«تحرش ومواريث وأحوال مدنية».. «القومي للمرأة»: حل 27 شكوى ببني سويف    انطلاق قافلة دعوية إلي مساجد الشيخ زويد ورفح    خبير تربوي: مصر طورت عملية هيكلة المناهج لتخفيف المواد    الأنبا رافائيل: الألحان القبطية مرتبطة بجوانب روحية كثيرة للكنيسة الأرثوذكسية    أسعار البيض اليوم الجمعة 20-9-2024 في بورصة الدواجن والأسواق    سعر الجنيه الذهب اليوم الجمعة 20 سبتمبر 2024    الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 20 سبتمبر 2024 بعد الانخفاض الأخير    وزير الاتصالات يشارك في قمة الأمم المتحدة للمستقبل بنيويورك    غدًا، قطع المياه 14 ساعة عن قرى بمركز إهناسيا ببني سويف    تفاصيل لقاء السفير الياباني وجمعية الأعمال اليابانية (JBA) مع مصلحة الضرائب المصرية    غارات إسرائيلية على مواقع في العديسة وكفر كلا جنوبي لبنان    اليونيسيف: ارتفاع عدد النازحين بغزة ل1.9 مليون شخص    الخارجية الباكستانية: رئيس الوزراء سيشارك في الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة    وثائق: روسيا توقعت هجوم كورسك وتعاني انهيار معنويات قواتها    الحسناء الغامضة.. من هي كريستيانا بارسوني وعلاقتها بانفجار «بيجر» في لبنان؟    هاري كين الأبرز، قائمة المرشحين لجائزة لاعب الجولة الأولى بدوري أبطال أوروبا    مصر تفوز ب 8 ميداليات فى بطولة العالم للمواي تاي بتايلاند    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي ب 8 ملايين جنيه    تصل ل44.. هل تتكرر الظاهرة المناخية المتسببة في ارتفاع الحرارة خلال الخريف؟    «الداخلية» تنفي قيام عدد من الأشخاص بحمل عصي لترويع المواطنين في قنا    أول بيان من «الداخلية» بشأن اتهام شيخ صوفي شهير بالتحرش    القبض على تاجري عملة متهمين بغسل 80 مليون جنيه في الإسكندرية    تشييع جثماني شقيقين صدمهما قطار الصعيد أثناء عبور القضبان في المنيا    وزير الإسكان يتابع استعدادات أجهزة مدن السويس وأسيوط وبني سويف الجديدة والشيخ زايد لاستقبال الشتاء    وفاة مدير التصوير والإضاءة في التلفزيون فاروق عبد الباقي    الأعلى للثقافة يحتفل بيوم الصداقة العالمى    «الإفتاء» تحذر من مشاهدة مقاطع قراءة القرآن الكريم بالموسيقى: حرام شرعًا    أزهري يحسم حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 20-9-2024 في المنيا    التشغيل التجريبي لمبنى الرعايات الجديد بمستشفى حميات بنها    مستشفى قنا العام تستضيف يوما علميا لجراحة المناظير المتقدمة    تشكيل أهلي جدة المتوقع أمام ضمك.. توني يقود الهجوم    طريقة عمل البرجر فى المنزل بمكونات آمنة    ارتفاع أسعار البيض اليوم الجمعة 20 سبتمبر    «دمعتها قريبة».. أغنية ل عبد الباسط حمودة تسببت في بكاء ياسمين عبد العزيز    أيتن عامر حبيبة محمد رجب في مسلسل الحلانجي برمضان 2025    شهداء ومصابون إثر استهداف سيارة بشارع البنات في بيت حانون شمال قطاع غزة    رئيس جامعة القاهرة يشارك في المؤتمر السنوي للرابطة الأوروبية للتعليم الدولي بفرنسا    رابط خطوات مرحلة تقليل الاغتراب 2024..    «ناس قليلة الذوق».. حلمي طولان يفتح النار على مجلس الإسماعيلي    دعاء يوم الجمعة للرزق وتيسير الأمور.. اغتنم ساعة الاستجابة    استطلاع رأي: ترامب وهاريس متعادلان في الولايات المتأرجحة    جرس الحصة ضرب.. استعدادات أمنية لتأمين المدارس    «الخارجية الروسية»: الغرب تحول بشكل علني لدعم هجمات كييف ضد المدنيين    تحذير جديد من انتشار جدري القرود في إفريقيا.. خارج نطاق السيطرة    خدمات صحية تقدمها عيادة العلاج الطبيعي بمستشفى حميات الإسماعيلية (صور)    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: ارتفاع الأسعار ونداء عاجل للحكومة.. تصريحات الفيشاوي ونهاية تخفيف الأحمال    الفتوى: سرقة الكهرباء حرام شرعًا وخيانة للأمانة (فيديو)    رابطة الأندية تكشف سبب تأخر تسلم درع الدوري ل الأهلي    الطريقة العلاوية الشاذلية تحتفل بالمولد النبوي الشريف في شمال سيناء.. فيديو    عاجل.. موعد توقيع ميكالي عقود تدريب منتخب مصر للشباب    لبنان: وصول رسائل مشبوهة مجهولة المصدر إلى عدد كبير من المواطنين    مصطفى عسل يتأهل لنصف نهائي بطولة باريس المفتوحة للإسكواش 2024    تعرف على قرعة سيدات اليد فى بطولة أفريقيا    اليوم.. الأوقاف تفتتح 26 مسجداً بالمحافظات    توقعات الفلك وحظك اليوم.. برج الحوت الجمعة 20 سبتمبر    رئيس مهرجان الغردقة يكشف تطورات حالة الموسيقار أحمد الجبالى الصحية    رمزي لينر ب"كاستنج": الفنان القادر على الارتجال هيعرف يطلع أساسيات الاسكريبت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فساد الإرادة والإدارة السياسية

