وكالة سونا تبرز تكريم الرئيس السيسي لوزير الأوقاف السابق بدولة الصومال    «أنا مسامح والدها».. صلاح التيجاني يكشف ل«البوابة نيوز» سر انفصال والديّ خديجة ومحاولته للصلح    متحدث الحكومة: تكلفة أنبوبة البوتاجاز 340 جنيهًا وصعب استمرار بيعها ب100 جنيه    واشنطن وباريس تدعوان لخفض التصعيد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية    عماد الدين حسين: القرار الأممي بإنهاء احتلال فلسطين خطوة مهمة لحصار إسرائيل    الزمالك يكشف حقيقة تواجد فتوح بقائمة لقاء بطل كينيا    في حال ثبوت إدانته| استبعاد مانشستر سيتي من جميع بطولات الموسم    الطب الشرعي يفحص جثة مسن توفي أثناء مشاجرة بكرداسة    أختل توازنها فسقطت من الدور السابع.. تفاصيل مصرع سيدة بشبرا الخيمة    الصحة: عدم وجود ارتباط وبائي لجميع الحالات المصابة ب«وباء أسوان»    وزير الثقافة يتلقى تقرير نتائج اجتماع أعمال الدورة ال13 للجنة المصرية الكويتية    نصر الله يُحذر إسرائيل من عودة سكان الشمال: ما حدث إعلان حرب.. فيديو    محمد سلام ينفي شائعات تعاقده على فيلم جديد    مستشفى «حروق أهل مصر» يعزز وعي العاملين بالقطاع الصحي ضمن احتفالية اليوم العالمي لسلامة المرضى    الصحة: حجز 63 مريضًا بالنزلات المعوية في المستشفيات    ماذا يحدث في الطقس قبل انتهاء الصيف رسميًا    7 أبراج مواليدها هم الأكثر سعادة خلال شهر أكتوبر.. ماذا ينتظرهم؟    خالد الجندي يحكم المثل الشعبي "طلع من المولد بلا حمص"    أمين الفتوى: سرقة الكهرباء حرام شرعا وخيانة للأمانة    عاجل.. تطور مفاجئ في الانتخابات الأمريكية بسبب العرب.. ماذا يحدث؟    الخارجية الأمريكية: الولايات المتحدة تعمل مع حلفائها لوقف التهديدات بالشرق الأوسط    تعرف على شروط الانضمام للتحالف الوطنى    الزراعة والبيئة يتابعان منظومة جمع وتدوير قش الأرز ومكافحة السحابة السوداء بالشرقية    وديًا.. غزل المحلة يفوز على التحدي الليبي    رئيس الإنجيلية يلتقي محافظ المنيا لتهنئته بتولي مهام المحافظة    موقف إنساني ل هشام ماجد.. يدعم طفلًا مصابًا بمرض نادر    تكاليف مواجهة أضرار الفيضانات تعرقل خطة التقشف في التشيك    التحالف الوطني للعمل الأهلي يوقع مع 3 وزارات لإدارة مراكز تنمية الأسرة والطفولة    مرصد الأزهر يحذر من ظاهرة «التغني بالقرآن»: موجة مسيئة    الدكتورة رشا شرف أمينًا عامًا لصندوق تطوير التعليم بجامعة حلوان    حكايات| شنوان.. تحارب البطالة ب «المطرقة والسكين»    مركز الأزهر