جامعة بنها تستقبل وفدا من خبراء منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية    وكيل أوقاف مطروح يفتتح الدورة التدريبية الثالثة للأئمة في الإرشاد النفسي    71.88 دولار لبرنت.. تعرف على أسعار النفط بالأسواق العالمية    رئيس جهاز التمثيل التجارى: نسبة المكون المحلى فى صادرات الأغذية تصل ل80%    محافظ الفيوم يوجه بتوفير مساعدات مالية ومشروعات ومعاشات للحالات الأولى بالرعاية    موعد صرف معاشات شهر أكتوبر 2024 وأماكن الصرف    انهيار جسر فى فيتنام يرفع حصيلة القتلى جراء الإعصار "ياجي" إلى 59 قتيلا    "التعليم الفلسطينية" تعلن تدشين المدارس الافتراضية للمرة الأولى بقطاع غزة    رئيس وزراء النرويج يبحث مع رئيس الصين في بكين سبل تعزيز العلاقات الثنائية    رئيس المستقلة للانتخابات الأردنية: اكتمال كل الأمور الفنية واللوجستية لإتمام عملية اقتراع الغد    دوري أبطال أفريقيا.. موعد سفر بعثة الأهلي إلى كينيا لمواجهة جورماهيا    منتخب بوتسوانا يطلب تأجيل مباراته مع مصر لمدة ساعات لتقام مساء الثلاثاء    الزمالك: سنطلب 100 مليون جنيه تعويضا حال عدم التزام ارون سالم بوبيندزا بالتعاقد    الحوار الوطنى يهنئ أبطال مصر الفائزين بالميداليات فى دورة الألعاب البارالمبية    آخر تطورات مستقبل محمد صلاح مع ليفربول    إخلاء سبيل متهم بالاتجار بالنقد خارج نطاق السوق المصرفية بضمان مالى    غدا.. ارتفاع بدرجات الحرارة يصل 5 درجات والعظمى بالقاهرة 37 درجة    ضبط حارس عقار بتهمة هتك عرض طفلة في بني سويف    امسك يدها وعرض حياتها للخطر.. المشدد 7 سنوات لعاطل تعدى على طفلة في القليوبية    تأجيل محاكمة 8 متهمين بقتل شخص في خلاف على صفقة مخدرات بالقليوبية    إعلام إسرائيلى: 100 ألف مستوطن دخلوا الملاجئ بعد هجوم حزب الله بسرب مسيرات    إعلان تفاصيل الدورة ال17 للمؤتمر الصحفي لمهرجان سماع الدولى الخميس    تعرف على موعد عرض مسلسل «تيتا زوزو» قبل عرضه عبر «واتشات» والقنوات التلفزيونية (تفاصيل)    رواية شباك المنور تفوز بجائزة خيري شلبي للعمل الروائي الأول الدورة الخامسة    رئيس جامعة القاهرة يتفقد أعمال تنفيذ مشروع المعهد القومى للأورام الجديد بالشيخ زايد    فتح باب التقديم للمدن الجامعية للطلاب الجدد والقدامى بجامعة جنوب الوادي    وزير التعليم يتوجه للمدينة التعليمية لعقد لقاء مع مديري مدارس 9 محافظات    عاجل.. 16 سبتمبر اولي جلسات إستئناف المتهمين في قضية رشوة مصلحة الجمارك    منتخب شباب اليد يواجه مالي ببطولة أفريقيا    وزارة الصحة تؤكد توفير الأدوية اللازمة بالصيدليات وحل أزمة النقص قريبًا    برقم الجلوس.. رابط نتيجة الثانوية العامة 2024 الدور الثاني عبر الموقع الرسمي للوزارة فور إعلانها    مفتي الجمهورية يُثمِّن القِيمة الدينية والوطنية لمبادرة الرئيس «بداية جديدة لبناء الإنسان»    كامل الوزير يلتقي وزيري النقل والإعمار بالعراق    «الخطيب» : 500 مليار جنيه استثمارات 7500 منشأة بقطاع الصناعات الغذائية    استطلاع رأي يظهر تقاربًا شديدًا بين ترامب وهاريس في السباق الرئاسي الأمريكي    لطالبات الثانوية العامة 2024.. شروط و خطوات الالتحاق بجامعة الأزهر    أحمد الجندي: «الإعلام بيدور على التريند بره الرياضة»    وزير الصحة: نعمل على خفض الوفيات بسبب الدرن بنسبة 90% في 2030    وزير الإسكان يتابع مع مسئولى شركة "سيتى إيدج" تسويق مشروعات هيئة المجتمعات    السنغال يسعى لتصحيح المسار أمام بوروندي في تصفيات أمم أفريقيا    «القدس للدراسات»: أمريكا لا تستطيع الضغط على نتنياهو بشأن إنهاء الحرب    برج الدلو.. حظك اليوم الإثنين 9 سبتمبر: قلل التوتر    اللجنة العليا لمهرجان الموسيقى العربية في دورته ال32 تواصل أعمالها    عالم: ليس كل أزهري مؤهل للفتوى.. واستحلال الحرام «كفر»    دار الإفتاء توضح حكم التطوع بالصيام فرحا بمولد النبى الكريم    باحث أزهري: الله وعد المؤمنين بشفاعة الرسول يوم القيامة (فيديو)    أستاذ اقتصاد زراعي: الفلاح المصري يلعب دورًا حيويًا في توفير الاحتياجات الغذائية الأساسية للمجتمع    القبض على المتهمين بقتل شاب فى مشاجرة بالدقهلية    رئيس الوزراء يشهد افتتاح مقر جامعة «باديا» بمدينة أكتوبر الجديدة    وزارة الصحة: انطلاق برنامج تدريب المعلمين بمدارس التمريض على المناهج الجديدة    محافظة القاهرة تنظم حملة "عينك أمانة" للكشف المبكر بالمجان على أمراض العيون    الجيش الروسي يتقدم شرق أوكرانيا    زايد تنعي رئيس الأوبرا الأسبق: قدم الكثير لخدمة الفنون والثقافة    وسط حضور النجوم.. طارق وأحمد الجنايني يلتقيان عزاء والدهما    الجزائر: سلطة الانتخابات ترد على احتجاج الأحزاب السياسية المشككة    ما حكم إساءة الزوج لزوجته.. دار الإفتاء تجيب    الآن.. تنسيق المرحلة الثالثة 2024.. الموعد الرسمي لتسجيل الرغبات عبر الرابط المعتمد    شارك صحافة من وإلى المواطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرية الإبداع وأولويات المرحلة
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 03 - 2012

