يقف الأمريكيون أمام خياريين، لم يكون ممكنا تصورهما عمليا قبل عقود قليلة، الأول هو الرئيس الحالى، باراك أوباما، ابن المهاجر الكينى ذى الأصول المسلمة، والأخير هو المرشح الجمهورى، ميت رومنى (65 عاما)، سليل الطائفة المورمونية «المنبوذة من المسيحيين البروتستانت والكاثوليك». المورمونية تأسست عام 1823 على يد جوزيف سميث، الذى يعتبره أتباعه «رسول القارة الأمريكية»، وتبيح تعدد الزوجات، ولا تعترف بالنص الإنجليزى للإنجيل، وتحرم شرب الخمور والتدخين والجنس خارج الزواج.
تعرض المورمون لاضطهاد واسعة، دفع العديد منهم للهجرة إلى المكسيك، حيث ولد جورج، والد رومنى، قبل أن يعود لبلاده. دخل رومنى، أصغر أشقائه الأربعة، عالم السياسة عام 1994، عندما خسر أمام عضو مجلس الشيوخ، إدوارد كينيدى، فركز على عالم الأعمال الذى برع فيه، لتبلغ ثروته 260 مليون دولار.
كان هذا النجاح عاملا رئيسيا فى طلب مساعدته من اللجنة المنظمة لدورة الألعاب الأوليمبية الشتوية بمدينة سولت ليك 2002، عاصمة ولاية يوتا (التى تقطنها غالبية من المورمون) بعدما كادت أن تفشل بسبب سوء الإدارة وقضايا الفساد.
هذه المرة نجح رومنى؛ ما أكسبه سمعة جيدة ساعدته للترشح العام التالى، ليفوز بمنصب حاكم ولاية ماساتشوستس (شمال شرق) ذات التوجهات الليبرالية، وليحقق فيها أداء جيدا. لكنه يعرف بقلة خبرته فى السياسة الدولية، لذا يتمسك بأجندة اليمين المؤيد لاستخدام القوة ضد إيران.
ورغم ذلك فإن موقع حملته الانتخابية، يرى أن أهم المخاطر التى تواجه «الدولة اليهودية، الحليف الأقرب لواشنطن بالشرق الأوسط، ومنارة الديمقراطية بالمنطقة»، هو تصاعد «العداء فى مصر وتركيا»، و«المخاطر طويلة المدى مع حماس وحزب الله وعدم الاستقرار بسوريا»، وأخيرا «إيران النووية التى تدعو علنا لتدمير إسرائيل».
عمل رومنى، الذى تخرج فى إدارة الأعمال بجامعة بريجام يونج، وهى جامعة مورمونية وأكبر مؤسسة تعليمية دينية بالولايات المتحدة، منذ 1974 مستشارا تجاريا، قبل أن يؤسس فى 1984 شركته الخاصة، التى نجحت فى مجال إنقاذ الشركات المتعثرة ليمكن بيعها بأسعار مرتفعة.
وقد نشأ المرشح الجمهورى، فى بيئة دينية محافظة، وعندما أنهى المرحلة الثانوية، توجه لفرنسا للقيام بواجبه التبشيرى، وهو نشاط يقوم به شباب المورمون. وبعد عودته بعامين ونصف، تزوج من صديقته «آن» التى تحولت إلى المورمونية، وكان عمره آنذاك 21 عاما بينما كانت «آن» فى التاسعة عشر، لينجبا خمسة أبناء، وعدد من الأحفاد.
ورغم أن أجداده لأبيه كانوا متعددى الزوجات، فإنه وأباه وجده التزموا بطلب زعيم الطائفة فى 1891، بالخضوع للقانون الأمريكى، الصادر عام 1867، والذى يمنع تعدد الزوجات. لكن الإنجيليون البروتستانت (أغلبية الأمريكيين)، يعتبرون طائفة رومنى منبوذة؛ وهو ما قد يلقى بظلاله على فرص دخوله البيت الأبيض.