وزير التعليم ل المعلمين في يومهم العالمي: العماد الأساسي لبناء الأمة    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال شهر سبتمبر الماضي    «إعداد مواطن مسؤول».. مناهج دراسية تناولت حرب أكتوبر والجيش المصري    أعرف على سعر الدولار اليوم مقابل الجنية المصري    خبير اقتصادي: رأس الحكمة هدفها إنشاء نمط حياة متكامل طوال العام    بمناسبة نصر أكتوبر.. التموين: تخفيضات 10% على جميع السلع في المجمعات الاستهلاكية    وزير البترول يبحث مع رئيس «توتال إينرجيز» مخطط الفترة المقبلة في إنتاج الغاز    عراقجي: على المجتمع الدولي التدخل لوقف جرائم إسرائيل المتواصلة في لبنان وغزة    50 شهيدا من الأطقم الطبية وفرق الإسعاف بجنوب لبنان    وكيل القندوسي: اللاعب لم يتحدث بشكل سيئ عن الأهلي.. وعلاقته بالجماهير جيدة    شادي محمد ردًا على الزمالك: لم يكن لدينا أي لاعبة مُعرضة للإيقاف    مصرع شابين غرقا في بحر الهويس بالمنوفية    حار نهارا ومعتدل الحرارة ليلا.. الأرصاد تكشف حالة الطقس حتي الخميس المقبل    مصرع 8 أشخاص وإصابة 10 آخرين في انقلاب ميكروباص بطريق قنا سوهاج (أسماء)    القبض على سائق سيارة نقل تسبب في وفاة عامل وتحطيم لودر بمدينة نصر    تحرير 113 مخالفة في حملة مكبرة بحي شرق الإسكندرية    الثقافة تحتفل بانتصارات أكتوبر    فضل الصلاة على النبي محمد وأهميتها    في ذكرى أكتوبر: جامعة الملك سلمان أول جامعة ذكية في جنوب سيناء    كوكا يقود ريو آفي للتعادل مع فاماليكاو في الدوري البرتغالي    انخفاض أسعار الخضروات في سوق العبور اليوم 5 أكتوبر    أسعار الحديد والأسمنت في مصر اليوم 5 أكتوبر 2024    انتهاء أزمة صورة أحمد شيبة ونجله يقبل الاعتذار ويتراجع عن التصعيد    تشكيل الهلال ضد الأهلي في الجولة السادسة من دوري روشن السعودي    نائب وزير الصحة يتابع مستجدات العمل بمنظومة سلاسل الإمدادات الدوائية    أنشيلوتي يحسم قراره بشأن مشاركة جولر أمام فياريال    محاكم الأسبوع، أبرزها إمام عاشور وأزمة شيرين عبدالوهاب مع روتانا    طريقة عمل الكرواسون بالشيكولاتة، الوصفة الأصلية    تعديل تركيب قطارات الوجه البحري: تحسينات جديدة لخدمة الركاب    الولايات المتحدة تضرب 15 هدفا للحوثيين في اليمن    قوات الاحتلال تعتقل 4 فلسطينيين من الخليل بالضفة الغربية    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    محاكمة متهم بالانضمام لجماعة إرهابية بالجيزة.. اليوم    أسعار اللحوم والدواجن بسوق العبور اليوم 5 أكتوبر    أرسنال يخشى المفاجآت أمام ساوثهامبتون فى الدوري الإنجليزي    أسعار الذهب اليوم والسبائك وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات السبت 5 أكتوبر 2024    "إسلام وسيف وميشيل" أفضل 3 مواهب فى الأسبوع الخامس من كاستنج.. فيديو    برج القوس.. حظك اليوم السبت 5 أكتوبر: اكتشف نفسك    أوركسترا القاهرة السيمفونى يقدم أولى حفلات "الموسيقى الغنائية" اليوم بالأوبرا    ميدو: فيستون ماييلى فضل بيراميدز على الزمالك.. ورشحت القندوسى للأبيض    ميدو: أكبر غلطة عملها الأهلي هي دي.. والجمهور حقه يقلق (فيديو)    بلينكن: 157 مليون دولار لمتضررى الحرب فى لبنان    سلوفينيا تقدم مساعدات عينية لأكثر من 40 ألف شخص في لبنان    مصدر يكشف أزمة جديدة قد تواجه الزمالك لهذه الأسباب    بلومبيرج: البنتاجون سينفق 1.2 مليار دولار لتجديد مخزون الأسلحة بعد هجمات إيران والحوثيين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 5-10-2024 في محافظة البحيرة    صحة المنوفية: تنظم 8365 ندوة على مستوى المحافظة لعدد 69043 مستفيد    ندى أمين: هدفنا في قمة المستقبل تسليط الضوء على دور الشباب    تفاصيل مرض أحمد زكي خلال تجسيده للأدوار.. عانى منه طوال حياته    عمرو أديب عن مشاهد نزوح اللبنانيين: الأزمة في لبنان لن تنتهي سريعا    «مش كل من هب ودب يطلع يتكلم عن الأهلي».. إبراهيم سعيد يشن هجومًا ناريًا على القندوسي    البابا تواضروس الثاني يجتمع بمجلس معهد الدراسات القبطية    رئيس جامعة الأزهر: الحروف المقطعة في القرآن تحمل أسرار إلهية محجوبة    «ممكن تحصلك كارثة».. حسام موافى يحذر من الجري للحاق بالصلاة (فيديو)    رشا راغب: غير المصريين أيضًا استفادوا من خدمات الأكاديمية الوطنية للتدريب    عظة الأنبا مكاريوس حول «أخطر وأعظم 5 عبارات في مسيرتنا»    بمشاركة 1000 طبيب.. اختتام فعاليات المؤتمر الدولي لجراحة الأوعية الدموية    أذكار يوم الجمعة.. كلمات مستحبة احرص على ترديدها في هذا اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعتقلون ثوار.. والقتلة أبرياء

