عيار 21 الآن بالصاغة.. سعر الذهب اليوم الاثنين 9 سبتمبر 2024 بداية التعاملات بعد الارتفاع    ارتفاع أسعار الفراخ والبيض في السوق المصرية اليوم الإثنين 9 سبتمبر 2024    تبكير صرف مرتبات شهر سبتمبر 2024 وتفاصيل صرف المعاشات    الأردن يعلن إغلاق جسر الملك حسين حتى إشعار آخر .. اعرف السبب    ماذا نعرف عن المعابر التي تربط بين الأردن والضفة الغربية وإسرائيل؟    بسبب الإصابات والغيابات.. تعديلات طفيفة على تشكيل منتخب مصر أمام بوتسوانا    الأرصاد الجوية : طقس اليوم حار بأغلب الأنحاء وسحب تلطف الأجواء والعظمى بالقاهرة 34 درجة    نتيجة الثانوية العامة 2024 الدور الثاني: خطوات الحصول عليها ومواعيد الإعلان    محافظ أسيوط يتفقد مركز رعاية الأمومة والطفولة ومكتب صحة بندر خامس بحي غرب    الجزائر: سلطة الانتخابات ترد على احتجاج الأحزاب السياسية المشككة    كوريا الشمالية تندد بتقرير الأمم المتحدة حول حقوق الإنسان    اليوم.. الحكم على القوادة المتهمة باستقطاب الضحايا لسفاح التجمع    انخفاض مؤشر أسعار المنتجين في الصين بنسبة 1.8% في شهر أغسطس    استقرار سعر العملة الأمريكية أمام الجنيه اليوم    إجلاء آلاف المواطنين جراء حرائق الغابات في أمريكا    أخبار فاتتك وأنت نائم | أبرزها تنسيق الجامعات للمرحلة الثالثة وضحايا السيول بالجزائر    تطور جديد يعرقل انضمام بوبيندزا للزمالك رغم إعلان التعاقد معه.. عاجل    موعد مناظرة هاريس وترامب .. 90 دقيقة دون جمهور تحدد هوية حاكم البيت الأبيض    نظام الدوري الجديد وموقف دوري السوبر الأفريقي.. عامر حسين يكشف تفاصيل الموسم المقبل| عاجل    اليوم| محاكمة متهمين ب«خلية داعش قنا»    حبس قائد سيارة شركة توصيل شهيرة لسرقته سيدة بمدينة 15 مايو    آيفون 16 الجديد.. دعم جديد بالذكاء الاصطناعي    من هم أبناء إسعاد يونس في مسلسل «تيتا زوزو»؟    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الاثنين 9 سبتمبر 2024    الصحة تزف بشرى سارة للمواطنين بشأن نواقص الأدوية    القنوات الناقلة لمباراة المغرب ضد ليسوتو في تصفيات أمم أفريقيا 2025    سرقة الكهرباء حلال أم حرام.. أزهري يجيب    وزير الأوقاف: توجهى للإمام «الطيب» غرضه الاصطفاف وراء «الأزهر»    ما حكم إساءة الزوج لزوجته.. دار الإفتاء تجيب    عمرو دياب يحيي حفل زفاف مايا رعيدي في أثينا    كريم حسن شحاتة يكشف مفاجأة: جوميز رفض صفقة الزمالك الجديدة    بعثة منتخب مصر تصل بتسوانا    برج الميزان حظك اليوم الاثنين 9 سبتمبر 2024: حفل زفاف ينتظرك    كرارة والعوضي والكدواني وعمرو يوسف في عزاء والد طارق الجنايني    نجل فؤاد المهندس ل«بين السطور»: جدتي رفضت دخول والدي عالم التمثيل    استشاري جهاز هضمي: الدولة بذلت مجهودات جبارة للقضاء على فيروس سي    بعد عام ونصف العام لتغريدة "فيسبوك".. إخلاء سبيل الكاتب د.هاني سليمان    الآن.. تنسيق المرحلة الثالثة 2024.. الموعد الرسمي لتسجيل الرغبات عبر الرابط المعتمد    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2024 بعد قرار مجلس الوزراء (7 أيام عطلة في سبتمبر مدفوعة الأجر)    نائب محافظ البحيرة يقود حملة مكبرة لإزالة التعديات على أملاك الدولة بدمنهور    بعد 12 عاما من عرضه.. أنوشكا تكشف عن مفاجأة لها مع عادل إمام قبل تصوير «فرقة ناجي عطا الله» (فيديو)    مدير مركز "عدالة ": استثناء التيار الإسلامي من قوائم المخلى سبيلهم يؤكد تسييس القضاء    أول تعليق من وزارة الدفاع السورية على غارات الاحتلال.. ماذا قالت؟    السيطرة على حريق في منزل بالكيلو 17 بالإسماعيلية    موعد بدء العام الدراسي الجديد بالمدارس الرسمية والخاصة والدولية    فرنسا ضد بلجيكا.. جدول مواعيد مباريات اليوم الإثنين 9 سبتمبر    شارك صحافة من وإلى المواطن    محافظ دمياط يستقبل نائب رئيس بعثة أندونيسيا بالقاهرة لبحث التعاون    المدن الجامعية بطنطا جاهزة لاستقبال الطلاب في بداية العام الدراسي    طلاب جامعة القناة يؤدون امتحانات الفصل الصيفي    إسبانيا تكتسح سويسرا برباعية في دوري الأمم الأوروبية    د.حماد عبدالله يكتب: عاصمة جمهورية مصر العربية "القاهرة"!!    هيئة الدواء تشارك في حلقة نقاشية عن مواد الخام الصيدلانية بمعرض فارماكونيكس    900 جنيه زيادة في سعر طن حديد عز.. تعرف على أسعار مواد البناء اليوم الإثنين 9 سبتمبر 2024    «الإفتاء»: النبي كان يحتفل بمولده بصيام يوم الاثنين    جوزيب بوريل يبدأ جولة لمصر ولبنان    أكلات غنية بالمكملات الغذائية ضرورية لصحة العين    رسميًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2024 في مصر (مدفوعة الآجر للقطاع الحكومي والخاص)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المراجعة أو الطوفان
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 08 - 2012