للفتوى: نحذر من نشر الشذوذ الجنسى بالمحتويات الترفيهية للأطفال    مدبولي: الدولة شهدت انفراجة ليست بالقليلة في نوعيات كثيرة من الأدوية    سكرتير عام مساعد بني سويف يتفقد المركز التكنولوجي وأعمال تطوير ميدان الزراعيين    الزمالك ينتظر خطوة وحيدة قبل التحرك القانوني ضد الجابوني أرون بوبيندزا    بينها التمريض.. الحد الأدنى للقبول بالكليات والمعاهد لشهادة معاهد 2024    التغذية السليمة: أساس الصحة والعافية    محاكمة القرن.. مانشستر سيتي مهدد بالطرد من جميع مسابقات كرة القدم    عاجل| رئيس الوزراء يكشف تفاصيل حالة مصابي أسوان بنزلة معوية    «المركزي» يصدر تعليمات جديدة للحوكمة والرقابة الداخلية في البنوك    من هن مرضعات النبي صلى الله عليه وسلم وإِخوته في الرَّضاع وحواضنه؟ الأزهر للفتوى يجيب    أول ظهور لشيرين عبدالوهاب بعد أنباء عن خضوعها للجراحة    "الموت قريب ومش عايزين نوصله لرفعت".. حسين الشحات يعلق على أزمتي فتوح والشيبي    بنك إنجلترا يبقى على الفائدة عند 5 %    برلماني عن ارتفاع أسعار البوتاجاز: الناس هترجع للحطب والنشارة    "ناجحة على النت وراسبة في ملفات المدرسة".. مأساة "سندس" مع نتيجة الثانوية العامة بسوهاج- فيديو وصور    عاجل| حزب الله يعلن ارتفاع عدد قتلى عناصره من تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية ل 25    مركز الأزهر: اجتزاء الكلمات من سياقها لتحويل معناها افتراء وتدليس    "بداية جديدة".. تعاون بين 3 وزارات لتوفير حضانات بقرى «حياة كريمة»    انطلاق المرحلة الخامسة من مشروع مسرح المواجهة والتجوال    وزير التعليم العالي: لدينا 100 جامعة في مصر بفضل الدعم غير المحدود من القيادة السياسية    لبحث المشروعات الجديدة.. وفد أفريقي يزور ميناء الإسكندرية |صور    انتشار متحور كورونا الجديد "إكس إي سي" يثير قلقًا عالميًا    3 شهداء خلال حصار الاحتلال منزلا في قباطية جنوب جنين    إخماد حريق نتيجة انفجار أسطوانة غاز داخل مصنع فى العياط    دوري أبطال أوروبا.. برشلونة ضيفا على موناكو وآرسنال يواجه أتالانتا    «الأمر صعب ومحتاج شغل كتير».. تعليق مثير من شوبير على تأجيل الأهلي صفقة الأجنبي الخامس    مأساة عروس بحر البقر.. "نورهان" "لبست الكفن ليلة الحنة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حاتم عزام يكتب من مخيم الزعترى على الحدود السورية الأردنية
العيد وسط 40 ألف لاجئ سورى فروا من مذابح جيش بشار
نشر في الشروق الجديد يوم 04 - 11 - 2012

