كشفت مصادر قضائية رفيعة المستوى بالمحكمة الدستورية العليا، عن إرسالها تقريرا إلى الجمعية التأسيسية للدستور، يتضمن تصورها للمواد الخاصة بالمحكمة فى الدستور الجديد، مؤكدة فيه معارضتها ل«أى محاولات داخل الجمعية لقصر عضويتها على 11 قاضيا فقط»، وأكدت أن النص النهائى الذى سيتضمنه مشروع الدستور لم يتحدد بعد. وأوضحت المصادر أن المحكمة أوصت الجمعية التأسيسية بإبقاء كل المواد الخاصة بها فى دستور 1971 «كما هى دون تغيير»، مقابل إدخال تعديل واحد على المادة 176 القديمة، بحذف عبارة «ويحدد القانون كيفية تشكيلها»، باعتبار أن هذه المادة وضعت أصلا مع أول تشكيل للمحكمة، وفى ظل عدم وجود قانون منظم لها آنذاك، مؤكدة أن الأمر تغير الآن، حيث أصبحت المحكمة قائمة وآلية تشكيلها معروفة.
وفجرت المصادر مفاجأة بقولها «إن المحكمة لا تعارض أن ينص الدستور الجديد على جعل رقابة المحكمة سابقة، بالنسبة لقوانين الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية ومباشرة الحقوق السياسية»، مشيرة إلى أن الأسباب التى يستند لها التعديل وجيهة جدا، وتهدف إلى استقرار الهيئات التشريعية المنتخبة، بحيث لا تعود المحكمة وتبطل نصوصا قد يترتب عليها حل المجالس النيابية، كما حدث فى 14 يونيو الماضى بإصدار حكم حل مجلس الشعب.
وأضافت المصادر: «يجب على الجمعية التأسيسية وضع نص دستورى محكم لإعمال الرقابة المسبقة للمحكمة على هذه القوانين فقط وحصريا، وبحيث تظل الرقابة اللاحقة على كل القوانين الأخرى من سلطة المحكمة»، لافتة النظر إلى أن المحاكم والمجالس الدستورية فى أوروبا والعالم، تتجه حاليا نحو إعمال رقابتها اللاحقة على القوانين، رغم أنها كانت ذات رقابة سابقة فى الماضى، وليس من المتصور أن تعود مصر إلى الوراء وتخسر محكمتها العليا مكتسباتها القانونية.
وأشارت إلى أن وجود معارضة من جانب المحكمة فيما يتعلق بالمادة الدستورية المقترحة، والتى تنص على أنه «تتعرض المحكمة لبطلان النصوص القانونية فقط، دون التصدى لموضوعها»، مؤكدة أن هذا المنهج هو ما تتبعه المحكمة بالفعل، ولم يسبق للمحكمة حسب المصادر التصدى لموضوع أى دعوى، حيث يترك الموضوع للمحكمة التى أحالت القضية إلى الدستورية، سواء كانت فى مجلس الدولة أو القضاء العادى.
وحول ما يروج له أعضاء الجمعية التأسيسية بأن المحكمة تصدت بالفعل لموضوع القضية فى حكمها بحل مجلس الشعب، قالت المصادر: «هذا الكلام ناتج عن فهم غير صحيح للحكم، فعندما قررت المحكمة فى حيثياتها حل المجلس كله، كانت تقدم تفسيرها للحكم حرصا على المراكز القانونية، واتبعت فى ذلك مبادئ سابقة قررتها المحكمة عامى 1987 و1990، بزوال المجلس النيابى الباطل واستمرار العمل بالتشريعات التى قررها سابقا».
ووصفت المصادر أن تحديد عدد أعضاء المحكمة ب11 بدلا من ترك العدد مفتوحا بأنه «إجراء شكلى»، وأن العدد المقترح لا يتناسب مع عدد القضايا المطروحة أمامها، كما أن النص لم يشرح كيفية اختيارهم، ومن الجهة التى ستعتمد هذه الاختيارات، كما أن النص الانتقالى المقترح الذى يبقى ال19 قاضيا الحاليين فى أماكنهم، لحين نقص العدد عن 11، «ليس محكما وغريبا عن أى دستور».
واستطردت: «تغيير نظام محكمة قائمة يعتبر تدخلا فى شئونها، لا سيما وأن النظام الجديد الذى أقرته الجمعية العمومية للمحكمة لاختيار أعضائها العام الماضى، يجعلها مستقلة عن السلطة التنفيذية أكثر من محكمة النقض ومجلس الدولة، فرئيس الجمهورية لا يملك الاعتراض على اختيار الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية، سواء فى تعيين الأعضاء الجدد بها أو انتخاب رئيسها، بينما يملك الرئيس الاعتراض على اختيار جمعيتى محكمة النقض ومجلس الدولة».