أثارت الأحداث الأخيرة فى سيناء وعلى رأسها العمل الإرهابى الذى راح ضحيته ستة عشر جنديا مصريا عددا من القضايا بالغة الأهمية داخليا وخارجيا، أتخير منها قضية أمن سيناء والعلاقات المصرية الإسرائيلية، فلم تكن الأوضاع فى سيناء على ما يرام منذ ما قبل ثورة يناير، وكان هذا راجعا إلى عاملين أساسيين أولهما خاص بسيناء وهو سوء إدارة الأجهزة الأمنية للأزمات التى تحدث فيها، مما أوجد فجوة يُعتد بها بين مواطنيها والدولة المصرية، خاصة وقد دأب البعض على التشكيك فى وطنيتهم علما بأنهم تحملوا عبء مقاومة القوات الإسرائيلية بعد احتلال سيناء 1967، وفاقم من هذا أن النظام السابق تجاهل تنمية سيناء وتشغيل أبنائها فى المشروعات السياحية التى ظهرت بعد استرداد سيناء استقلالها، ناهيك عن عدم إلحاق أبنائها بالكليات العسكرية. أما العامل الثانى فهو يرتبط بما عرفته مصر فى عهدى السادات ومبارك من انتشار لفكر متطرف يتستر بالدين، وكان طبيعيا أن يمتد إلى سيناء.

●●●

وقد ترتب على هذا ادعاء إسرائيل فى ظل نظام مبارك أن ثمة مخاطر داهمة على أمنها بسبب الأوضاع السابقة، وإذا كانت الأجهزة الأمنية سيئة الممارسات قد قُضى عليها بعد ثورة يناير فإن قبضة الدولة قد ارتخت فى الوقت نفسه خاصة فى سيناء، وانتعشت بالتالى التنظيمات الإرهابية هناك، وتحدت رموز الدولة وصولا إلى الحادث المأساوى الأخير الذى اتخذته إسرائيل حجة لتوجيه الانتقادات للسياسة المصرية فى سيناء، ومدى قدرتها على الإمساك بزمام الأمور هناك، وأثارت فى الوقت نفسه مخاوف لدى المصريين من أن تكون إسرائيل بسبيلها إلى إعادة احتلال جزء من سيناء، أو إعطاء نفسها رخصة القيام بعمليات داخلها، أو على الأقل الدعوة إلى نشر قوات دولية تكون ضمانا لأمنها.

وقد سارعت القوى الإسلامية إلى اتهام إسرائيل بالمسئولية عما وقع، ومن الأمانة أن يُذكر أن عددا من القوى المدنية قد شاركها وجهة النظر هذه، فإسرائيل تبقى الخطر الأول على أمن مصر بغض النظر عن معاهدة السلام معها، غير أن القوى الإسلامية كانت فى ظنى تريد بهذا الاتهام أن تدفع عن نفسها تهمة المسئولية عما جرى سواء لأن الإرهابيين يتبنون أفكارا متطرفة ينسبونها زورا إلى الإسلام الأساس المفترض لشرعية تلك القوى، أو لأن أصابع اتهام أشارت إلى مسئولية رئيس الجمهورية بسبب قراراته «غير المدروسة» بالانفتاح على حماس، مما سهل على إرهابيى غزة توحيد جهودهم مع نظرائهم فى سيناء للقيام بهذا العمل الإجرامى الخطير، أو لأن أصابع الاتهام نفسها قد اتهمت رئيس الجمهورية بأن قرارات العفو عن عشرات من السجناء المدانين بأحكام قضائية لدورهم فى عمليات إرهابية تسببت فى قتل مصريين وأجانب قد أشاعت مناخا مواتيا للإرهاب شجع على القيام بالعملية الأخيرة، وسوف يشجع عمليات تالية، خاصة إذا كان من بين المفرج عنهم من يقدم مشورة أو يساهم فى مخطط.

