أعلنت مديرية الأمن العام الأردني -في وقت متأخر من مساء أمس الأربعاء- مقتل متظاهر في "إربد" شمال المملكة في ثاني يوم من المظاهرات؛ احتجاجاً على قرارات رفع أسعار الوقود، مشيرة إلى إصابة شرطي بعيار ناري غرب العاصمة وصفت حالته بالخطيرة.
وقالت المديرية -في بيان صادر عن المركز الإعلامي الأمني- إن "القتيل كان أحد أربعة أشخاص هاجموا مركز أمن "الوسطية" بمحافظة "إربد"؛ محاولين اقتحامه، مضيفة أن 12 شرطياً أُصيبوا، إضافة للمهاجمين الذين توفي أحدهم متأثراً بجراحه.
من جهة أخرى، نفى مواطنون في "إربد" أن يكون المهاجمون قد استخدموا أي أسلحة نارية، وأشاروا إلى أن ما جرى كان محاولة للضغط على الأمن؛ للإفراج عن معتقلين على خلفية التظاهرات وأعمال الشغب الواسعة التي يشهدها الأردن منذ مساء الثلاثاء.
وقال الأمن العام -في بيان لاحق- إن شرطياً أصيب إصابة بالغة جراء إطلاق النار على مركز أمني في "شفا بدران" غرب العاصمة، كما أصيب رجل أمن في "معان" جنوب البلاد برصاصة في فخذه الأيسر، وقال البيان إن حالته "خطيرة".
يأتي ذلك، بينما استمرت الاحتجاجات لليوم الثاني على التوالي؛ رفضاً لقرارات رفع أسعار المشتقات البترولية، وتحولت في بعض المناطق لاضطرابات بعد أن اتسعت عمليات استهداف مراكز حيوية في بعض المحافظات.
كما أغلق الآلاف من رجال الأمن والدرك، منذ ظهر الأربعاء، منطقة دوار الداخلية؛ تحسباً لدعوات من نشطاء للعودة للاعتصام فيه، بعد أن فرقت هذه القوات بالقوة اعتصاماً مماثلاً فجر أمس الأربعاء.
وألقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع بكثافة على المتظاهرين في جبل الحسين واعتقلت عدداً منهم، فيما ألقى متظاهرون "حجارة" و"زجاجات فارغة" باتجاه قوات الأمن وحاولوا إغلاق الشوارع أمامها بالحاويات، بينما أكد ناشطون أن النيران اشتعلت بسيارة تابعة لقوات الدرك.
وعمت التظاهرات وعمليات إغلاق الشوارع بالإطارات مناطق عدة من العاصمة، حيث أغلقت شوارع في جنوب عمان وشرقها، كما أغلق محتجون بمدينة "ناعور" لليوم الثاني الطريق الواصل بين عمان والبحر الميت.
وفي جنوب الأردن شهد العديد من المناطق مواجهات عنيفة، أمس الأربعاء، مع قوات الأمن والدرك.
ففي الكرك أحرق متظاهرون أجزاء من مبنى مديرية التربية ومقر إقامة محافظ المدينة بعد أن شهد محيط مبنى المحافظة اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن والدرك إثر محاولتهم اقتحامه.
كما اتسعت أعمال الشغب بمدينة معان إذ حاول محتجون الوصول لمبنى المحافظة واقتحامه، وتحدث بيان للأمن العام عن إصابة عنصر من الدرك بالرصاص في فخذه، وقال إن حالته غير مستقرة حيث نقل لمستشفى المدينة الطبية بعمان بطائرة مروحية للعلاج.
وفي "الطفيلة" شهد الشارع الرئيس في المدينة اشتباكات بين محتجين وقوات الأمن والدرك في محيط مبنى المحافظة الجنوبية.
وأعلنت أكبر ثلاث نقابات مهنية في المملكة هي نقابات "المعلمين" و"المهندسين" و"المهندسين الزراعيين" عن إضراب لأعضائها، اعتباراً من الأحد المقبل، كون الخميس يوم عطلة بالأردن بمناسبة رأس السنة الهجرية.
وعلى وقع الاضطرابات وأعمال الاحتجاج التي عمت أجزاء واسعة من المملكة حملت جماعة الإخوان المسلمين الحكومة مسؤولية ما يجري، وقالت -في بيان صادر عن المجلس الأعلى للإصلاح الذي يضم قيادتي الجماعة وحزب جبهة العمل الإسلامي- إن الحل يكمن في التراجع عن قرارات رفع الأسعار وتشكيل حكومة إنقاذ وطني.
كما دعا البيان الملك الأردني إلى "الاضطلاع بمسؤولياته الوطنية ووضع حدٍ للنهج الذي أوصل البلاد إلى ما وصلت إليه من انسداد أفق الإصلاح السياسي، وتردي الأوضاع الاقتصادية، وتهديد الأمن الوطني، واستشراء الفساد المالي والإداري والأخلاقي".
فيما هاجم بيان لحزب التحرير الإسلامي "المحظور" قرار رفع أسعار المحروقات، "رغم الحالة الاقتصادية السيئة التي يمر بها الناس في الأردن، مما يدل دلالة قاطعة على أن هذا النظام مفلس سياسياً، فالسطو على جيوب الفقراء واستباحة المال العام بأيدي الفاسدين هو ديدن هذا النظام؛ كنتيجة طبيعية لتطبيق النظام الرأسمالي الكافر" –بحسب ما جاء بالبيان.
ويرى مراقبون وسياسيون أن المشهد في الأردن، بات مفتوحاً على احتمالات خطيرة بعد أن تحدث نشطاء عن حالة من انفلات أمني في مناطق تشهد اضطرابات منذ أول أمس الثلاثاء، ويخشى الكثيرون أن تتسع وسط دعوات للتظاهر "الجمعة" المقبل، في كل أرجاء المملكة على وقع احتقان شعبي غير مسبوق.