بعد انقضاء الانتخابات البرلمانية، صار كثير من المبدعين منشغلين بالنجاح الذى أحرزته القوى والتيارات الدينية المتشددة، كما صاروا متوجسين من أثر صعودها إلى مواقع السلطة على الحريات المتعلقة بقضايا الفكر والتعبير والإبداع. لتلك التخوفات مبرراتها المنطقية، فلبعض هذه التيارات باع طويل فى المنع والتحريم والتهديد والتكفير، ولها بالتالى أياد مباشرة وغير مباشرة فى عمليات اغتيال مادى ومعنوى لمفكرين وكتاب، نجح بعضها وفشل الآخر، لكنها على كل حال بقيت كعلامات بارزة فى التاريخ.

موقف تلك الجماعات من الإبداع الفنى والفكرى هو موقف غير محدد المعالم فى أغلب الأحوال، فالنقاش الذى ينطلق من أرضية دينية لا يصل إلى منتهى، والجدل داخل النصوص نفسها لا يأتى بنتيجة، هناك طيف واسع من الآراء والاجتهادات، لا يمكن نفى أحدها والإبقاء على الآخر، ولم يحدث من قبل أن اتفق الجميع على انتقاء تفسيرات بعينها والعمل بها، أما موقف المبدعين والمفكرين وكل من يضمه إطار الفن والثقافة تجاه تلك القضية فهو أمر آخر. من خلال الأحداث الجارية، يبدو الوضع مشوشا ومربكا بعض الشىء، هناك من المثقفين والمبدعين من قرر أن يرتدى ثوبا جديدا، ومن وجد ضرورة مرحلية تدفعه للاضطلاع بدور سياسى فاعل ومواكب لحركة المجتمع والنخب المتنوعة، يرى هؤلاء أن الحديث عن حرية فكرية وإبداعية كاملة فى ظل أوضاع عامة متردية هو فعل أحمق، وأن ثمة حقوقا اقتصادية واجتماعية يجب أن تكون لها الأهمية القصوى، وأن عدم وضع هذه الحقوق فى مقدمة خطابهم من شأنه أن يجعلهم فى موضع محرج؛ موضع النخبة المنعزلة التى لا ترى ولا تدرك مشكلات الغالبية العظمى من فئات وطبقات الشعب. من هنا يعيد هؤلاء المثقفون والمبدعون ترتيب أولوياتهم مع إزاحة المواضيع المتعلقة بالحريات الفكرية والإبداعية جانبا، أو تركها تأتى فى مرتبة متأخرة.

