«الألم» وحده هو اللغة المشتركة فى معظم حكايات أهالى «القرصاية» حول جزيرتهم، ومطامع الجميع فى المكان الذى فيه ولدوا، وفيه عاش آباؤهم، فحسبما يقول أكبر سكان الجزيرة سنا، الحاج خليل إبراهيم، 87 سنة، «الجزيرة ملك لأجدادنا قبل أن تكون ملكا لنا ولأحفادنا». ويضيف إبراهيم «الصيادون والفلاحون، ناس على باب الله، والجيش المصرى مهمته الدفاع عن الأرض، وليس تشريد الأهالى وإراقة الدماء، فما يجرى الآن هو محاولة لنصرة رأس المال فى أرض لم يجرؤ أحد على التعدى على حقوق أهاليها من قبل، فالأهالى كسبوا قضيتهم ضد الدولة فى عام 2010، حيث أصدر القضاء الإدارى حكما باستمرار العلاقة الإيجارية، والحق فى الانتفاع، وعدم إقامة مشروعات عليها، أو تمليكها لآخرين». أما جمال الأبيض، 52 سنة، الذى يعمل فى ورشة حدادة، فيحكى قصة تبدو مختلفة عن حكايات أهالى الجزيرة، قائلا «منذ 5 سنوات، سلم جمال مبارك الجزيرة لشركة أمريكية بالقوة، ووقتها تم اعتقال أهالى الجزيرة، وإجبارهم على توقيع عقود تنازل عن الأراضى لصالح جمال مبارك، لكننا تمكنا من استرداد الأرض بحكم قضائى فى 2010، لكنها ظلت من وقتها تحت يد القوات المسلحة، حتى وقوع الأحداث الأخيرة، وتجدد الاعتداء علينا مرة أخرى».
«عاوزين يطردوا الأهالى الغلابة.. اللى شغالين على باب الله، علشان يملكوها للمستثمرين، ويبنوا عليها مشروعات زى 6 أكتوبر والعاشر من رمضان، عاوز أعرف إحنا هنعيش إزاى»، هكذا يلخص الموظف السابق، كيلانى السيد، 65 سنة، أحد سكان الجزيرة، مأساة الصراع المستمر على أرضهم، مضيفا «الجزيرة هى إرث جدودنا، ومأوى أولادنا وأحفادنا، هنفرط فيها على جثثنا، فالقانون وحق ربنا فى صف الغلابة، ونحن كسبنا القضية قبل الثورة، وحرام على الجيش أن يحولها لقرية سياحية لخدمة رجال الأعمال».
ومن جهته يروى شقيق المعتقل ماهر يوسف، تفاصيل اعتقال شقيقه، وقت اقتحام قوات الجيش للجزيرة قائلا إنه أحد الرجال الذين وقفوا لرموز النظام السابق، عندما أرادوا الانتفاع بأراضى الجزيرة، وتهجير الأهالى قبل الثورة، موضحا «عند استفسار شقيقى من الجنود عن سبب الهجوم على الجزيرة، وقتلهم للشاب محمد عبده وآخرين، قالوا له: تعالى معانا لقائد الوحدة، علشان أنت مطلوب بالاسم».