لقي خطاب الرئيس محمد مرسي أمام الجامعة العربية، أمس الأربعاء، إشادة حزبيين وخبراء سياسيين مختلفي التوجهات، واعتبروا أن الخطاب يؤكد على عودة لدور مصر وريادتها للمنطقة، وطالبوا في الوقت نفسه بضرورة البدء الفوري في تفعيل تلك المبادئ على أرض الواقع. وصف أحمد خيري، المتحدث الرسمي باسم حزب المصريين الأحرار، مضمون الخطاب بأنه «جيّد»، وأضاف: «جودة الخطاب تأتي من تطرقه لقضايا ملحة وهامة مثل الوضع في سوريا والقضية الفلسطينية، وغيرهما من القضايا العربية، لكنه لا يجب الاستمرار في الكلام دون تحديد استراتيجية واضحة للتنفيذ».
وقال خيري: «كنت أتمنى أن يتضمن الخطاب تصوّرًا واضحًا لإعادة صياغة مؤسسة الجامعة العربية من جديد، فمنذ إنشائها وحتى الآن لم تحقق الأهداف المرجوة منها، ولابد من إعادة بلورة دور الجامعة العربية ليكون أكثر فعالية في الفترة المقبلة على الصعيدين الإقليمي والدولي.»
وأعربت الدكتورة كريمة الحفناوي، القيادية بالحزب الاشتراكي المصري، عن ارتياحها لمضمون الخطاب، وقالت: «الحديث عن حل الأزمة السورية بعيدًا عن التدخل الخارجي أمر إيجابي تمامًا، لكننا نحذر في الوقت نفسه من دعوات تسليح المعارضة السورية، فعلى الرغم من رفضي لموقف النظام السوري، إلا أنني أرى أن تسليح المعارضة سيؤجج الأوضاع أكثر وسيسفر عن المزيد من الدماء».
وأضافت الحفناوي: «ما يهمنا في السياسة الخارجية، هو أن تعود مصر إلى دورها الريادي في قيادة الأمة العربية، ونريد العودة لممارسة هذا الدور على أساس إحياء اتفاقيات الدفاع العربي المشترك، وإحياء صندوق المقاطعة العربية ضد الصهيونية، وتفعيل مجلس الوحدة الاقتصادية العربية الذي تم تأسيسه منذ عام 1957.. نطالب بتفعيل كل ذلك حتى لا يكون الخطاب مجرد كلام مرسل».
ورأى مجدي حسين رئيس حزب العمل، أن الخطاب مهم وجيد، مستطردًا: «لكن الأهم هو البدء بتفعيل الاقتراح المصري إزاء الأزمة السورية.. لابد أن تبدأ اللجنة الرباعية بمشاركة مصر وإيران وتركيا والسعودية بالاجتماع فورًا لبحث حل الأزمة، منذ طرح الرئيس مرسي مبادرته بشأن سوريا وحتى الآن لم تبدأ إجراءات تفعيلها».
وتابع حسين: «الكلام جيد، لكن التحدي الأكبر الذي يواجه الرئيس مرسي في الداخل والخارج، هو تحويل هذا الكلام إلى أفعال على أرض الواقع».
من جهته قال المهندس طارق الملط، عضو المكتب السياسي لحزب الوسط: «الخطاب في مجمله جيد وجديد بالنسبة لرئيس مصري يتحدث في الجامعة العربية بهذه اللغة منذ عقود، والشعور بعودة الثقة في هذا التجمع العربي، وأن يكون له كلمة ومكانة بين الكيانات الدولية الأخرى».
واعتبر الملط، أن الخطاب أعطى «ثقة كبير للعرب، من خلال القول إن مصر وراء أي قرار من أجل دعم حقوق الشعب السوري، فضلا عن القوة في رفض أي تدخل أجنبي في سوريا وعدم السماح بشيء كهذا».
وأضاف الملط: «أرى أن الخطاب بداية لتدشين دور جديد لجامعة الدول العربية، وأتمنى أن ينعكس هذا أيضًا على الملف الاقتصادي، حتى يتحقق ما نحلم به من وحدة اقتصادية عربية، بما لدينا من موارد يستغلها آخرون من خارج المنطقة العربية».
ووصف الدكتور مصطفى اللباد، رئيس مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية، خطاب مرسي بالجامعة العربية ب«الموفق»؛ حيث أكد الرئيس خلاله على الرابط المصري بالدول العربية حين تحدث عن الحل العربي وبدائله في الأزمات التي تقع فيها بعض البلدان العربية ومنها سوريا، مشيرًا إلى أنه أرسل رسالة مبطنة لدول الجوار غير العربية يوضح انفتاحه عليها.
وأضاف اللباد، أن الخطاب يُعد تطورًا لسياسية مصر الخارجية عن نظيرتها في العقود الثلاثة الأخيرة، مشيدًا باستعمال الرئيس لما أسماه ب«القوة الناعمة لمصر»، وذلك بطرحه إرسال معلمين مصريين للسوريين المقيمين بمعسكرات اللاجئين بتركيا، وإعفاء الطلاب السوريين المقيمين بمصر من مصاريفهم الدراسية.
وأوضح، أن الخطاب يؤكد أن مصر بصدد العودة لوضعها بتوازنات المنطقة، مضيفًا أن ذلك ظهر جليًا أثناء حديثه عن الأزمة السورية، والتأكيد على أن مصر هي راعي التسوية.
وأشار اللباد في الوقت ذاته إلى أنه أكد على التزامه بمعاهدة السلام عند حديثه عن القضية الفلسطينية، وحديثه عن بعض البلدان كفلسطين والعراق ودول الخليج لم يكن سوى تكرار موقف مصر منها في السبعينيات والثمانينيات.
كما وصف الدكتور مصطفى حجازي، خطاب مرسي بجامعة الدول العربية بأنه «جيد» وتوافر به الحد الأدنى لخطاب رئيس الجمهورية في مجال السياسية الخارجية، مشيرًا إلى أنه أكد على عودة مصر لريادتها بعد غيابها لفترة طويلة.