فى ثلاثة أيام حملت الأحداث وعالم إعلامها ثلاثة أمور شكلت بحق مفارقات كبيرة تؤكد أن الطريق لايزال طويلا لتحقيق أهداف الثورة فى 25 يناير، صحيح أننا بدأنا نسير فى بداية الطريق الصحيح بهذه النوعية من القرارات الجامعة والفارقة والكاشفة والبانية لتماسك الجماعة الوطنية واصطفافها فى عملية بناء حقيقية لمصر الجديدة، مصر الثورة التى نريد.

هذه الأمور الثلاث تتمثل فى صدور يوم الإثنين الماضى قرار العفو عن المعتقلين وحلول ذكرى شهداء ماسبييرو فى يوم الثلاثاء، وفى يوم الأربعاء الذى يليه صدر الحكم ببراءة جميع المتهمين فى موقعة سميت بالجمل وأسميها أنا ب«موقعة البغل»، تمييزا لها عن موقعة الجمل التاريخية، وكذلك لأن من قام بها فى حقيقة الأمر تصرف بعقلية البغال فامتهنوا شرف الاحتجاج السلمى وثورة جعلت سلوكها الحضارى نموذجا شهد له القاصى والدانى.

هذه الأمور الثلاث تجعلنا نتوقف بحق أمام هذا الحدث الثورى العظيم وما ترتب عليه من أحداث، حمل بعضها خطوات فى الطريق الصحيح، وحمل البعض الآخر تذكيرا بعالم أحداث وقع فيه شهداء ولم يحدث فى المقابل حركة قصاص تقيم العدل وتحقق حياة الأمم وإحيائها بحفظ الحرمات وحماية الكرامات، وحدث فى الثالث أنه حينما تحين ساعة القصاص فإننا جميعا نصدم ونصطدم بأحكام قضائية عنوانها البراءات للمتهمين، ولسان حال الجميع يقول من قتل هؤلاء الشهداء؟!، أم أن أحداث الثورة التى شهدناها جميعا لم تكن شيئا واقعا أو مذكورا، وكأنه ضرب من تخيل محض أو أوهام، ونسى هؤلاء أن الرؤية العيانية كانت رؤية أمة بأسرها وشعب بأكمله لا يجوز عليها التخيل أو التوهم أو الغفلة أو النسيان.

