مثل مقتل اللواء الشهيد عبد الفتاح يونس الشهر الماضى امتحانا قاسيا للثوار فى ليبيا، وهو وزير الداخلية فى نظام القذافى الذى انضم للثورة منذ بدايتها بانشقاقه عن النظام، ورفضه ضرب مدينة بنغازى بكتيبة الصاعقة التى يرأسها، فقد وضع مقتله المجلس الانتقالى فى اختبار صعب، ورفع الأمن الى أول وأهم الأولويات على اجندة المجلس الوطنى الانتقالى، فإلى جانب توفير الأموال لتصريف أمور الحياة اليومية، والحصول على الدعم السياسى الدولى للثورة برز الأمن كأهم تحديات المرحله الانتقالية التى تعيشها ليبيا حاليا. وتفرض المرحلة الانتقالية بطبيعتها، إدراكا ناضجا لطبيعة التحديات التى يفرزها انهيار نظام والآثار السلبية التى يخلفها، وتحديات بناء نظام جديد بديل يظهر من رحم تلك السلبيات، إن إسقاط النظام بحد ذاته لا يعنى ضرورة أن تتحقق كل الأهداف التى اسقط من اجلها، فإسقاط النظام القائم لا يعد تحديا بدرجة اقامة نظام بديل افضل؛ ففى الأخير، تكون التحديات اكبر وأصعب، وهنا يحتل الأمن المركز الأول والأهم فى الاثنين معا، وهذا ما عبر عنه الدكتور محمود جبريل رئيس المكتب التنفيذى فى المجلس اثناء مؤتمره الصحفى فى باريس، بعد دخول الثوار الى طرابلس «لقد انتهت معركة لتبدأ معركة بناء ليبيا». إن الوضع الأمنى المقلق وغير المستقر حتى الآن يعد التحدى الأكبر، فما زالت كتائب القذافى تقصف ومازالت جيوبه تعمل، وهناك الطابور الخامس الأخضر، الى جانب الكتائب المسلحة من الثوار كل هذا من شأنه أن يشتت الأمن فى الأراضى الليبية، وقد طرح ذلك بقوة اشكالية الأمن فى ليبيا، وهذه الإشكالية تتطلب حلولا عاجلة وحاسمة.. إذ إن استمرار حالة الانفلات الأمنى هذه، من شأنها ضرب هيبة المجلس الانتقالى والمجلس العسكرى التابع له، بما يمثل انتكاسة حقيقية للثورة. إن اعادة تشكيل المكتب التنفيذى خطوة فى طريق الأفضل، واسثمار جيد من الأخطاء، الآن وقد انتهت معركة لتبدأ معركة جديدة من نوع آخر، بعد تحرير طرابلس صار لزاما على المجلس أن يثبت فاعليته فى امرين ملحين وعلى نفس الدرجة من الأهمية فى هذه المرحلة وهما الأمن وتوفير الأموال لتسيير أمور الحياة العادية لأنقاض الوضع المؤلم فى طرابلس، لقد ذكر الدكتور محمود جبريل فى اجتماع جامعة الدول العربية «أن العجز المالى هو اختبار لقدرة المجلس.. أن عدم الاستقرار الحقيقى ينشأ عن عجز المجلس الانتقالى عن ايصال الخدمات فى الوقت المطلوب»، كما طلب المساعدة العربية فى حفظ الأمن اذا ما عجز المجلس فى حفظ الأمن فى هذه المرحلة الحرجة، وفى نفس الوقت هددت قبيلة الشهيد عبد الفتاح يونس بالثأر بنفسها اذا لم تصدر نتيجة التحقيقات بشأن مقتله خلال عيد الفطر المبارك، وبالتالى يواجه المجلس هنا بثنائية المال والأمن الأصعب فى اختبار القدرة على القيادة والتحكم.