●● اختير المنتخب الإسبانى فى تقرير لصحيفة ديلى اكسبريس البريطانية ضمن قائمة أفضل المنتخبات فى تاريخ كرة القدم من واقع الأداء والإنجازات، خاصة أنه أول منتخب يفوز بثلاث بطولات كبرى على التوالى وهى كأس الأمم 2008، ثم كأس العالم 2010، ثم كأس الأمم 2012 وضمت القائمة منتخبات البرازيل، والمجر، وألمانياالغربية، وقد أضفت هولندا 1974، التى قدمت الكرة الشاملة والأرجنتين 1986.. التى أبدع منها مارادونا وأحيا فكرة الموهبة العبقرية الفذة. ●● صحيفة ديلى ميل أجرت مقارنة أخرى بين منتخبى البرازيل 1970 وإسبانيا 2012.. واستندت على أرقام. فالفريق الإسبانى ملك التمرير، والبرازيل امتلك المواهب الفردية بلغة ومفهوم عصره. مواهب قادرة على حل المواقف بالمراوغة والتمويه وإبداع اللحظة بالجسد. وهذا يختلف عن موهبة هذا العصر ومفهومها. فهى رؤية الملعب وسرعة التصرف والتحرك والجرى بالكرة أو بدونها، والمساندة. والاختراق فى أضيق المساحات.
●● منتخب البرازيل بطل العالم 1970 لم يكن به لاعب واحد مرر 400 تمريرة خلال البطولة كلها بينما نصف الفريق الإسبانى نجح كل لاعب منهم فى تمرير أكثر من 400 تمريرة خلال كأس الأمم. وكان مجموع تمريرات منتخب البرازيل فى 1970 وصل إلى 2450 تمريرة بنسبة نجاح بلغت 81.1 % بينما قام منتخب إسبانيا بتمرير 4317 تمريرة بنسبة نجاح بلغت 88.5%.. وكان ملك التمرير فى الفريق البرازيلى هو المدافع كارلوس ألبرتو، ومرر 394 تمريرة بينما ملك إسبانيا هو زافى ومرر 585 تمريرة.. وبيليه مثلا مرر 294 تمريرة أما ألبا فكان أقل لاعبى إسبانيا تمريرا 410 تمريرات يقابله فى البرازيل الجناح الشهير جاييرزينيو وله 221 تمريرة.
●● التمرير هو سر الإسبان، ويرسخ أسلوب تيكى تاكا الذى بات شهيرا فى إعلام مصر أخيرا، فحين تناولناه هنا فى شهر ديسمبر 2010 كصيحة العقد فى كرة القدم العالمية ظن البعض أن أسلوب تيكى تاكا الذى نكتب عنه مزحة أو دعابة.. وهذا الأسلوب هذا الإسلوب اخترع تسميته المعلق الإسبانى الشهير أندرياس مونتيس أثناء مباراة إسبانيا وتونس فى مونديال ألمانيا 2006، والأسلوب مزيج بين الكرة الشاملة الهولندية، وبين أسلوب لعب الإسبان.
وتيكى تاكا هو أسلوب يقوم على التمرير القصير والتحرك فتمضى الكرة فى عدة قنوات خلال اللعب. والاحتفاظ بالكرة وهو أسلوب لعب برشلونة والمنتخب وهو تحت قيادة لويس أرجانوس وفينيستى ديل بوسكى، والشعار واحد، استقبل الكرة، ومررها، وتحرك.
وهذا الأسلوب يعد تطويرا للكرة الشاملة التى قدمها فريق أياكس أمستردام فى مطلع السبعينيات ثم منتخب هولندا فى مونديال 1974، واخترعها رينولز ميتشيلز مدرب أياكس ثم برشلونة فيما بعد وهو الذى وضع لبنة الأسلوب الحالى الذى يلعب به الإسبان.. ففى الكرة الشاملة كان جوهر الأسلوب أن يتبادل اللاعبون مراكزهم. وفى أسلوب تيكى تاكا تتحرك الكرة ويتبادلها اللاعبون. وهذا الأسلوب سمح للإسبان بالسيطرة على مراكز اللعب وعلى الخصم.. وفى الكرة الشاملة كان ميتشلز يرى أن أى لاعب يستطيع أن يقوم بدور أى لاعب آخر.. وهذا الأسلوب الذى يلعب به منتخب إسبانيا وفريق برشلونة، يقضى بكثرة تبادل الكرة، وابتدعته مدرسة برشلونة خصيصا لصغر حجم لاعبى الفريق فى مواجهة القوة والطول فى الفرق الأوروبية الأخرى.. فاللاعب القوى يمر من خصم قوى، ومجموعة لاعبين قصار يمكنهم هزيمة لاعب طويل بالتمرير.. هكذا ببساطة.
