لم تتفق المصادر الرسمية فيما بينها حول المغزى الكامل لتصريحات الرئيس الامريكى باراك اوباما التى قال فيها إن مصر ليست حليفا وليست عدوا لواشنطن وذلك فى معرض تعليقه على تبعات الهجوم على السفارة الأمريكية فى القاهرة. وبينما قدرت مصادر رسمية أن هذا التصريح هو «طبيعى ومتوقع فى ظل الوضع الحالى سواء من ناحية وجود حكم جديد فى مصر مازالت توجهاته قيد التقييم والتشكيل أو من ناحية أن الولاياتالمتحدة تقترب حثيثا من انتخابات رئاسية اصبح وضع الرئيس الامريكى الديمقراطى اوباما على المحك بسبب حالة الانتقادات الواسعة التى وجهت لاختيارات سياساته الخارجية التى فتحت الباب ولو جزئيا امام التعامل بحسن نية مع الإسلام السياسى خصوصا فى بلد حيوى للمصالح الاستراتيجية الأمريكية مثل مصر.
مصادر اخرى قدرت أن ما حدث يمثل تحولا نوعيا لا ينبغى التقليل من شأن تداعيات محتملة له سواء عاجلا أو آجلا ليس على العلاقات الثنائية فقط بل على مصالح حيوية لمصر التى تواجه مأزقا اقتصاديا لا يستهان به على الإطلاق.
وقال أحد هذه المصادر «إن مثل هذا التصريح هو فى أحسن التفسيرات يعبر عن قلق أمريكى واضح من توجهات مصر ناحية العلاقات مع واشنطن، وربما أيضا اشارة ضمنية إلى أن واشنطن لن تتعامل مع القاهرة على الأقل فى القريب العاجل من منظور الحليف». المصدر ذاته أضاف: «وعندما لا تتعامل واشنطن مع القاهرة من منظور الحليف فإن ذلك يعنى ببساطة أن واشنطن لن تدعم جهود مصر أو طلباتها للحصول على استثمارات امريكية أو فتح الأسواق الأمريكية بدرجة أكبر امام المنتجات المصرية، كما أنه يعنى أن واشنطن لن تتفهم مطالب مصرية فيما يتعلق بقرض صندوق النقد الدولى».
وتقول مصادر مصرية عليمة إن تصريح اوباما صدر بعد أن طلبت واشنطن من القاهرة أن تصدر ردة فعل مطمئنة وحاسمة إزاء قيام متظاهرين بحرق العلم الأمريكى عند السفارة الامريكية وكتابة اسم اسامة بن لادن على مقر السفارة وهى ردة الفعل التى لم تتلقاها الولاياتالمتحدةالأمريكية رغم وعود من القاهرة بغير ذلك.
وتقدر مصادر أمريكية أن مصر سيكون عليها فى القريب العاجل أن توضح علنا، وليس فقط وراء الأبواب المغلقة، موقفها من العلاقة مع امريكا وأن توفر تأمينا كاملا للسفارة الأمريكية.
وقال مصدر امريكى إن وزيرة الخارجية الامريكية هيلارى كلينتون تلقت اتصالا هاتفيا من رئيس الوزراء المصرى هشام قنديل اعرب فيه عن حرص مصر على علاقاتها الاستراتيجية مع امريكا ولكن ما قاله قنديل لكلينتون عبر الهاتف لم يتم التعبير عنه فيما تحدث به المسئولون المصريون رغم تأكيدات الرئيس مرسى بحتمية حماية السفارات الأجنبية ورغم لقاءات جرت بين مسئولين فى الداخلية المصرية وبين مسئولين فى السفارة الامريكية.
ويضف المصدر ذاته أن الحديث الجارى فى اروقة السياسة الامريكية الآن يفيد بأن واشنطن ربما تكون قد اخطأت فى فتح الباب للتعامل الإيجابى مع الاسلام السياسى.
ويشدد المصدر الامريكى أن أحدا فى واشنطن لا يريد التضحية بعلاقات «عميقة جدا» مع مصر ولكن سيكون على مصر أن تبدى نفس الحرص على العلاقة مع امريكا «سيكون على الرئيس المصرى أن يقرر ما إذا كان يريد المضى قدما فى مغازلة الشارع المصرى او مصارحة الشارع المصرى بأن مصر حريصة على علاقاتها مع امريكا وان هذه العلاقات تفرض على الجانبين مطالب والتزامات فى اطار الاحترام المشترك والمصلحة المشتركة التى تتجاوز الحفاظ على اتفاقية السلام الاسرائيلية المصرية». وتقر مصادر مصرية بأن الاشارة لمصر بأنها ليست حليفا وليست عدوا لم تصدر من واشنطن فى أزمات كثرة تالية لحكم الرئيس المصرى المتنحى حسنى مبارك بما فى ذلك ازمة توقيف مواطنين امريكيين فى قضية تمويل منظمات المجتمع المدنى.