اعتقال ليبي بشبهة التخطيط لمهاجمة السفارة الإسرائيلية في ألمانيا    بعد اتهامها بمحاولة اغتيال نتنياهو .. بيان عاجل من إيران    بالصواريخ.. حزب الله اللبناني يُعلن قصف صفد في شمال إسرائيل    تفاصيل وكواليس ما حدث فى قطاع غ زة بعد غارات الاحتلال العنيفة.. فيديو    وثائق سرية تكشف استعداد إسرائيل للهجوم على إيران .. تفاصيل    قبل الكلاسيكو.. ريال مدريد يحقق فوزًا ثمينًا على سيلتا فيجو 2-1 بالدوري الإسباني    نجم بيراميدز السابق يكشف مفاجأة مدوية بشأن موقف رمضان صبحي من العودة للأهلي    متعب والحضرى وشوقى ويونس فى الاستوديو التحليلى لمباراة الأهلى وسيراميكا    اليوم.. محاكمة 6 متهمين في «خلية الحدائق»    اليوم .. محاكمة اللاعب أحمد ياسر المحمدي بتهمة اغتصاب فتاة في قطر    تامر عاشور يشدو بأروع أغانيه لليوم الثاني بمهرجان الموسيقى    طارق الدسوقي خلال افتتاح ملتقى المسرح للجامعات: هذه الدورة الأصعب على الإطلاق    هل يجوز ذكر اسم الشخص في الدعاء أثناء الصلاة؟.. دار الإفتاء تجيب    تفسير آية | معني قوله تعالي «أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى»    كلمة السر في مرض أحمد سعد .. خطر غير مرئى هو السبب    اللواء سمير فرج: حماس ضعفت وتحتاج إلى 10 سنوات لاستعادة قوتها مرة أخرى (فيديو)    بلدية المحلة في مواجهة صعبة أمام المصرية للاتصالات بدوري المحترفين    حرب غزة.. استشهاد طفل في قصف للاحتلال على النصيرات    شعبة المخابز تحدد موعد ارتفاع أسعار الخبز السياحي (فيديو)    الشرطة الألمانية تستخدم الكلاب لتفريق متظاهرين منددين بجرائم الاحتلال    هرسه في ثانية، لحظة دهس سيارة نقل ثقيل يقودها طفل ل شاب بالصف (فيديو)    نوة رياح الصليب وأمطار غزيرة.. الأرصاد تحذر من طقس اليوم الأحد    أهالي شارع عمر بن الخطاب بمصر الجديدة يستغيثون ويُناشدون وزارة التنمية المحلية    معرض فرانكفورت للكتاب: توزيع جوائز تيك توك بوك للمنطقة الناطقة بالألمانية    موعد بداية فصل الشتاء 2024.. وتوقيت فتح وغلق المحلات قبل تطبيق التوقيت الشتوي    عاجل - زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت بالجزائر 2024 وخطوات التقديم عبر موقع الوكالة الوطنية للتشغيل    «احتفالا بحملها».. سلمى أبوضيف تظهر بفستان أبيض من جديد (صور)    «زي النهارده».. اندلاع ثورة القاهرة الأولى 20 أكتوبر 1798    غدًا.. عبد الرحيم علي ضيف برنامج «كلام في السياسة» على «إكستر نيوز»    الحمصاني: لن نتخلى عن المواطن.. ونطبق الحماية الاجتماعية من خلال ضبط الأسعار    فرض ضريبة جديدة على الذهب في مصر.. ما حقيقة الأمر؟    هل تذكيري لأصدقائي بتلاوة القرآن وذكر الله عليه أجر؟.. دار الإفتاء تجيب    اللهم آمين | أثر الدعاء للشهداء وأهلهم    ملف يلا كورة.. قرعة الدوري.. الهزيمة الأولى لأرسنال.. و"يد الأهلي" بطلًا لأفريقيا    منها الجوع الشديد..تعرف على أعراض مرض السكري عند الأطفال    نقص الفيتامينات والضغط العصبي.. تعرف على أهم أسباب الشيب المبكر    وداعًا للوزن الزائد .. 10 خطوات بسيطة لإنقاص الوزن بدون حرمان    اليونسكو تساعد الأجيال المستقبلية على صون التراث الثقافي غير المادي    للمسافرين كثيرًا.. كيفية الصلاة في المواصلات ومعرفة اتجاه القبلة |الإفتاء تجيب    بسبب مكالمة هاتفية.. مقتل سائق على يد شقيقان وزوج شقيقتهم بشبرا الخيمة    الحكومة: استمرار رفع أسعار المواد البترولية حتى نهاية 2025    سعر التفاح والموز البلدي والمستورد بالأسواق اليوم الأحد 20 أكتوبر 2024    الغرف التجارية: لا زيادة في أسعار السلع الغذائية بعد تحريك المحروقات    5548 فرصة عمل في 11 محافظة برواتب مجزية - التخصصات وطريقة التقديم    يوفنتوس يهزم لاتسيو ويقفز لصدارة الكالتشيو    عبد الرحمن فيصل: بطولة إفريقيا هديتنا للجماهير    مصرع شخص وإصابة 20 آخرين في حادث تصادم سيارة برصيف بالفيوم    هشام يكن: الزمالك سيدخل لقاء بيراميدز بمعنويات عالية    حدث بالفن| وفاة والدة فنانة وخالد الصاوي يحذر من حقن التخسيس لهذا السبب    مين فين ؟    «مش هفتح بطني عشان بُقي».. خالد الصاوي يرفض عمليات التخسيس|وهذه أهم المخاطر    نائباً عن السيسي.. وزير الأوقاف يصل إندونيسيا للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الإندونيسي الجديد    في تصنيف QS Arab Region.."طنطا"تحتل المركز 78 من بين 246 جامعة مصنفة    جامعة قناة السويس تنظم برنامجاً تدريبياً لطلاب STEM حول تصميم وتنفيذ كوبري مائي متحرك    رغم امتلاء بحيرة سد النهضة، إثيوبيا تواصل تعنتها وتخفض تدفق المياه من المفيض    فرص عمل جديدة بمحافظة القليوبية.. اعرف التفاصيل    رسالة أسبوع القاهرة للمياه: الماء حق لكل إنسان.. و"سد النهضة" انتهاك للقانون الدولي    ليلة لا تُنسى.. ياسين التهامي يقدم وصلة إنشادية مبهرة في مولد السيد البدوي -فيديو وصور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مائدة سورية
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 08 - 2012

