبته شركات الحديد من ممارسات احتكارية كبيرة وصلت بسعر الحديد إلى ما يقرب من 8000 جنيه للطن فى بعض الأحيان. ولا تزال شركات العز وبشاى والجارحى والعتال، بالإضافة إلى شركة حديد المصريين مؤخرا هى التكتلات الكبيرة التى تتحكم فى الأسعار فى سوق الحديد.
وهذا ما يعترض عليه وزير الصناعة والتجارة مؤكدا «الوضع تغير فى الوقت الحالى، لم تعد سوق الحديد، أو غيره من الأسواق، تتحكم فيه عدد محدد من الشركات، فالسوق باتت مفتوحة، والمنافسة ضمان كافٍ للحفاظ على مستوى جيد من الأسعار»، بحسب قوله، مشيرا إلى أن أى قرار بفرض رسم إغراق تم اتخاذه بعد دراسة عميقة، وهذا ما تعكسه النسبة الدقيقة للرسم، والتى من شأنها تحقيق الموازنة بين السعر المحلى والعالمى بالشكل الذى لا يسمح للكيانات المحلية للسيطرة على الأسعار.
ويضيف صالح «ونحن حين نصدر قرارا بفرض رسم إغراق هذا لا يعنى أنه قرار أبدى، ففى حالة حدوث أى تلاعبات سيتم العدول عنه وستتحمل الشركات نتيجة مخالفاتها».
وعن إمكانية تعرض مصر لتحقيقات من قبل المؤسسات الدولية نتيجة لاتخاذها عددا من الاجراءات الحمائية، يؤكد الوزير أن هذا امر غير وارد، لأن مصر تمر بظروف اقتصادية صعبة تسمح لها بهامش من الحركة فيما يتعلق بحماية صناعتها المحلية، و«جميعا نعلم أن هذه الاجراءات مؤقتة».