●●●

دعونا إذن نتعلم من عالم مفارقات هذه الثورة المباركة، فى مفتتحها يصدر القرار الرئاسى بالعفو عن المعتقلين، قرار انتظره الجميع لمعرفة القاصى والدانى كيف كانت تدار الأمور ضمن مسار تشويه متعمد للثورة والثوار، هذا المسار للأسف حمل محاسبة من أصحاب المصالح والثورة المضادة الكامنة والظاهرة لهؤلاء الثائرين بأثر رجعى وفعلى يجعل من بعض الثوار فى دائرة التجريم والأحكام العسكرية والمدنية، الأحكام على هؤلاء كانت سريعة وقاسية، قام بها من قام لتكون عبرة لمن يعتبر من الثوار والثائرين، لسان الحال قبل المقال يشير «علشان متعملوهاش تانى»، «أنتم افتكرتم أنكم فى ثورة بصحيح»، أفيقوا نحن هنا، لم يتغير شىء»، أرادوا بذلك أن يرسخوا فى العقول ويشيعوا لدى الكافة أن الثورة التى قامت ومثلت طاقة الأمل الإيجابية لم تكن إلا وهما، وكأننا لم نعش هذه الثورة بكل وقائعها بأيامها وساعاتها، بدقائقها وثوانيها، وكيف أراد النظام البائد ومن بعده دولته العميقة والقبيحة وثورته المضادة الفضيحة أن يجهض حركة الثورة والثوار، وصل الأمر فى حركته الدنيئة إلى القتل العمد والقنص للأرواح والعيون والإصابات فى مقتل وغير مقتل فى عمل ليس انتقاميا فحسب، بل عملا ممنهجا شهدناه بأعيننا وعايشناه بكياناتنا.

نقول ذلك بمناسبة قرار الرئيس معتمدا توصيات اللجنة التى شكلها لفحص حالات المتهمين المحكوم عليهم فى أحداث ثورة 25 يناير وأصدر مساء الاثنين الماضى قرارا بقانون بالعفو الشامل عن كل من حكم عليه فى أحداث الثورة وما تلاها بأى جناية أو جنحة فى إطار فاعليات ارتكبت بهدف مناصرة الثورة فى الفترة من 25 يناير 2011 حتى 30 يونيو 2012، فيما عدا جرائم القتل العمد.

ويؤكد القانون حقوق الاستدراك من أنه على كل من سقط اسمه سهوا أن يتقدم بتظلم للنائب العام أو المدعى العام العسكرى خلال شهر من نشر الأسماء المشمولة بهذا القرار، ويتم تشكيل لجنة لفحص تظلماتهم، ويتم العمل بهذا القانون من اليوم التالى لنشره فى الجريدة الرسمية.


إن «إصدار رئيس الجمهورية قرارا بصفة قانون للعفو الشامل عن الثوار هى المرة الثانية التى يستخدم فيها صلاحياته التشريعية للوفاء بما قطعه على نفسه من تعهدات بالعفو عن الثوار المحاكمين عسكريا».

وأن معنى العفو الشامل هو إسقاط الجريمة وما يترتب عليها من آثار وتبعات، فيكون لهم الحق فى مباشرة حقوقهم السياسية وغيرها من الحقوق، التى كان يحرم منها المحاكمون جنائيا.

هذا القرار الذى لقى إجماعا شعبيا، بما يحققه دعما للحرية واحتراما لحق التجمع والتظاهر، وحرية الرأى والتعبير فى مصر بعد ثورة يناير.

إن هذا القرار يترجم تلك الحريات، التى ظل النظام السابق يطاردها بقبضته الأمنية ويصادر حقوق المواطنين فيها وينتهكها، وتحذر أى نظام سياسى بعد الثورة من تكرار هذه الأخطاء فى حق الشعب.

إن الشباب من الثوار والمواطنين وأسر الشهداء وذوى المعتقلين، لم ينتظروا قرارا منذ قيام الثورة؛ بقدر انتظارهم لقرار العفو عن جميع المعتقلين مدنيا وعسكريا؛ بسبب مناصرتهم للثورة.

إن تميز هذا القرار فى أنه يشكل خطوة إلى الأمام فى إطار المصالحة التى يقوم بها الرئيس بين أطياف المجتمع وبعضه، وهذه النوعية من القرارات يستطيع الرئيس من خلالها أن يقود البلاد إلى نهضة حقيقية.

