السؤال هو هل جنوب أفريقيا آمنة على مونديال كأس العالم ؟ السؤال طرح نفسه بقوة منذ افتتاح كأس العالم للقارات نسخة 2009 وسط وجود أهم قيادات الاتحاد الدولى لكرة القدم فيفا وعلى رأسهم السويسرى جوزيف بلاتر رئيس الفيفا ورؤساء الاتحادات القارية وعدد من مسئولى الاتحادات الأهلية. الجميع يرغب فى معرفة الاجابة هل جنوب أفريقيا قادرة على السيطرة الأمنية والحفاظ على الأرواح والخروج بتنظيم مونديال عالمى ناجح فى صيف العام المقبل. منذ أن وطأت الاقدام فى جنوب أفريقيا وهناك تحذير اساسى يطاردك فى كل تحركاتك: ممنوع الخروج ليلا منفردا بعد الثامنة مساء. خلال تغطيتى الصحفية لمونديال كأس العالم للقارات وتنقلى بين 3 مدن فى الأيام العشرة الأولى هى بروتوريا وبلومفونتين وجوهانسبرج كان أول تحذير موجه لى هو الابتعاد كل البعد عن الخروج ليلا بعد الثامنة مساء وأن يكون تحركى فى مناطق مكشوفة وبشكل جماعى. القلق أصاب الجميع فى جنوب أفريقيا خاصة أنه بعد عام كامل سيكون الوضع أكثر صعوبة والتحركات على نطاق اوسع لتغطية 8 مجموعات تشارك فى مونديال كأس العالم. المدن الثلاث بروتوريا وبلومفونتين وجوهانسبرج تتفق على واقع واحد وهو أن معدلات الجريمة مرتفع لديها وهى كسائر مختلف المدن فى جنوب أفريقيا. كان مهما إقامة دراسات حقيقية عن معدلات الجريمة فى بلد كأس العالم فى 2010 ومقر إقامة واستضافة مونديال كأس العالم للقارات 2009. السؤال الأهم كان «لماذا معدلات الجريمة مرتفعة»؟ تجولت فى المدن الثلاث بالسؤال إلى مرافقى البعثات الاعلامية والمنتخبات ايضا فكانت الاجابة «الجريمة منتشرة لأن الفقر يجتاح جنوب افريقيا». وسألت مرة أخرى «الاقتصاد فى جنوب افريقيا قوى فأين الفقر»؟ فأتت اجابة اخرى تقول: نعم الاقتصاد قوى ولكن الحياة فى جنوب افريقيا لها خصوصيات نادرا ما تتوافرها فى بلدان أخرى وسألت كيف ذلك؟ فأجابونى «الحكومة فى جنوب افريقيا بالاضافة إلى المؤسسات الاقتصادية هنا تمنح رواتب كبيرة ومغرية عند سماع ارقامها خاصة للمهاجرين». فسألت مرة أخرى «أين المشكلة»؟ أجابونى: المشكلة ان الرواتب والدخل الشهرى كبير ولكن الحياة فى جنوب افريقيا بسائر مدنها باهظة الثمن.. الاطعمة غالية والتنقلات غالية ودخول وارتياد الكوفى شوبات كوسيلة ترفيهية مكلفة جدا. «فسألت مرة رابعة وخامسة» إذن أين المشكلة ؟ فأجابونى « المشكلة فى أن الاحتياجات الاساسية تفوق الرواتب الشهرية من هنا تزداد معدلات الجريمة». توقفت عند الاجابة كثيرا ورحت أتجول بين المدن الثلاث لأتعرف على الواقع الفعلى وكانت لى تجربة شاقة جدا تكرر فى بروتوريا وبلومفونتين وهو ارتياد تاكسى من المطار إلى مقر الفندق، ووجدت أنه متوسط أجر التاكسى فى جنوب افريقيا لا يقل عن 57 دولار امريكى، وسألت فى اكثر من معرض عن تكلفة تأجير سيارة خاصة ووجدت ان المتوسط لا يقل عن 350 دولارا. وعدت أسال مرة أخرى عن شكل الجريمة فى