هناك من المثقفين أيضا من يدفع بفكرة مسايرة المزاج العام، والانصياع للمناخ السائد الذى تسيطر عليه نزعة محافظة، وهو مناخ لا يبدو فى مجمله مؤيدا لحقوق وحريات غير منقوصة، مع ذلك فإن موقف هؤلاء المثقفين يرى أن الحنكة السياسية تقتضى طرح ما هو مقبول من الغالبية العظمى المسيطرة، ما يمكن فعليا نيله، وليس ما هو صعب المنال أو مستحيل.

●●●

يظهر الانقسام حول المبادئ العامة فى عدد من المواقف، هناك على سبيل المثال الاختلاف الجوهرى حول وثيقة الأزهر؛ قسم من المثقفين والمبدعين شارك فى وضعها وقسم آخر احتفى بها، وثالث اتفق على رفضها. تتبدى الإشكالية هنا فى حتمية الاختيار بين مبدأين أساسيين؛ أولهما هو رفض وجود دور للمؤسسة الدينية فى قضايا إبداعية سواء كان دورا إيجابيا أو سلبيا، وثانيهما هو القبول بهذا الدور، بحيث ينتقل الجدل تلقائيا ليدور ليس حول أحقية المؤسسة الدينية فى التدخل فى القضايا الإبداعية، بل حول محتوى أو مضمون الخطاب الدينى الذى سوف تستخدمه، من حيث كونه متشددا أو مستنيرا. عموما يبدو أن قسم ممن شاركوا واحتفوا بالوثيقة قد رأى فى خطاب المؤسسة الدينية الرسمية شيئا من الاعتدال، فقرر الاحتماء به فى مواجهة خطاب أكثر رجعية وعنفا.

من الفنانين والمثقفين من صار يخاف الحديث عن حريته الإبداعية حتى لا يصبح متهما بالخروج على التقاليد وثقافة المجتمع، أو بالتمركز حول «التوافه» من الأمور، ومنهم أيضا من صار يخاف فقدان الشارع والجمهور والشعبية، للدرجة التى قد يتبرأ معها من أعماله. ذاك الخوف فى حد ذاته هو نقطة خطيرة تستحق التوقف أمامها، فمن المفترض أن حواجز الخوف قد انهارت بانهيار مفاتيح السلطة وسقوطها، وبخروج الناس على قوانينها وقواعدها، لكن المشهد الحالى يشير إلى أننا لا زلنا نقف أمام حواجز أخرى كثيرة، ربما بشكل مختلف، لكننا بكل تأكيد لم نتخطها كاملة بعد.

أظن أن المشهد الحالى وإن كان غائما، فإنه لا يجب أن يرغمنا على وضع حرية الفكر والإبداع محل مساومة، ولا أن يجعل أى شخص يتخلى عن دوره الأساسى لصالح أدوار أخرى ثانوية يضطلع بها آخرون متمرسون، ربما يجدر بكل مبدع أن يجعل أولى أولوياته هى الدفاع عن وجوده، وأن يكون دفاعه جذريا بعيدا عن مراوغات السياسة وألاعيبها وتوازناتها.

●●●

الخبز مهم: نعم، والحرية أيضا، ولا ننسى أن الحركة الثورية بدأت فى الخامس والعشرين من يناير ضد القمع والترويع الذى تمارسه الشرطة والاستبداد الذى يمارسه النظام، أى أن مطالب الحرية بأطيافها المتنوعة (سواء فكرية أو فنية أو علمية أو غيرها) لم تكن أبدا دخيلة على من نزلوا الشوارع فى ذاك الوقت، وإذا لم يكن الدفاع عن الحريات والتمسك بها لأقصى الحدود قد حان بقيام الثورة، وبتتابع موجاتها فإنه لن يحين أبدا، ولن يأت بمرور الوقت.

لا أظن أن الأزمة تكمن فى خطورة التيارات الدينية المتشددة ولا فى قوتها وقدرتها على تنظيم نفسها، بقدر ما تظهر فى غياب دفاعات قوية تصد أية هجوم محتمل، دفاعات يشكلها المبدعون أنفسهم، دون الخضوع لضغوط ودون الاستسلام لقوة التيار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.