●● منتخب البرازيل عام 1970.. كان فريقا غنيا بالمواهب، والموهبة كانت تساعد صاحبها على المرور من المنافس بكل سلاسة. ثم تمرير قاتل يصنع الأهداف. وهذا الفريق كان به خمسة قدموا لزملائهم 10 تمريرات صنعت انفرادا للتهديف، وقدمت مواهب البرازيل 92 تمريرة شديدة الخطورة والتأثير مقابل 70 تمريرة مماثلة فى الفريق الإسبانى.. وامتلك البرازيلون ملكة التسديد، كوسيلة للتهديف والهجوم، سدد الفريق 117 تسديدة خلال المونديال، وهو ما لا يمتلكه الإسبان، الذين سددوا 75 مرة على المرمى خلال بطولة الأمم. كذلك سجل البرازيليون 19 هدفا مقابل 12 هدفا للإسبان.. وامتلاك الكرة يعنى أن المنافس لن يستطيع التهديف لأنه لا يمتلكها. وهذا ما يطبقه الفريق الإسبانى بمتوسط استحواذ 65.8%. يقابل ذلك امتلاك الفريق البرازيلى للكرة بمتوسط استحواذ 55.1% فى كأس العالم 1970.
●● كانت عبقرية فريق البرازيل فى زمنه أن مواهبه الفردية تلعب بجماعية، وأن المساحات فى ذاك الوقت كانت تسمح بالتعبير عن تلك الموهبة الفردية ولو بإيقاع لعب يبدو مثل تصوير بالحركة البطيئة فى زمن السرعة الحالى. بينما عبقرية فريق إسبانيا تلك القدرة المذهلة على التحرك بدون الكرة بما يسمح بمنح كل لاعب يمتلكها بالفريق باختيارات تمرير متعددة.. بجانب دقة هذه التمريرات وهى دقة ولدت بالتدريب وبفهم كل لاعب لفلسفة الأسلوب.. فإسبانيا تلعب غالبا بدون رأس حربة صريح.. لكنها فى لحظة ما تمتلك ثلاثة رءوس على الأقل.. فابريجاس، وسيلفا، إنييستا، وأحيانا خلفهم زافى، أما منتخب البرازيل فلعب بثلاثة مهاجمين واضحين ومتمركزين،وهم بيليه وتوستاو وجايير زينيو.. وخلفهم ريفللينو وفيلكس، وكوالدوألدو.. وكنت تشاهد البرازيل وأنت تستمتع بأداء كل لاعب فرد، لأنك لا تعرف ماذا سيفعل، وتشاهد إسبانيا وانت تستمتع بالأداء الجماعى للفريق، لأنك لا تعرف أين تنتهى الجملة أو تتوقف.. بل هل تتوقف؟
تبقى حقيقة لافتة للنظر.
عندما اختارت لجنة من الاتحاد الأوروبى لكرة القدم افضل 23 لاعبا فى بطولة الأمم. وكان ضمن التشكيل 10 لاعبين من الفريق الإسبانى. واللاعبون الذين وقع عليهم الاختيار هم:
●● حرصت على ذكر الأسماء لأن بعض اللاعبين المختارين تألقوا فى مباراة وأثار تألقهم ضجة، لكنهم لم يظهروا نجوميتهم فى كل المباريات التى خاضها فريقهم. ومن هؤلاء ماريو بالوتيلى الإيطالى الذى بهر خبراء اللعبة بهدفيه فى ألمانيا لأنها ألمانيا التى كانت مرشحة للفوز باللقب. ولم يكن بالوتيلى ظهر قبل تلك المباراة ولم يفعل شيئا أمام إسبانيا فلماذا يقع عليه الاختيار ضمن أفضل لاعبى البطولة.. لاشك أنه تأثير الضجة التى أثارها فى مباراة فريقه مع الألمان ولا شىء غير ذلك.
●● وعندما اختارت ديلى ميل أحسن مجموعة لاعبين يشكلون فريق التاريخ فى كرة القدم وفقا لطريقة 3/1/3/3 خلت التشكيلة من جميع لاعبى إسبانيا، ولا اسم واحد.. وكان فريق التاريخ مكونا من: بانكس لحراسة المرمى. وللدفاع تشارلز، بيكنباور، ليبرو، بوبى مور. وأمامهم لاعب الوسط الإنجليزى القديم إدواردز ثم أمامه الثلاثى مارادونا ودى ستيفانو وكرويف وأمامهم بيليه وجارينشا وجورج بست.. ويضم هذا الفريق من وجهة نظرى أربعة لاعبين على الأقل بالواسطة.. وهم بانكس وتشارلز وإدواردز وبست.. والبدلاء الذين أضمهم للفريق هم ليف ياشين الروسى، وجونيور البرازيلى، ميسى الأرجنتينى وكريستيانو رونالد البرتغالى.. ولا لاعب واحد من إسبانيا بفريق التاريخ، لأن عبقرية الإسبان هو الفريق وليس الفرد.