لستُ فى موقع الناصح أو من يملِكُ ناصيةَ الحكمةِ.. ولكن حينما يرى المرءُ أن الأوضاع فى بلاده صارت صراعا يطولُ أهلَه الأقربين وأن مشاهد دامية سبق أن عايشها فى أزماتٍ أخرى أصبحتْ عنوانا لوطنه.. يشتدُ أساه ويملؤهُ الرعبُ لمآلات العنف والعنف المضاد، ويجد أن أحاديث السياسة والتنظير صارت رفاهية وثرثرة فى مجتمع يتلظى بغياب القريب أو اختفاء الصديق أو هجرة الأهل.. ويشعر أن من واجبه أن يستصرخَ فى داخله كلَ سورى.. شاركَ أو لم يشارك فى مظاهرات الاعتراض على النظام أو نصرته.. كلَ قلبٍ سورى تمزقَ حزنا أمام جثمان مسجى أمامه، وكلَ قلب مات فى يومه ألفَ مرة رعبا على وطن مهدد بالضياع.. أن يستصرخَ كل من شعر بالغبن وأن استعادةَ حقِهِ المهضوم تفرضُ عليه التمترس وراءَ موقفهِ والانتقام ممن غرسوا فى قلبهِ الأحزان.. أن يستصرخَ ضميرَ هؤلاء، مسئولين ومعارضين وضميره معهم كى يتذكروا أن من يقف على الضفةِ الأخرى ليس إلا أخ وإن اختلفت طائفته أو دينه أو مذهبه السياسى، وأن الرصاصة الواحدة تقتلُ ألفَ نفسٍ ونفس، وأن لُبَّ الحضارةِ أن نعرف أن سُبُلَ بلوغ الحرية ممكنة بملايين الحلول.. ليس من بينها قتل أخٍ أو ابن.