لم أستطع أن أتمالك مشاعرى كإنسان، وأنا جالس وسط عائلتى نحتفل بالعيد، ونتناول ما لذ وطاب من لحوم الأضحية، ونشاهد الفضائيات وهى تذيع علينا أنباء السفاح «بشار الأسد» وهو يقصف شعبه ويذبح الأطفال ويرمل النساء فى أول أيام العيد.. ولا حديث عن أقل شىء، وهو وقف إطلاق النار وقتل الأبرياء العزل!

وتحت تأثير أخبار القصف فى سوريا، قررت أن أسافر وأزور إحدى مخيمات إخواننا اللاجئين السوريين فى ثالث أيام العيد؛ أُعَيِّد معهم ومع أطفالهم، وأرسل إليهم رسالة معنوية تعبر عن حالة التضامن الفياضة الذى يعيشها الشعب المصرى معهم، وأتعرف على احتياجاتهم فى مخيماتهم، خصوصا ونحن على أبواب الشتاء.

سرعان ما طرحت فكرتى على أصدقائى على صفحة التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، وتناقشنا، وتطور الأمر خلال ساعة من زيارة لمخيمات اللاجئين على الحدود السورية التركية إلى زيارة اللاجئين السوريين بالأردن.

وبعد بحث سريع وجدت أن مخيم «الزعترى» الموجود على الحدود السورية الأردنية والذى يبلغ عدد السوريين اللاجئين فيه قرابة الأربعين ألفا، ويعانون من ظروف قاسية فى مخيمات صحراوية دفعت بعضهم للتفكير فى الرجوع إلى سوريا لينالوا الشهادة أرحم لهم من عذاب بطىء يعيشونه كل يوم!

قررت الطيران للأردن فى اليوم التالى، وأعلنت على صفحتى، فأرسل لى الصديق المهندس عمرو هيكل وهو مصرى يعيش بالأردن ويعمل بشركة خدمات نفطية عالمية كبيرة بأرقام مساعد السفير المصرى هناك السيد علاء موسى ومدير العلاقات العامة بشركته السيد محمد القدومى وهو أردنى من أصل فلسطينى يعيش بعمان وصاحب مؤسسة كفر قدوم الخيرية.

وفى صباح ثانى أيام العيد «السبت» وبعد حجز التذاكر إلى عمان فى نفس اليوم، رحلة المساء، اتصلت بمساعد السفير المصرى بالأردن السيد علاء موسى وكان يقضى إجازة العيد بالقاهرة، فأخبرته بالموضوع فسألنى: هل ستسافر بصفة رسمية كعضو الجمعية التأسيسية للدستور أو عضو بمجلس الشعب المصرى؟ لأنه فى هذه الحالة سأحتاج إلى خطابات رسمية.


حاتم عزام مع إحدى العائلات السورية فى مخيم الزعترى تصوير- محمد الميمونى


فأكدت له أننى سأسافر بصفتى الإنسانية والشخصية غير الرسمية، وإن استطاع مساعدة مواطن مصرى لتذليل عقبات الوصول لمخيم اللاجئين فله الشكر، فأوصلنى بمساعد له بالسفارة المصرية بالأردن السيد أحمد سلامة، وبدوره أوصلنى بالسيد أيمن المفلح، وهو أردنى ومدير الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية للإغاثة والتعاون العربى والإسلامى، وهى منظمة «شبه غير حكومية» تتكفل بتنسيق وإدارة كل أعمال إغاثة اللاجئين السوريين بمخيم «الزعترى»، والذى أوصلنى بدوره للأستاذ محمود العموش مدير المخيم.

وصلت للزعترى

وصلت لعمان، ورتب لى السيد محمد القدومى حجز الفندق وسيارة تنتظرنى بالمطار وتقلنى إلى الفندق، ومع صباح ثالث أيام العيد كان ينتظرنى حسب الموعد المقرر بسيارته، ودار حوار بيننا جعلنى أشعر أننى لست مع شخص عادى، بل أمام شخص يحمل هم هذه الأمة، ويعمل على دعم إخواننا بفلسطين، وليس هذا غريبا عليه ولا على عائلته، فهو ابن عم المناضل فاروق قدومى «أبواللطف» وهو مَن هو!! مِن آخر القيادات التاريخية الوطنية «الحقيقية» من حركة فتح.

وصلنا إلى مخيم «الزعترى» الذى يبعد نحو 20 كيلومترا عن الحدود السورية، ويقع بمنطقة جغرافية قاسية لا تصلح للحياة البشرية، ومحاط بسور، وعلى مدخله سيارات الأمن العام. وبعد المدخل الأول بمسافة مائتى متر يوجد مدخل آخر بحماية الجيش الأردنى، وبين هاتين البوابتين توجد مخيمات للجيش.. بعد البوابة الثانية توجد مكاتب للجيش لتَفَقُّد هويات الداخلين وكذلك مكاتب هيئة الإغاثة، وتخضع السيارات للمساءلة والتفتيش على كلا البوابتين، ويُسمح بالدخول لمواد الإغاثة العينية، وتُستثنى الأغذية التى يجب أن تُسلَّم لهيئة الإغاثة.

بعد البوابة الثانية يوجد فى اليمنى واليسرى مستشفى ميدانى مغربى، ومستوصف للولادات والمواليد، وبعض مكاتب التسجيل، ومستودعات توزيع المواد، ومسجد، ومستشفيان أردنيان، وكذلك مستشفى ميدانى سعودى، ومغربى، وفرنسى.

