إيزى ليبلرإن استطلاع الرأى الذى نشر مؤخرا بشأن آراء ومواقف اليهود فى الولاياتالمتحدة مهم جدا فى فهم الخريطة السياسية والتغييرات التى طرأت على مواقف أكبر جالية يهودية فى العالم بعد إسرائيل، ومن النتائج المهمة التى يكشفها هذا الاستطلاع التآكل الكبير الذى لحق بالتأييد التاريخى للجالية اليهودية للحزب الديمقراطى. لقد صوت نحو 78٪ من الجالية اليهودية إلى جانب أوباما فى الانتخابات الأخيرة، وعكس هذا التصويت الثقة التى يوليها يهود أمريكا للحزب الديمقراطى ولأوباما على الرغم من مواقفه من إسرائيل، وعلاقته الطويلة مع كاهن معاد للسامية، وشبكة علاقاته الوثيقة مع ناشطين عرب أمريكيين بارزين بعضهم أصحاب أيديولوجيا يسارية متطرفة. ويعود سبب تصويت أغلبية يهود أمريكا إلى جانب أوباما إلى العلاقة العميقة التى تربطهم بالليبرالية. فتاريخيا، ومنذ أيام فرنكلين روزفلت، كانت علاقة الحزب الديمقراطى جيدة مع اليهود ومع الأقليات الأخرى التى عمل الحزب على استيعابها داخل صفوفه، بينما قام الحزب الجمهورى باستبعاد هذه المجموعات. ويمكن أن نضيف إلى ذلك أن يهود الولاياتالمتحدة أرادوا دعم أول مرشح أفريقى - أمريكى للرئاسة. وحاليا، على الرغم من أن أوباما لا يعتبر من المؤيدين المتحمسين لإسرائيل، فإن أغلبية اليهود فى الولاياتالمتحدة مازالت معه، من دون أن يعنى ذلك أنها تدعم مواقفه المتشددة تجاه إسرائيل. فقد أظهر استطلاع للرأى أجرته منظمة CAMERA (وهى منظمة تعمل على التدقيق فى التقارير الإعلامية عن الشرق الأوسط) أن اليهود يعتبرون «ثقافة الكراهية» لدى الفلسطينيين عقبة أساسية فى وجه السلام. وفى رأيهم أن على إسرائيل أن ترفض التحاور مع السلطة الفلسطينية ما لم تتخل حماس عن الإرهاب وتعترف بصورة واضحة بحق إسرائيل فى الوجود. وأعرب 85٪ من اليهود عن ثقتهم بأن الحكومة الإسرائييلة ملتزمة بالسلام. وأظهر استطلاع سابق أجرته اللجنة اليهودية الأمريكية أن 76٪ من اليهود الأمريكيين يعتقدون أن هدف العرب ليس استرجاع الأراضى المحتلة وإنما القضاء على إسرائيل. فى حين أعرب 95٪ منهم عن دعمه مبدأ اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة يهودية فى إطار كل اتفاق نهائى يجرى التوصل إليه. إن استمرار وقوف اليهود فى أمريكا إلى جانب أوباما فى ظل هذه الظروف يؤكد مدى ارتباطهم بقيم الليبرالية، وأنهم لا يعطون الأولوية لإسرائيل فى تحديد خياراتهم السياسية فى الانتخابات المقبلة. لكن على الرغم من ذلك فإن المواجهة التى جرت بين أوباما ونتنياهو تركت أثرها فى مواقفهم كما ظهر ذلك فى نتائج الاستطلاع الجديد الذى أجراه ديك موريس ونشره فى موقعه على الإنترنت إذ يتبين أن تأييد اليهود لأوباما تراجع عما كان عليه فى نوفمبر 2008 من 78٪ إلى 56٪ حاليا ويفسر موريس سبب هذا التراجع أنه يعود إلى طلب أوباما أن تتبنى إسرائيل حدود 1967 مع تبادل للأراضى كنقطة انطلاق لمفاوضات الاسلام، وهذا أمر يعارضه نحو 83٪ من اليهود فى الولاياتالمتحدة بينهم 67٪ من اليهود الديمقراطيين. إن هذا التراجع فى تأييد اليهود لأوباما يدل على تغير جذرى، وفى حال وصل الرئيس الأمريكى ضغطه على إسرائيل، فسيخسر تأييد الجالية اليهودية فى عدد من الولايات الأساسية والأهم من ذلك أنه قد يدفع اليهود الأثرياء إلى وقف دعمهم المالى لحمة إعادة انتخابه. ومن الأمور والمؤثرة فى انتخابات 2012 هى شخصية المرشح الجمهورى، فإذا كان هذا المرشح يمينيا متطرفا فإن اليهود سيبتعدون عنه. وفى الخلاصة فإن اليهود الأمريكيين لن يصوتوا بصورة تلقائية إلى جانب أوباما الديمقراطى بعكس ما كان يحدث فى الماضى، وسيكون لمواقفه من إسرائيل تأثيرها على هذه الانتخابات.