«دستور يحافظ على الحقوق والحريات.. يحقق الحد الأدنى من فكرة الديمقراطية وتداول السلطة»، بهذه الكلمات دعا الدكتور جمال جبريل، أستاذ القانون الدستورى، مقرر لجنة نظام الحكم فى الجمعية التأسيسية للدستور، المواطنين للتصويت ب«نعم» على الدستور، فى الاستفتاء المقرر إجراؤه السبت المقبل. جبريل قال فى حواره مع «الشروق»: «الدستور الحالى يقلص صلاحيات الرئيس جدا ولم يبق للرئيس سوى الدفاع والأمن القومى والشئون الخارجية.. ومن يتحدث عن رفضه للدستور لم يقرأ، ومن قرأه لم يفهم.. إنه بالفعل هو عمل قانونى، الأصل فيه هو الصحة».
يصف الدكتور جمال جبريل حديث الرافضين لمشروع الدستور بأنه يؤكد عدم قراءتهم له.. يقولون هذا الحديث بالرغم من أن دكتور عمرو الشوبكى، الخبير السياسى بمركز الاهرام للدارسات الاستراتيجية، يقول إننا قلصنا فى الدستور الجديد صلاحيات الرئيس حتى إننا نحول مصر لدولة فاشلة.. وعلى الرغم من مناقشتى لعدد منهم فى الكثير من البرامج، إلا أنهم لم يقتنعوا، فالدستور بالفعل يحتوى على مواد تؤكد أن الرئيس يمارس صلاحياته من خلال حكومته، وأى صلاحية أخرى تأتى باسم الرئيس فهى من اختصاص الوزارة وهذه مسألة تقنية يفهما أساتذة القانون الدستورى».
ويشرح مقرر لجنة الحكم بالتأسيسية سلطات الرئيس فى الدستور التى تتضح من خلال المادة رقم 141، والتى تنص على أن يتولى رئيس الجمهورية سلطاته بواسطة رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء، عدا ما يتصل منها بالدفاع والأمن القومى والسياسية الخارجية، والسلطات المنصوص عليها بالمواد التى تحمل أرقام «139»، «145»، «146»، «147»، «148»، 149»، من الدستور»، موضحا: «الرئيس يعين رئيس الوزارة من الأغلبية البرلمانية، لأنه لو جاء رئيس الحكومة من غير الأغلبية فإن البرلمان سيرفض ذلك».
وتنص المادة « 145» على أن يمثل رئيس الجمهورية الدولة فى علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلسى النواب والشورى، وتكون لها قوة القانون بعد التصديق عليها ونشرها؛ وفقًا للأوضاع المقررة، وتجب موافقة المجلسين بأغلبية ثلثى أعضائهما على معاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التى تتعلق بحقوق السيادة أو تحمل الخزانة العامة للدولة نفقات غير واردة فى موازنتها العامة.ولا يجوز إقرار أى معاهدة تخالف أحكام الدستور.
كما تنص المادة رقم «146» على رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولا يعلن الحرب، ولا يرسل القوات المسلحة إلى خارج الدولة، إلا بعد أخذ رأى مجلس الدفاع الوطنى، وموافقة مجلس النواب بأغلبية عدد الأعضاء.
ويؤكد جبريل انه من بديهيات القانون الدستورى خلو الدستور من مساءلة الرئيس سياسيا، كما أنه من الجهل أن يكتب فى الدستور نص يؤكد مساءلة الرئيس سياسيا، ولا يصح أن يسحب البرلمان الثقة من رئيس انتخبه الشعب.
مادة «219» والتى تنص على أن مبادئ الشريعة الاسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة» كان جبريل أحد الاثنين الرافضين لتمرير هذه المادة ولكنه رضخ لرأى الأغلبية التى واقفت عليها والذى بلغ عددهم أثناء التصويت 82 عضوا بالجمعية التأسيسية، ويوضح جبريل أن مثل هذه المادة لا يصح وضعها فى الدستور كونها تلغى فكرة الدولة.