الدخول بمواد الإغاثة يتم بصحبة موظف من موظفى الهيئة.. الطريق كله داخل المخيم مفروش بالحصى بعرض ثلاثة أمتار، ويتفرع منه طرق فرعية أضيق تؤدى إلى الخيم.

الخيمة تقريبا أربعة أمتار فى ستة أمتار.. تفصلها مسافات قصيرة.. كما يوجد حمامات ومراحيض على مسافات بين الخيم.

تعداد المخيم (فى يوم الأحد الثامن والعشرين من أكتوبر 2012) وصل إلى ثمانية وثلاثين ألفا وثلاثمائة لاجئ، سورى يستهلكون مليون متر مكعب من المياه يوميّا، يأخذونها من حصة محافظة المفرق الأردنية من المياه، مما أثر على المواطنين الأردنيين بهذه المحافظة، فى بلد يعانى بالأساس من قلة الموارد المائية، وذلك حسب السيد محمود عموش مدير المخيم الذى يعطيك الانطباع الفورى أنه رجل يحترف ما يقوم به هو وفريقه من الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية التى يتوجب علنا الشهادة لها بقدرتها التنظيمية الممتازة. يذكر أن وكالة الإغاثة بالأمم المتحدة كانت قد قدرت التكاليف اللازمة لهذا المخيم ب45 مليون دولار يتوافر منها حتى الآن ما يُعادل الثلث حسب كلام مدير المخيم.

وبعد جولة ميدانية بالمخيم تعرفنا على أسرة مكونة من ستة أشخاص من مدينة «حرستة» بالقرب من الجولان: «أبوعلاء» وزوجته وأبناؤهم الأربعة أصروا على ضيافتنا بخيمتهم عندما علموا بقدومى من مصر خصيصا لرؤيتهم، وانضم إلينا فى خيمة «أبوعلاء» أربع أسر أخرى بأولادهم، وأصرت زوجة «أبوعلاء» على عمل الشاى.

مآسى لاجئين

جلست قرابة الساعة والنصف الساعة أستمع إلى قصة كل عائلة وإلى كم الممارسات الوحشية التى قام بها المجرم «بشار» التى لخصها أحدهم بقوله: «لو كان هتلر غازيا سوريا ما كان فعل بعض ما فعله هذا المجرم، وحكى لى بعضهم كيف أن جيش بشار أمر ابن عمه بأن يسجد لصورة بشار ولما رفض قتلوه رميا بالرصاص أمام أطفاله.. وروى لى آخر كيف كانوا يختبئون بالقبور عند قدوم جيش المجرم، فإن لم يجدوا أحدا بالبيت أحرقوه «بالفوسفور»، وأصر آخر على أن يطلعنى على مقاطع فيديو على هاتفه المحمول صورها بعضهم ليوثقوا جرائم بشار، وفيها يُذبح الرجال كالإبل بالسكين حتى يتم فصل الرأس عن الجسد بالكلية!! (نعم، شاهدت هذا بعينى، ولم أستطع مجرد إكمال المشهد). وَرَوَوْا لى كم المعاناة والمخاطر التى تعرضوا لها للهروب فى ظل مطاردة جيش المجرم بشار للفارين. وأكدوا لى أنهم متيقنون من أن الأسلحة التى يستخدمها جيش المجرم بها صواريخ إيرانية الصنع وأن هناك كتائب مقاتلين تابعين لمقتدى الصدر وحزب الله فى لبنان على حد قولهم.

وقبل المغادرة، استأذنتهم أن أفعل كما نفعل فى مصر من إعطاء «العيدية» لأولاد الإخوة والأخوات، فسمحوا لى، فأعطيت الأطفال السوريين: علاء وفاطمة ويوسف وبيان ونورالهدى ومحمد وأحمد العيدية، بعد أن فزت بالطبع بقبلات هؤلاء الملائكة. وغادرنا قرب المغرب، ولم يفارق خيالى إلى الآن وأنا أكتب هذه الكلمات صورة المخيم وأهله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.