جنوب أفريقيا بعد الثامنة مساء فأجابونى فى البلدان الثلاثة ان الجريمة هى السطو المسلح وعليك الا تسأل مواطنا مهما كان وضعه الاجتماعى من رفاهية تبدو على ملابسه عن وجهتك التى ترغب فى الوصول اليها فى حالة فقدانك طريقك المعتاد ووجدت نفسك ضالا فى الطريق. وأجابونى أيضا أسوأ ما فى معدلات الجريمة فى جنوب افريقيا هى ان القتل متاح بنسبة 50% فى معدلات الجريمة واشاروا لى ايضا انه ليس الاتهام فقط يشار إلى اهل البلد، فهم ليسوا وحدهم من يرتكبون مثل هذه الجرائم بل الاجانب المقيمون هناك ايضا يقدمون على نفس الجرائم، تابعوا فى اجابتهم وقالوا «هناك افارقة من دول مختلفة بالاضافة إلى اجانب من خارج افريقيا يتورطون فى هذة الجرائم مثلهم مثل اهل البلد وذلك عندما يشتد عليهم الفقر كثيرا ولا يملكون رغم رواتبهم ما يكفيهم لإطعام اسرهم ليومين وثلاثة أيام متتالية. زحام مرورى فى بروتوريا فى بروتوريا تجولت كثيرا فى الصباح والحالة الامنية هناك مميزة ولكن برفقة البعثات الرسمية حيث يتم توفير التأمين الامنى اللازم، ولكن حدة الامن وقبضته تقل ليلا وهو ما دعم التحذيرات التى تلقاها كل الزائرين خلال مونديال كأس العالم للقارات. وتعانى بروتوريا من الزحام الشديد صباحا وظهرا والحركة فيها صعبة والمرور فيها شديد الصعوبة. والمؤسسات الحكومية هناك تعمل منذ الثامنة صباحا وتغلق فى الثالثة بينما المؤسسات والمحال التجارية تغلق ابوابها من الخامسة إلى الثامنة. ولا توجد هناك حياة تجارية فى جنوب أفريقيا بعد الثامنة مساء. هدوء فى بلومفونتين أكثر هدوء خاصة أن طبيعة الحياة فيها هادئة نوعا ما وتمتاز عن باقى مدن جنوب أفريقيا بنسبة سكان أقل واختفاء درجة الاشتداد المرورى وايضا معدل الجريمة ولكن التحذيرات فيها لا تقل عن سخونة عما يحدث فى خارج بلومفونتين. الحياة فى بلومفونتين هادئة وهذا الهدوء يفرض اختفاء الحياة من الخامسة مساء ولكن الأمن يظل موجودا بشكل فعلى حتى الثامنة وبعدها تصبح مثلها مثل باقى المدن عليك الا تتحرك منفردا ليلا مهما كان الامر الميدان الأكثر أمانا فى بلاد الاولاد فى جوهانسبرج اكثر المواقع أمانا هو ميدان نيلسون مانديلا الذى يحظى باهتمام أمنى غير عادى وفى هذا الميدان تملك الامان، فهى البقعة التى تضم أهم وأكبر الفنادق فى المدينة بأسرها بالإضافة إلى كبار المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة بما فيها الشركات السياحية والمحال الكبرى ايضا فى جنوب افريقيا بأكملها. ولهذا الميدان حصانة أمنية غير عادية وهناك دوريات أمنية مستمرة ووجود دائم لرجال الشرطة ولا يمكن ان تشاهد خطأ واحدا أو خروجا عن القانون سواء صباحا او ليلا وهى البقعة التى يمكنك التحرك فيها دون خطورة صباحا وليلا. والتحذيرات التى تلقتها فى جوهانسبرج أشارت لى إلى أن الخروج بعد الثامنة مساء بعيدا عن ميدان نيلسون مانديلا خطر كبير لا مبرر له على الإطلاق.