عندما تحل مصيبة بإحدى القرى الموجودة في عدد من الدول الأفريقية، يساور بعض قاطنيها شكوك في احتمالية قيام بعض النساء بممارسة السحر. وفي غانا، عندما تُتهم امرأة بممارسة السحر – تُجبر على العيش في مخيمات خُصصت للساحرات. أسرعت دراجة بخارية قديمة وسط مناطق السافانا الواسعة بشمال غانا، وخلّفت وراءها سحابة من الأتربة. وعندما وصلت الدراجة إلى أكواخ مصنوعة من القش، ساعد سائق الدراجة أمّه على الترجل لتبدأ حياتها الجديدة في المنفى. وصلت ساماتا عبد الله إلى قرية كوكو - وهي واحدة من ستة مخيمات للساحرات في غانا تلوذ بها المتهمات بممارسة السحر خوفا من تعرضهن للضرب أو التعذيب أو ربما القتل خارج نطاق القانون. ويُقال إن تاريخ نشأة هذه المخيمات يعود إلى أكثر من 100 عام، عندما قرر زعماء بعض القرى بناء مناطق آمنة معزولة لهذه النساء. ويدير هذه المخيمات شخصيات محلية يقال إنها قادرة على تطهير المتهمات لحماية المجتمع من أي أعمال سحرية وحماية المرأة نفسها من التعرض للقتل. وفي الوقت الحالي يتولى زعماء محلية إدارة المخيات التي تستوعب ما يصل إلى 1000 امرأة تعشن بأكواخ غير مزودة بالكهرباء أو المياه الجارية. وتضطر المقيمات بمخيم كوكو إلى السير على الأقدام لثلاثة أميال كل يوم إلى نهر أوتو لجلب الماء، كما تعانين خلال رحلة عودتهن إلى أعلى التلال حاملات قرب المياه الثقيلة. ورغم الصعوبات اللاتي تواجههن العجائز بهذه المخيمات، يضطررن لتحملها رغبة في البقاء في آمان. وتتعيّش العجائز على جمع الحطب وبيع الفول أو عبر العمل في مزارع مجاورة. "تعويذة" كانت ساماتا تعيش على بعد نحو 40 كيلومترا في قرية بولي، حيث قضت فيها أعواما ترعى حفيدتيها أثناء عمل ابنتها في الحقول. وفجأة في أحد الأيام جاءها أحد أشقاءها ليحذرها من أن سكان القرية يعتقدون أنها المسؤولة عن وفاة ابنة اختها باستخدام تعويذة سحرية. وتقول سامات "شعرت بالارتباك إذ أعلم برائتي. لكني أعلم أن بمجرد اتهامي بممارسة السحر تصبح حياتي في خطر. ولذا قررت الهرب حتى دون تجميع حاجياتي." وتبدو مخيمات الساحرات شيئا فريدا يتسم به شمال غانا. لكن يشترك مواطنو غانا مع آخرين بدول أفريقية أخرى في الاعتقاد بأن السحر الأسود مرتبط بأمراض والحرائق وموجات الجفاف وغيرها من الكوارث الطبيعية. اتهامات بعد وفاة الزوج ويقول تقرير لمنظمة "Action Aid" الخيرية حول مخيمات الساحرات، نُشر هذا الأسبوع، إن أكثر من 70 في المئة من المقيمات في مخيم كوكو وجهت لهن اتهامات بممارسة السحر بعد رحيل أزواجهن – مما يشير إلى أن هذه الاتهامات ربما تكون وسيلة من العائلة للسيطرة على ممتلكات الأرامل. تقول شقيقة ساماتا الصغرى صافيا (52 عاما)، والتي اتهمت أيضا أمها وجدتها بممارسة السحر "لسن ساحرات، بل ينم الأمر عن كره وغيرة وهذه مجرد وسيلة للتخلص منهن." وكما الحال مع معظم من يعشن في مخيمات الساحرات، بما في ذلك ساماتا، تعتقد صافيا بوجود ساحرات لكنها تشعر أن الكثير من النساء توجه لهن اتهامات دون وجه حق. ويقول الدكتور أكواسي أوسي، الطبيب النفسي بالخدمة الصحية في غانا الذي يزعم أن أغلبية نساء المخيمات يعانين من أمراض عقلية "في المجتمعات التقليدية لا يفهم الناس معنى الإصابة بالاكتئاب أو الخرف." وترى الحكومة في غانا أن هذه المخيمات تضر بسمعتها كأحدى الدول الديمقراطية الأكثر تقدما وكاقتصاد صاعد بأفريقيا. وأكدت العام الماضي أنها ستتحرك سريعا لإخلاء المخيمات وربما خلال 2012. لكن إعادة النساء إلى قراهم محفوف بالمخاطر حاليا. تطهير المتهمات من السحر أخرجت أيشيتو بوجري (40 عاما) من قريتها بعد مرض ابنة جارها وانتهى بها المطاف في مخيم للساحرات في غامباغا. وبعد لقاءات امتدت على مدار أشهر بين أيشتو وشخصيات من قريتها السابقة، أُطلق سراحها بعد وصولها إلى المخيم بثلاثة أعوام تقريبا، ومنذ ذلك الحين أطلق سراح 250 امرأة. وفي كوكو، يتعين على ساماتا اجتياز طقوس خاصة يؤمن مجتمعها أنها تحدد ما إذا كانت مذنبة أم لا. ويتعين على ساماتا شراء دجاجة زاهية لتقدمها إلى الكاهن المقيم بالقرية. ويجلس الكاهن القرفصاء ويتمتم ببعض التعويذات قبل ذبح الدجاجة. وتنتظر ساماتا بقلق بينما تلفظ الدجاجة أنفاسها الأخيرة لترى كيف ستسقط على الأرض. وإذا سقطت الدجاجة على ظهرها، فإن ذلك يعني أن ساماتا بريئة. وتقوم حينئذ برش المياه المقدسة على جسدها وعلى الحاضرين. وتعرف حينئذ أنه تم تبرئتها. وإذا تم إدانتها، تضطر ساماتا إلى تقديم دجاجة أخرى وتنظيم حفل تطهيري أصعب تحتسي خلاله مزيج من دماء الدجاج وجماجم القردة والتراب. ويجب على المرأة تناول ذلك وألا تصاب بمرض خلال سبعة أيام. وإذا لم يحدث ذلك يتعين عليها تجربة ذلك مرة أخرى. ولا يعني ذلك أنه يمكن لساماتا العودة إلى المنزل، بل على الرغم من تبرئتها إلا أن الاتهامات التي وجهت إليها تعني أنها لا يمكنها العودة بآمان. وتقول ساماتا "عندما تتهم بممارسة السحر، يعني ذلك أنك فقد شرفك. وبأمانة، أشعر وكأن حياتي قد انتهت." وربما كان سبب حزن ساماتا الرئيس أنه لن يمكنها رؤية أحفادها مرة أخرى. وتقول "أشعر بالقلق ولا أدرى من سيعتني بالفتاتين، كنت أتولى رعياتهما، ولا أعرف من سيقوم بذلك الآن؟"