بينما كان يخطو لأول مرة على أرض مصر بعد أكثر من ست سنوات من الإبعاد والمنع من العودة إلى الوطن، لم يكن الدبلوماسى المصرى يحيى زكريا نجما يعرف، رغم حصافته.. إن تلك الأمنيات التى راحت تداعب خياله عن وطن أكثر عدلا وأمنا وحرية، لن تكون سهلة المنال. الرجل الذى صنع ثورته الخاصة على نظام مبارك باستقالته من منصبه كقائم بالأعمال فى سفارة مصر بكاراكاس فى فنزويلا، اعتراضا على مشروع التوريث فى فبراير 2005، وظل وحيدا فى غربته يحلم بميدانه، وينتظر ثوار التحرير، لم يفكر بعد عودته لمصر بعد الثورة أن ينقب عن منافذ لدى ساكن الاتحادية الجديد محمد مرسى ليضمن عودته لمنصبه المفقود فى الخارجية وربما فى ترقية أكبر.
«معالى السفير» كان واحدا من عشرات الآلاف من المتظاهرين الذين وقفوا قبل أيام أمام قصر الاتحادية لرفض الإعلان الدستورى الجديد الذى أصدره الرئيس مرسى، وجد نفسه فجأة مساء الأربعاء الماضى مُحاصرا بحشود من جماعة الإخوان الذين تنادوا لتثبيت ما وصفوه بشرعية حكم الرئيس.
ذهبت كل محاولات نجم بإقناع مهاجميه بأنه رجل دبلوماسى من حقه أن يعارض ويعتصم هباء، وعندما كان الرجل ينطق بالكلمات الهادئة المنطقية كانت «لكمات الشرعية» تشق طريقها إلى وجهه ورأسه مصحوبة باتهامات العمالة والخيانة والتآمر.
«فضلنا طول الليل مرميين وهما بيسبوا ويعتدوا علينا لفظا وقولا.. ورفضوا يعالجونا أو يسعفونا» هكذا وصف نجم المشهد بعد أن أقدمت كتائب الإخوان على اقتحام خيام اعتصام القوى المعارضة لإعلان مرسى، واحتجزوا عددا ممن اعتبروهم بلطجية يريدون تقويض دعائم حكم «السيد الرئيس».
ويضيف نجم فى فيديو تم تصويره بعد الموقعة، أن رجال الشرطة كانوا يأخذون أوامرهم من الإخوان الذين كانوا يقولون للضابط «دخل ده ومتدخلش ده»، مضيفا أنه سأل الطبيب الذى كان يعالج بعض المصابين «لماذا لا تعالجنى؟» وكان رد الطبيب: «المرشد محذر علينا علاجك لأنك جاسوس وبتتخابر مع جهات أجنبية».
ويواصل نجم حكاية ما جرى له أمام الاتحادية بأن دكتورة من الإخوان قامت بالتعدى عليه مع عدد من المصابين ب«الجزم»، وعندما استند الرجل إلى موروثه من الدبلوماسية، وقال لها «عيب يعنى إنتى واحدة ست وما يصحش اللى بتعمليه»، كان ردها «إحنا مش زيكم يا جواسيس»، واستمرت فى إهانتنا بشكل أكثر عدوانية.
ظل السفير تحت أسر الإخوان بجوار قصر الرئيس حتى صباح الخميس، وبعدها بدأ رحلته إلى نيابة مصر الجديدة كمتهم بالبلطجة ومحاولة اقتحام القصر.
المحامية بمركز النديم لحقوق الإنسان، مها يوسف، تؤكد ل«الشروق» أن أعضاء حزب الحرية والعدالة الذين قاموا بتسليم المتهمين فى الصباح إلى قسم مصر الجديدة، رفضوا الإفصاح عن هوياتهم أو تسجيل بياناتهم فى المحضر. وأضافت يوسف، أن مأمور القسم أثبت فى المحضر آثار التعذيب والاعتداءات التى تعرض لها المعتصمون حتى يُخلى مسئوليته أمام النيابة.