كتب جون الترمان أستاذ دراسات الشرق الأوسط بجامعة جورج واشنطن ومدير برنامج الشرق الأوسط بمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية تقريرا نشره المركز يقول فيه «فى يوم الاحد الموافق 12 أغسطس، تسبب الرئيس المصرى محمد مرسى فى هزة للمؤسسة العسكرية، بعد أن كانت التحليلات تشير لشهور إلى أن الجيش يحول دون تأسيس الحكومة المصرية المدنية المنتخبة لأى سيطرة ذات شأن. فقد أقال مرسى وزير دفاعه القوى، كما استبدل عددا من اللواءات رفيعى المستوى. وبينما جاءت تلك الإجراءات فى أعقاب الهجوم الذى وقع على حرس الحدود فى سيناء، فقد انعكست آثار هذه التغييرات على البنية السياسية المصرية».
ويطرح الكاتب مجموعة أسئلة حول الموضوع ويجيب عنها فيما يلى:
السؤال الأول: هل تعنى التنقلات التى حدثت فى نهاية الأسبوع وسط صفوف المسئولين العسكريين أن القيادة المدنية المصرية أحكمت سيطرتها على الجيش الآن؟
ربما تكون الإجابة بالنفى. إذ يتوقف الأسلوب السطحى للنظر إلى ذلك على صعود الرئيس مرسى الديناميكى والجرىء، وحقيقة أن المسئولين العسكريين الثلاثة رفيعى المستوى تم طردهم، أحدهم إثر الآخر فى غضون أسبوع. ولكن حتى الآن، لم تؤد هذه الإجراءات إلى إثارة ردود الفعل الغاضبة المضادة التى يمكن توقعها. ويوحى التروى الهادئ الذى سارت به الأحداث، وإذعان الجيش الواضح، بأن هناك تأييدا واسعا داخل الجيش لهذه الخطوة.
إذا ظل الجيش هادئا، ينبغى افتراض أن صفقة ما تم عقدها. فمن شأن الانتصار السهل لرجال السياسة الإسلاميين على المسئولين العسكريين إثارة مقاومة فى الجيش. وقد يكون جزء من هذه الصفقة حصول العسكريين على أشياء يرغبون فيها يحتمل أن يكون من بينها ضمان عدم فسخ مصر لمعاهدة السلام مع إسرائيل، وأن تظل ميزانيات الجيش غير قابلة للمساس. وفى مقابل هذا، ينبغى أن يكون اللواء عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع المعين حديثا، قادرا على إيقاف تدخل الجيش فى مجموعة من القضايا المدنية.
•••
السؤال الثانى: ما دلالة ذلك بالنسبة للسياسة العسكرية لمصر؟
يجيب الترمان «مازلنا غير مستوعبين للسياسة العسكرية فى مصر، ولكن هناك إيحاء بوجود مناهج مختلفة لدى القادة من اللواءات. فعلى سبيل المثال، عقد اللواء مراد موافى مدير الاستخبارات العامة، اجتماعات موسعة مع مجموعة واسعة من الفاعلين السياسيين، ويعتقد أنه منحاز لسياسة أكثر تنوعا. وكان أداء رئيس هيئة الأركان سامى عنان كشخص واقعى، لكن ليس كشخص ليبرالى بأى حال؛ فقد اعتقد كثيرون إنه سعى ليحل محل المشير حسين طنطاوى، ولتوجيه الجيش إلى تولى دور سياسى دائم. وكان السيسى دائما، وهو رئيس الاستخبارات العسكرية فى السابق، محايدا بصورة ما، لكن فيما يزيد على عام، كانت مصادر مصرية مطلعة تتهامس بأن الاستخبارات العسكرية لها طموحاتها المؤسسية الخاصة. ومع الخطوة التى تمت نهاية الأسبوع، يبدو أنها لم ترسخ نفسها كوسيط بين الجيش والقيادات المدنية فحسب، بل باعتبارها كذلك قوتها الدائمة.
•••
السؤال الثالث: ماذا يعنى هذا لسياسة مصر المدنية؟
مازال الوقت مبكرا للحكم على هذا. يوضح الترمان أن مرسى قد أزال ، من الناحية القانونية، كثيرا من الحواجز التى أقامها الجيش لضمان حصول أصوات غير إسلامية على دور كبير فى كتابة الدستور المصرى. وإذا نظر أى شخص إلى قائمة المكاسب السياسية التى حققها الإخوان مؤخرا بدافع النهم، فلابد أن يثور القلق الشديد لديه. وفى كل الأحوال، توحى قراءة مثل هذه بأن الجيش غير راغب أو قادر على التأثير فى عملية كتاب الدستور. ولكن الأرجح وصول الجيش والقيادة المدنية إلى تفاهمات نهائية حول القضية. ويستحق هذا بالتأكيد يقظة دائمة.
•••
السؤال الرابع: ماذا يعنى هذا بالنسبة للعلاقة مع الولاياتالمتحدة؟ ومع إسرائيل؟
يشير الترمان أن هناك علامات إيجابية يمكن الوقوف عليها جميعا نتيجة لحركة التنقلات بين المسئولين العسكريين. فترقية اللواء محمد العصار إلى نائب وزير الدفاع، تعطى فكرة جيدة عن الشخص الذى كان مسئولا عن العلاقة الثنائية بين الولاياتالمتحدة ومصر لأكثر من عقد. كما كان للواء السيسى نفسه أيضا تعاملات واسعة مع الولاياتالمتحدة فيما يتعلق بالأمور العملية، التى تتضمن فى معظم الأحيان الاشتراك مع نظرائه الإسرائيليين، ولهذا تشير هذه الخطوة بشدة إلى أن مصر سوف تحاول خلق استقرار واستمرارية على الحدود الإسرائيلية.
•••
السؤال الخامس: وماذا عن دول الخليج العربية؟
يوضح الترمان أنه يصعب التعرف على تقييمات تلك الدول للموقف، ولكن أكثرها متشكك بعمق فى نوايا الإخوان المسلمين (باستثناء قطر، التى ساهمت بمبلغ مليارى دولار أمريكى فى البنك المركزى يوم السبت). ولكنها تمثل مصدرا مهما لتمويل الاقتصاد المصرى فى المستقبل، وهى تسعى إلى ضمان أن تكون مصر مستقرة، وأن يكون لها تأثير على استقرار المنطقة على السواء. ويمكن أن يساعد أسلوب جيد فى تداول السلطة بين المدنيين والقادة العسكريين فى تأمين ذلك.