ولا شك أن اتهام إسرائيل منطقى، فهى الخطر الأول على أمن مصر، وثمة شواهد عبر الزمن تؤكد هذا الاتهام، غير أن الأمر يحتاج تدقيقا حتى لا نُستدَرج إلى تفسير قاصر لهذا العمل يحرفنا عن تحديد مسئوليتنا عما وقع، وبالتالى يتيح للحلقة المفرغة من انعدام الأمن فى سيناء أن تستمر، وهناك ثلاث ملاحظات فى هذا الصدد أولاها أنه ليس مفهوما إذا كانت إسرائيل مسئولة عن العملية فلماذا أطلقت قبلها بوقتٍ كافٍ تحذيرات كان من شأن التنبه لها والتصرف بمقتضاها إحباط العملية؟ والثانية أن مصادر المجلس الأعلى للقوات المسلحة تحدثت عن أن الإرهابيين قد تلقوا دعما من غزة أثناء تنفيذ عمليتهم تمثل فى إطلاق قذائف هاون من مطار غزة لصرف انتباه القوات الإسرائيلية عما يجرى، والثالثة أنه بغض النظر عن مسئولية إسرائيل أو غيرها عما وقع فإن هذا العمل الإرهابى يدل على أوضاع خطيرة داخل سيناء، كما أن تنفيذ العملية على النحو الذى تمت به ينطوى على إهمال جسيم من جانبنا أعتقد أنه موجود بشكل مقلق فى سيناء وخارجها.

●●●

ما العمل إذن؟ لقد حشدت القيادة العسكرية برا وجوا، وشرعت فى تدمير الأنفاق الذى يُشَك كثيرا فى أنها معبر للإرهابيين، وأخذت تهاجم بضراوة الأماكن الوعرة لاختبائهم، وعادة ما تكون هناك نتائج فورية لمثل هذه العمليات، لكنها للأسف تكون وقتية إذا لم تعالج الجذور. إن سياسة «الضرب بيد من حديد» ردا على الانفلات الأمنى فى جميع أنحاء مصر لا يمكن أن تنجح وحدها فى القضاء على هذا الانفلات الذى تعود أسبابه إلى مسائل اقتصادية واجتماعية وتعليمية إضافة إلى ارتخاء قبضة الدولة، مما يخلق فى مجمله تربة خصبة للإرهاب وأفكاره، كما أن سياسة «الضرب بيد من حديد» سوف تبقى سرابا ما لم تتم مراجعة معاهدة السلام المصرية-الإسرائيلية وشروطها المزرية بالنسبة لتوزيع القوات المصرية فى سيناء وبالذات فى المنطقة (ج). لقد وُضعت هذه الشروط استنادا إلى فرضين خاطئين أولهما أن مصر هى الخطر على أمن إسرائيل وليس العكس، وثانيهما أن الخطر على أمن مصر سوف يكون مصدره إسرائيل فحسب، وبما أن ثمة معاهدة سلام بين الطرفين فإن هذا الخطر اعتبر فى حكم العدم، وكلا الفرضين غير صحيح. لقد تغيرت الظروف منذ عام 1979 جذريا، وهذا سبب كافٍ لمراجعة المعاهدة أو حتى إلغائها، فلم يعد بعيدا عن التصور أن تتولى الحكم فى إسرائيل عناصر بالغة التطرف لا تتورع عن التهديد بإعادة احتلال سيناء أو جزء منها أو إعطاء نفسها حق المطاردة الساخنة داخلها، كما أن الإرهاب خطر حقيقى على أمن مصر، ومن المؤكد أن إسرائيل تعطى ضوءا أخضر للقوات المسلحة المصرية للقيام بعمليات لا تتفق بالضرورة مع معاهدة السلام، لكننا لا نريد أن نبقى تحت رحمة هذه الحكومة الإسرائيلية أو تلك، تعطينا أو تمنعنا رخصة العمل العسكرى فى أرضنا.

●●●

من هنا فإن قضية مراجعة المعاهدة مع إسرائيل بإعادة النظر فى شروطها المزرية لتوزيع القوات المصرية فى سيناء يجب أن تكون شغلنا الشاغل، وفى المقدمة رئيس الجمهورية الذى يتعين عليه أن يجعل قضية المراجعة ضمن صدارة أولوياته، ومن المعروف أن المعاهدة تسمح بالمراجعة، لكنها تشترط موافقة طرفيها على أى تعديل يدخل عليها، وعليه فمن الحيوى أن تطلب الخارجية المصرية ذلك رسميا من إسرائيل، وأن يشكل رئيس الجمهورية فريقا من خيرة أبناء مصر من القانونيين والعسكريين والدبلوماسيين لإدارة عملية المراجعة على النحو الذى يذكرنا «بفريق طابا»، وفى الوقت نفسه يجب الشروع فورا فى الاستعداد حال تعنت إسرائيل لتعزيز المنطقة (ج) بقوات تكفى لمواجهة الإرهابيين وليس لمهاجمة إسرائيل بغض النظر عن موافقتها أو رفضها، وإلا فإن علينا أن نتوقع تحول العمليات الإرهابية المتفرقة إلى طوفان لا يهدد أمن سيناء فحسب وإنما أمن الوطن برمته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.