عقب التنحى مباشرة بدأ الكثير من الشباب التفكير فى إنشاء كيانات تعبر عن رؤاهم فى بناء الدولة المصرية الحديثة من خلال المشاركة السياسية. شارك بعضهم فى تكوين ائتلافات وحركات ثورية بينما اهتم البعض الآخر بتأسيس أحزاب. كنت أحد الذين اختاروا مسار تأسيس حزب يستند بالأساس إلى الشباب فى بنيته ويستلهم من خبرات السابقين ويستعين بهم فى رؤيته وبرنامجه.

التدريب والتثقيف بالإضافة إلى كيفية إدارة الأحزاب كانت من أهم العقبات التى واجهتنا فى مرحلة التأسيس وما تبعها من انتخابات. ويرجع ذلك إلى حداثة المشاركة السياسية لكثير من المؤسسين والأعضاء كما هو حال معظم المصريين عامة.

فور تأسيس الأحزاب الجديدة وجهت دعوات شتى من مؤسسات مختلفة للتدريب داخل مصر فى مقرات تلك الأحزاب ومقار المؤسسات نفسها على كيفية إدارة وتمويل الأحزاب وإدارة العملية الانتخابية إلى آخر هذه الخبرات التى نفتقد محتواها باللغة العربية فى مصر بالإضافة إلى الكوادر المؤهلة للتدريب.

فى تلك التدريبات التى حضرها ممثلون عن معظم الأحزاب الفاعلة فى الساحة، وحين طرح السؤال عن وجود رخصة بالعمل فى مصر كان الرد منهم دائما أنهم يعملون من خلال مكتبهم فى مصر منذ بضع سنوات وأنهم قدموا على رخصة وفى انتظار الموافقة الرسمية.

الغريب فى الأمر أن تلك المكاتب تعمل فى العلن منذ أشهر وتقدم التدريبات فى الأحزاب ومقار الجمعيات والفنادق دون أن يقوم أحد من المسئولين بأى إجراء ضدهم. فكيف يكون ذلك لو أنها تخالف القانون كما يدعون؟

●●●

تعمل هذه المؤسسات على ملء استبيانات وجمع إحصائيات حول المزاج الانتخابى للمجتمع المصرى وتحليل كثير من خصائصه السوسيولوجية من ضمنها ما يريده المصريون فى المستقبل وما هى مخاوفهم وأولوياتهم فى المرحلة المقبلة وما هى الأحزاب التى تستحوز على اهتمامهم إلى آخر تلك البيانات المهمة لدعم اتخاذ القرار لأى قيادة حزبية تريد أن تنافس بشكل علمى فى العملية الانتخابية.

