سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الجعبري.. لم يكن حمساويًا ولا فتحاويًا.. إنما «مجاهد نجح في اقتناص الشهادة» «ظل القائد» الذي وصفته إسرائيل ب«رئيس أركان حماس» ترك (فتح) لرفضه التفاوض.. وأثار الرعب في نفوس الصهاينة
لم يكن «حمساويًا» أو «فتحاويًا»، بل كان مجاهدًا يحط الرحال أينما كان للمقاومة سبيلا.. إنه أحدث شهداء المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، أحمد الجعبري، والذي نجح في «اقتناص الشهادة» بعد سنوات من الجهاد، نثر خلالها الهلع في نفوس الإسرائيليين. والجعبري الذي أنهى صاروخ إسرائيلي أطلقته طائرة حربية، قصة جهاده في وجه الصهاينة، بدأ مشواره مع الكفاح المسلح ضمن صفوف حركة فتح، قبل أن ينتقل إلى صفوف حماس، بعد انتهاج حركته الأولى سبيل المفاوضات مع العدو، ليكون خروجه من السجون الإسرائيلية بعد 13 عاما في غياهب الزنازين، علامة فارقة في تاريخه العسكري.
واستهل الجعبري رحلة كفاحه ضد العدو الصهيوني في الثمانينيات، قبل أن يتم اعتقاله ويودع في السجون الإسرائيلية عام 1982، ليمضى فيها نحو 13 عامًا على خلفية مشاركته في عملية ضد الاحتلال، والتخطيط لهجمات.
انتقل الجعبري إلى صفوف حركة حماس وهو في السجن، بعد أن بدأت فتح في التفاوض مع إسرائيل، فالجعبري «لا يكون في خندق المفاوضة»، كما وصفه رفاقه سوء في فتح أو في حماس.
جاءت عملية اغتيال القيادي في حركة حماس أحمد الجعبري لتضيف اسمه إلى قائمة طويلة من القادة الذين طالما كانوا غصة في حلق إسرائيل، ولتضع نهاية لحياة الرجل الذي طالما كان هدفا لقوات للجيش الإسرائيلي، والتي حاولت اغتياله أكثر من مرة، كان آخرها في 2004، حين استهدفت طائرات الاحتلال الحربية منزله في حي الشجاعية، ليصاب الجعبري بإصابات طفيفة، ويستشهد نجله البكر، وشقيقيه وثلاثة من أقاربه.
الجعبري الذي كان يعد «ظلا للقائد» الحقيقي لكتائب القسام، محمد الضيف، والذي تحاول إسرائيل منذ فترة العثور عليه دون جدوى؛ تمتع بقدرات قيادية عالية، أهلته لإدارة العمليات علي أرض المعارك بين مقاتلي الحركة وقوات الاحتلال، للدرجة التي جعلت إسرائيل تلقبه ب «رئيس أركان حرب حماس».
ولم تكن القدرات القيادية الميدانية وحدها هي كل خبرات الجعبري، بل كان الرجل يتمتع بحنكة سياسية أهلته لقيادة المفاوضات بشكل مستمر مع جهاز المخابرات المصري، حيث كان دائم التردد على مصر للتنسيق حول الوضع الأمني في سيناءوغزة.
ظهر الجعبري في مصر بشكل معلن في مشهدين اثنين، أحدهما أثناء الفصل الأخير لإنهاء صفقة «وفاء الأحرار» التي تم بمقتضاها تسليم الجندي الأسير جلعاد شاليط ، داخل الحدود المصرية، والذي تولى بنفسه تأمينه وإخفائه طيلة 6 سنوات، لم تستطع إسرائيل بكافة أجهزتها الاستخباراتية وعملائها داخل قطاع غزة العثور عليه.
المرة الثانية التي ظهر فيها الجعبري داخل مصر كانت في المقطم، حيث مقر المركز العام لجماعة الإخوان المسلمين، والتقى خلالها مرشد الجماعة محمد بديع وبعض أعضاء مكتب الإرشاد، للتنسيق والتشاور حول مجموعة من القضايا المتعلقة بالقطاع المحاصر منذ عام 2006.
لم يكن تولي الجعبري مسؤولية قيادة التنظيم نيابة عن الضيف وليد الصدفة، حيث كان واحدًا من الذين ساهموا في بنائها مع محمد الضيف، والأب الروحي لها صلاح شحادة، الذي اغتالته إسرائيل عام 2009.
عرف عن الجعبري الصرامة في التفاوض مع الكيان الصهيوني، للدرجة التي جعلته يرفض التوقيع على الورقة ذاتها التي وقع عليها الاحتلال، فتم إجراء الاتفاق بالتوقيع على ورقتين منفصلتين؛ الأولى بين الوسيط المصري ووفد كتائب القسام، والثانية بين الوسيط المصري وممثل الاحتلال الصهيوني.
وربما يدفع اغتيال الجعبري، حركة حماس إلى عدم الإعلان عن اسم القائد الميداني للكتائب مرة أخرى، خاصة وأن الجعبري نفسه لم يتم الإعلان عنه بشكل إعلامي كقائد ميداني للكتائب، إلا في عام 2003 فقط.