ويضيف جبريل «إن مصطلح أهل السنة والجماعة لفظ يستخدم من القرن الرابع الهجرى وهو لفظ اصطلاحى وليس من العدل تجنيبه»، مؤكدا جبريل أن المادة الخاصة بمبادئ الشريعة موجودة فى مصر منذ اكثر من 40 عاما واعتقد انه لا يوجد اى شخص فى مصر يعارضها.
وبشأن المادة العاشرة التى تنص على أن الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتحرص الدولة والمجتمع على الالتزام بالطابع الأصيل للأسرة المصرية، وعلى تماسكها واستقرارها، وترسيخ قيمها الأخلاقية وحمايتها؛ وذلك على النحو الذى ينظمه القانون»، تساءل جبريل «أين فى هذا الأمر الشرطة الشعبية وجلد الناس»، هذا حديث تحريضى ونأسف له جميعا، على حد قوله.
«لقد اعتبر الدستور أن التدخل فى شئون العدالة او القضايا جريمة لا تسقط بالتقادم على الرغم من وجود جرائم عديدة تسقط بالجرائم، فاعتقد لا يوجد أقوى من هذا النص للحفاظ على استقلال القضاء، فالإطلاق هنا أفضل من تحديد سبل الاستقلال»، يوضح جبريل.
«يبدو أن الرافضين لمشروع الدستور قرأوا دستور موزمبيق وليس دستور مصر مع احترمنا لموزمبيق كما أنهم لا يعلمون شىئا عن الدساتير ولا يعلمون شىئا عن القانون الدستورى وقبل أن يتحدثوا فى الموضوع كان يجب أن يقرأوا النصوص جيدا ليدلوا بدلوهمفى الدستور»، قال جبريل ردا على الانتقادات الموجهة للدستور، وعلق على المادة «70» الخاصة بالطفل والتى تبيح تشغيل الأطفال ولم تحدد سنا معينة للطفولة، قائلا «إن سن الطفولة ليست منوطة بالدستور تحديده وإنما القانون هو الذى يحدد هذه السن».
وبشأن الحديث عن أن المادة الخاصة بحظر تجارة الجنس «حذف منها منع الاتجار بالبشر»، قال «هو أصلا فيه اتجار بالبشر؟ وكيف يتاح مثل هذا التصرف؟ هل هذا كلام ناس عاقلين؟.. جميع دساتير العالم لا يوجد بها أى مادة تنص على حظر الاتجار بالبشر»، متابعا: «إذا أخرج أنصار القول السابق مادة تنص على ذلك، يبقى هما اللى عندهم حول عقلى وليس نحن». ودافع جبريل عن عدم تحديد النص الخاص بحظر التمييز للأسس التى يمكن أن يمارس التمييز على أساسها مثل اللون والعرق والجنس والنوع والعقيدة موضحا: «تم حظر التمييز بشكل مطلق دون تحديد أسس للتمييز، فهذا أفضل من منع التمييز بناء على الجنس أو النوع او اللون».
رفض جبريل الاتهامات التى توجه للجمعية التأسيسية وسعيها لتقليص دور المحكمة الدستورية والتخلص من بعض قضاتها لأسباب سياسية، وخاصة ما يفسر على أنه رغبه فى التخلص من المستشارة تهانى الجبالى، وقال: «هو فيه حاجة اسمها تهانى الجبالى فى الدستور.. التعديل هنا لعدد أعضاء المحكمة، وأرجو من هؤلاء المعارضين أن يقرأوا الدساتير جيدا، وسيتأكد لهم أن المحكمة الدستورية الوحيدة الذى لا يحدد الدستور عدد أعضائها، هى المصرية، وبالتالى كان يجب تحديدها لاعتبارات فنية مهمة جدا».
قدم جبريل عددا من المزايا التى اعتبرها تشجع المواطنين على التصويت بنعم لمشروع الدستور قائلا: «دستور يحافظ على الحقوق والحريات، دستور يحقق الحد الأدنى من فكرة الديمقراطية وتداول السلطة».
وأضاف «أنا من مؤيدى النظام البرلمانى، ولكن هذا لايعنى أن الدستور الحالى غير جيد فيكفى أنه أنهى حكم 60 عاما من النظام الديكتاتورى من حكم الفرد، وفى النهاية هو عمل بشرى قابل للنقد والنقص والتعديل فلا يمكن التعامل معه على أنه منزل».