قد تبدو عملية جمع البيانات بريئة إذا ما انتزعت من سياقها. إلا أن جمع مثل هذه البيانات من قبل جمعيات غير مصرية غير مرخصة دون الرقابة عليها يثير بالطبع علامات استفهام كثيرة. ولكن السؤال الأهم هو لماذا تركت هذه الجمعيات لتعمل بكل حرية قبل الانتخابات وبعضها يتحرك منذ سنوات؟ بل إن بعضها حصل على تصاريح لمراقبة الانتخابات بشكل رسمى. ثم فجأة تخرج علينا الأصوات المنادية لأول مرة بالاستقلال الوطنى. والسؤال التالى هو: إذا لم يكن السيادة والاستقلال الوطنى هما الدافعان للتحرك من قبل فما هو الدافع للتحرك الآن ومن ثم إثارة قضية المعونة الأمريكية وما تبعها من تحركات ودعاوى لمواجهة هذه المعونة الملعونة فجأة من الجهات السيادية التى كانت تتعامل معها بكل أدب منذ عقود؟

الأمر يستدعى أيضا تذكر حادثة الاعتداء على مقر مكتب الجزيرة مباشر منذ عدة أشهر بدعوى أنه ليس لديه تصريح بالعمل على الرغم من أن مكتب الجزيرة الرئيسى يعمل وأنهم تقدموا بطلب ترخيص من قبل.

الإجابة عن تلك الأسئلة تكمن فى الإرادة السياسية التى تتحرك وفق أولوياتها وتوازناتها الخاصة دون مراجعة ومحاسبة من الشعب. غياب المؤسسات التشريعية والرقابية كمجلسى الشعب والشورى سواء كان مغيبا كما كان قبل الثورة أو غائبا بالفعل فى الفترة الانتقالية قبل الانتخابات المنصرمة ساهم بشكل كبير فى إفساد الإرادة والإدارة السياسية.

ليس عيبا أن يتدرب الشباب على إدارة العمليات الانتخابية وكيفية إنشاء الأحزاب. وليس عيبا أن تقوم مؤسسات المجتمع المدنى، وإن كانت ممولة خارجيا، بعمل استبيانات وإحصائيات طالما أنها معلنة وموثقة على أن تخضع مصادر تمويلها للرقابة. ولكن العيب هو التحكم فى حرية تداول المعلومات وفق أولويات إرادة غير سليمة وإدارة غير منظمة.

إن مدخلات الثقافة للمواطن يجب أن ترتكز على مبدأ حرية التعبير وتداول المعلومات. الحق فى الحصول على المعلومات هو أساس بناء دولة حديثة وتمكين للمواطن للقيام بدوره فى النهضة. فلا مانع من تنظيم عمل تلك المنظمات. ولكن يجب أن يتم ذلك من خلال تشريعات واضحة وحيادية تطبق على الجميع تضمن بالأساس حرية المعلومات عوضا عن تقييدها. فقد انتهى عصر الحجب والمنع والتقييد.

●●●

نحن بحاجة ماسة لنظام مدنى مؤسسى قوى، قائم على دستور توافقى يخرج من إرادة شعبية حقيقية. ويجب أن يدعم هذا النظام جهاز شرطة عقيدته مبنية على أمن الإنسان مع الحفاظ على حقوقه وكرامته. ويتولى مسئولية الأمن القومى جيش نظامى يحمى حدود البلاد ويخضع للسلطة المدنية. عندئذ تتصافر فكرة الإرادة السياسية الممثلة فى سلطة غير منتخبة تتصرف وفق أهوائها وتدخل المزاج الشخصى للقيادة فى تحديد مسار الدولة. فننتقل بذلك من إرادة الدولة الممثلة فى الثلة الحاكمة المستبدة بقرارها إلى إرادة دولة ممثلة فى مؤسسات قوية منتخبة. فيصبح للمجتمع دور حقيقى فى الإصلاح لإيمانه العميق بأن هذه المؤسسات تتحدث باسمه وتعبر عنه وثقته فى قدرته على محاسبتها وتغييرها. وبذلك يزداد عطاؤه فيجنى ثماره فى نهضة حقيقية ونمو يعود عليه بالرفاهية والعدالة الاجتماعية فيتأكد انتماؤه لبلده ويعزز إرادته.

نحتاج إلى حكم رشيد يرتكز على مؤسسات قوية وسيادة القانون. ونحتاج إرادة شعب لتحول إرادة الدولة من الهوى الشخصى إلى إرادة دولة متناغمة مع إرادته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.