●●●

إلا أننا ما زلنا ننتظر الانتصار لدماء الشهداء بإعادة المحاكمات الحقيقية، بأدلة اتهام جديدة تحفظ تحقق القصاص العادل لهم ولذويهم ومجتمعهم ووطنهم حفاظا على حرمة الحياة الإنسانية واحترام حقوق المواطنين وحرياتهم فى التعبير والاحتجاج.

يؤكد ذلك ما وقع فى ذاكرة الأمة إذ جاء الثلاثاء الذى يوافق ذكرى مرور عام على مذبحة «ماسبيرو» التى أوجعت قلب مصر، والقتلة مازالوا طلقاء، دون قصاص، تؤكد هذه الذكرى أن العمل لن يكتمل إلا بمتابعة جادة وحقيقية لكل ملفات الذين سقطوا شهداء أو مصابين والقصاص لهم فى محاكمات حقيقية ترد الحقوق وتنتصف لأصحابها.

وجاء الأربعاء يصدم الناس بحكم كاشف عن مشهد لابد أن يكتمل به قرار العفو الرئاسى ذلك أن براءة المتهمين فى «موقعة البغل» التى كانت فارقة فى مسار الثورة المصرية لأنها كانت الموقعة التى جددت شعلة الثورة وعزيمة الثوار على المواصلة حتى إسقاط النظام، وذلك حين انتصروا فيها على جموع البلطجية الذين أطلقتهم قيادات الحزب الوطنى محملين بالسيوف والسنج والسلاسل وكل الأسلحة البدائية للتوغل فى جموع المسيرات السلمية دهسا وقتلا وترويعا بهدف فض ميدان التحرير من الثوار وفشلوا فى هذا، حملت هذه الموقعة إشارات رمزية بالغة الدلالة لمعركة الثورة، وهى الإطاحة بمنظومة فكرية وسلوكية كاملة وشاملة بالغة البدائية والبلادة والغباوة أوقعت مصر فى شباكها العفنة لمدة ثلاثين عاما، إنها الموقعة الأكثر بلاغة عما تعنيه الثورة، والأكثر فضحا لبهيمية العهد البائد، والأكثر تعبيرا عن مدى إختلافه عن عبقرية الثوار صناع العهد الجديد.

وعلى الرغم من رمزية الموقعة فى ذاكرة الثورة المصرية أتى هذا الحكم الذى يرجع إلى ضعف الأدلة التى قدمتها النيابة العامة، وهو أمر لم يعد من الممكن قبوله، من النائب العام ومن النيابة، فإذا لم يقوموا بواجبهم فليتنحوا جانبا وليستقيلوا، ليس معنى الالتزام بالقانون أن تضيع الحقوق وتستباح حرمات حياة الناس، ويستباح مبدأ القصاص وضروراته، ومن ثم فإن مؤسسة الرئاسة يجب أن تكون ملتزمة بما قطعته على نفسها من تعهدات بإعادة محاكمة قتلة شهداء ثورة 25 يناير، وأن لجنة تقصى الحقائق التى تقوم بجمع المعلومات حول الثورة والمسئولين عن الجرائم التى ارتكبت بحق الثوار لا بد أن تقدم معلومات جديدة تطالب بجيل جديد من المحاكمات للمسئولين الحقيقيين عن دماء الثوار.

●●●

إن هذا الشعب وهذا الوطن لن يغمض له جفن إلا باستكمال حلقات التحقيق الفعال والقصاص العادل لشهداء سقطوا، إن المشكل الحقيقى كيف تحبس الثورة أبناءها؟!، وقد صحح قرار العفو الرئاسى هذه المسألة الهزلية، وكيف من قتل شهداءها يمرح وتبرأ ساحته؟!، وهو أمر يجب تصحيحه من كل طريق وبكل الآليات والأساليب.

مشهد الثورة واكتماله لن يكون إلا بعفو شامل عن الثوار وقد تحقق، ومحاكمات ناجزة عادلة لم تتحقق، وقصاص قائم عادل وكامل من المجرمين والفاسدين والقتلة، أدواتنا فى ذلك قيادة سديدة راشدة، وقضاء طاهر مستقل، ونيابة عامة تملك من إسمها حقيقة وظائفها تدافع عن حق هذا الشعب وتحمى حقوق هذا الوطن وتمكن لأهداف هذه الثورة ومكتسباتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.