الحق قد يقال مرتين، فمرة يقوله السياف ومرة يقوله العراف، هكذا كان يقول الشاعر الكبير الراحل محمد عفيفى مطر فى كتابه «أوائل زيارات الدهشة» والدهشة تلازمنى كلما تلقيت عبر بريدى الإلكترونى كتابة جديدة لشهيد الثورة الحى مالك مصطفى، الذى سرق لصوص الثورة عينيه فى جريمة محمد محمود الأولى، غير أن مالك ليس بسياف ولا هو بعراف، هو العارف بهذه الثورة، وبأسرار الموت النبيل فى محرابها. مالك يكتب لكم عن قوافل الشهداء ويملؤكم باليقين فاقرأوا ما كتب:
على جدار عبقرى فى محمد محمود رسمت حقيقتهم
اخلع ذاتك وتنفس بدونها.. ستجد أن ما يدور حولك عبث.. وأن بقاء ما تحب باق ببقائك..
اطلق صيحات غضبك المقلقة لروحك وانتشى بإحباطاتك قليلا.. فما تبقى يستلزم أن نكون قد تطهرنا تماما من كل ما علق بكياننا من إخفاقات.. «أتبكون على من رفع، وتذرفون عليه الدموع؟ أتبكون على من تم اختياره ليكون اعلى من الموجودات؟ اتعضون ارواحكم غضبا على انكم لم تقتصوا لهم حتى الآن؟ لم افهم منطقكم ولن افهمه، فهم رفعوا عن دنيانا وترفعوا، فما بالكم تلفتون إلى الوراء بينما عليكم ان تنظروا إلى اعلى وترسلون اليهم ابتسامة؟
فى الطريق، يوجد الكثير من الغضب والخوف، الانكسار والانهزام.. فى الطريق الذى اخترتموه لن تجدوا من يربت عليكم بصدق ويقول لكم «ابطال»، وان وجدتموه لن يكون الا من بنى ثورتكم.. فلا تنتظروا الثناء من احد، ولا تنتظروا الغد من احد، ولا تنتظروا ان يمد احد يده اليكم ويعبر بكم إلى النور.. فانتم النور، وانتم الغد، وانتم كل الثناء، فلا تنتظروا شيئا من احد..
فى السجون، تحاط بكم جدران، وتقوم بحراستكم الضباع.. فى السجون انتم المنتصرون، وانتم الاسود.. لم نر اسدا يضع انسانا فى قفص ويحرسه خشية منه، بل دائما البشرى فى الخارج، والاسود مغلقة عليها الزنازين، فلا تخضعوا ابدا، ولا تسمحوا لهم باستئناسكم.. فدائما اسودا كنتم ودائما اسودا تكونوا..
فى خطوط المواجهة كنتم الأسبقين، كنتم من يقدم روحه لتروى هذه الثورة، بعضكم رفع، وبعضكم سجن، والبعض ينتظر قضاء نحبه.. فلا تبتئسوا حين تجلسون فى بيوتكم ان لا شىء يفعل، فكل شىء فى اوان، وكل شىء بميعاد..
انتم الاولون، وانتم الاخرون، انتم ثورتكم، وانتم الحلم.. لا تنتظروا من أى احد ان يعرفكم من انتم، ولا تنتظروا من خارجكم حلول، وقت الحل ستعرفونه، وستشاركون فيه، ويومئد ستفرحون..
بدأت بنا، وستنتصر بنا.. نحن كما نحن بلا قيادة، بلا زعيم، بلا احزاب، بلا طوائف.. لم نسمع عن دين بأحزاب، ولم نعرف ثورة تحولت لكراسى سلطة.. دائما الثوار افراد، ودائما السياسيون كتل.. ثورتنا جاءت لتفرض، لتجبر، لتستمر، فلا تفاوض، ولا تصالح، ولا توقف لأى شىء.
كتب لنا النصر، فلا بد من انتظاره.. ولا نبتئس من تأخره، وننتصر من داخلنا، تنتصر ثورتنا ديننا.