•••

أجدُنى أكتبُ إلى ابن وطنى حتى من لم يَتَسَنّ له إتقانُ الكتابةِ والقراءةِ الذى يعى أن بلادَه لم تترك جانبا منيرا من التاريخ إلا وأَطَلَّت منه.. إلى أستاذى فى المدرسةِ والجامعةِ الذى برهنَ على أن العاطفةَ والعقلَ يلتقيان رغمَ أنفِ من ينتقد رومانسيتنا السياسية.. إلى الفتاةِ السوريةِ التى تَغَنَّى العربُ بِها.. إلى هذا الشاب الذى يرمزُ الى العزةِ والإباءِ، وتكونُ الفصحى أجملَ حينما ينطقُ بها.. إلى الشعبِ الذى ما زالت جميعُ طوائفِه وأحزابِه تعتقدُ - دون مَنٍّ أو أذًى - أن دموعَ الفلسطينيين طاهرةٌ وتَصلُح للوضوءِ وأن تحريرَ فلسطين غايةُ الغايات.. إلى الشعبِ الذى كفكف دموعَ اللبنانيين والعراقيين حين بلواهم والتصقَ بمصرَ حتى بعد غَرسِ إسرائيلَ فى خاصرتيهما.. إلى الشعبِ الذى تُشَنِّفُ العربُ أذنيها بحديثه فى الشعر والتاريخ والفلسفة والقانون والجمال ومكافحة الاستبداد.. إلى من اخترعَ أجدادُه الأندلسَ قديما والعروبةَ حديثا.. مع ملايين هذا الشعبِ أصرخ عاليا: كفى صمتا على القتل وتشجيعا للانتقامِ.. كفى انحناء لوساوس شياطينَ صُنِعوا محليا وتهافتوا علينا من الخارج.. فلن ينتصرَ من قتلَ أخاه بل سنموتُ كِلانا.. فأمام الموت يصغرُ كلُ حديثٍ وأمامَ دماء أهل الوطن الواحد تنحنى جميعُ الجباه.

لا تَدَعوا أحدا يعلمكم مسالكَ السياسةِ أو حقائق التاريخ والجغرافيا.. فأنتُم أهلُها.. ولا ننسى أنه لا مَحَلَّ تحتَ شمس وطننا لمن يتصور أنه يستأثر بكامل وجه الحقيقة.. فالفسيفساءُ اختراعٌ وطنىٌ بامتياز توارثناه عن أجدادِنا ونُسَلِّمُه لأولادِنا.. وبالحوارِ وَحدَهُ نُفَصِّلُ حلولنا.. فألفُ ألفِ عَنانٍ لن يُقَدِّمَ حَلا جديدا لا يعلمهُ الصبيةُ فى حارات درعا والشام وحلب ودير الزور وحِمص وحماة واللاذقية والسويداء وإدلب.. نحتاجُ الآن مدينةً ما.. قريةً ما.. ضيعةً ما.. ومائدةً ما.. للحوار.. نحتاجُ عَدَمَ إضاعة الزمن.. إلى وقتٍ لن تَبْقَ لنا فيه أيادٍ سليمة نتصافح بها وعقول واعية نسطر بها طموحات مستقبلنا. كُثرٌ مَن يرون فينا قِطعَ شطرنج وساحات اقتتال لحروب يخشون قيامها بينَهم.. وما فشلت أمة فى كتابةِ مواثيق مستقبلها إلا ووَجَدَتْ نفسهَا تكتبُ خانعةً إملاءات الآخرين. وآن لأمتنا أن تصنعَ هذه المائدة..

•••

ما زال شعبُك يا وطنى ملاذا لما كان يسمى عروبة.. وسيظل اسمُك شاهدا على صناعةِ التاريخ.. فبِحَقِّ من شَطَرَ «جَبَلَ معلولة» نصفين للقديسة تقلا لينقذَها من طغيان ظالميها.. وبحقِ المرارةِ بِحَلْقِ هذا الشعبِ ضد من شطروا بلادَه عشيةَ الحرب الكونية الأولى.. أطفئ يا ربَنا حربا بين أهلِ هذا البيتِ.. واجعلنا ممن قال فيهم رسولُك الكريم «صفوةُ الله من أرضهِ الشام، وفيها صفوتُهُ من خلقِهِ وعبادِهِ».. وأَنْزِلْ على هذه الصفوة من مختلف أنحاء الوطن «مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ» نتحاور حولها.. ولا تجعلنا يا رب ممن قالَ فيهم رسولُنا الأعظم «إذا فسَدَ أهلُ الشام فلا خيرَ فيكم».. إنك مجيبٌ قدير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.