بينما لم تكن تبد شيري الجعفري، أي تأسف لعملها مع بشار الأسد، كانت في الوقت نفسه تبحث عن طريقة للخروج من القصر الرئاسي في دمشق، وكانت الفتاة التي تبلغ ال22 من العمر، تريد العودة إلى الولاياتالمتحدة والعيش مثل أي فتاة عادية، وقالت لصحيفة «دايلي تيليجراف» الشهر الفائت، إن ما فعلته حين كانت مستشارة إعلامية للأسد «كانت لتفعله أي فتاة أمريكية طموحة». ورسائل البريد الإلكتروني التي تسربت بالسابق أظهرت كيف أن الصحفية الأمريكية الشهيرة باربرا والترز، ساعدت الجعفري، ابنة مبعوث سوريا إلى الأممالمتحدة، للانخراط في برنامج الدراسات العليا المرموق في كلية الشئون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا، جاء ذلك بعد أن ساعدت الجعفري والترز لتأمين مقابلة مع الرئيس الأسد في ديسمبر 2011.
وأظهرت الرسائل المسربة الجديدة التي حصلت عليها العربية، كيف رتبت الجعفري وحدها تقريبا للمقابلة، وكيف اضطرت للتعامل مع ردود الفعل الغاضبة التي أتت من دمشق بعد بث المقابلة، وبالرغم ذلك كيف بقيت الجعفري على اتصال بوالترز.
وجاء طلب والترز للمقابلة مع الرئيس الأسد في سبتمبر 2011، وفي رسالتها التي طلبت فيها المقابلة، ذكرت والترز زيارة كانت قامت بها إلى دمشق في عام 2008، وكتبت في الرسالة: «أجرينا محادثات صريحة ومفتوحة، حيث إنكم شاركتمونا وجهة نظركم وآمالكم بالسلام في الشرق الأوسط».
كما قالت والترز في الرسالة أيضاً: «أنا متأكدة أنكم قد ترغبون بتصحيح الكثير من المفاهيم الخاطئة عنكم وعن سوريا»، وأضافت: «في فترة تشهد احتجاجات وعقوبات دولية، سماع وجهة نظركم للحالة ورؤيتكم لمستقبل بلدكم يتسم بأهمية حيوية».
وبعد أن أعلنت شبكة «أيه بي سي نيوز» عن مقابلة والترز، طاردت وسائل إعلام غربية أخرى الجعفري لإجراء مقابلات مع الأسد، ولكن لم يتم منح أي مقابلة جديدة. وتحديداً حاول كل من برنامج «بي بي سي نيوز نايت» والصحافي تشارلي روز الحصول على مقابلة مع الأسد، ولكن قيل لهما إن الأسد لم يعد يعطي مقابلات جديدة.
وتساءل روز الجعفري في رسالته المؤرخة في 19 يناير 2012: عن «أي جديد عن مقابلتنا مع الرئيس» و«هل يمكنك أن تعطيني أي جديد؟»". وبعد بضع ساعات أجابت الجعفري: «لا أعتقد أنه يرغب بإجراء مقابلة الآن».
وفي الوقت نفسه الذي كان روز يسعى وراء مساعدة شيري للحصول على مقابلة مع الأسد، كانت هي تسعى إلى مساعدته للعثور على عمل في الولاياتالمتحدة. وكتبت الجعفري لروز، الذي وصفته في إحدى رسائلها ب«مذيعها المفضل»، في رسالة مؤرخة في 23 يناير 2012 : «أنا أحبك وأحب أن أكون المساعدة الخاصة بك».
وفي رده، قال روز للجعفري إنه يقدر حماسها وعملها، ولكن ليس لديه الوقت للقائها وسألها: «هل تفضلين أن أدبر لك مقابلة مع أحد الموظفين لدي الذين لديهم جدول أعمال أخف مني؟».
وبعدها بقليل، عادت الجعفري إلى الولاياتالمتحدة، سعياً وراء القليل من راحة البال، بعد الأسابيع الصاخبة التي أمضتها وهي تعمل في القصر الرئاسي في دمشق.
وفي 6 مارس 2012، أرسل جهاد المقدسي المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية رسالة من هاتفه «أي فون 4 أس» إلى الجعفري للاطمئنان عليها وقال لها: «آمل أن كل شيء على ما يرام»"، وأضاف: «أردت فقط أن أسلم عليك وأتأكد من أنك بخير».
وفي ردها قالت الجعفري إنها بخير، و«أنا كالعادة أحارب الجهلة يومياً»، وفي نهاية رسالتها قالت للمقدسي إنها تنتظر رد القبول من جامعة كولومبيا، وطلبت منه أن «يسلم على الريس الكبير»، قاصدةً بشار الأسد، إلا أن عبارة «الريس الكبير» ليست العبارة التي اعتادت الجعفري استخدامها لمناداة الأسد.
وبعد أيام قليلة على هذه الرسالة إلى المقدسي، نشرت صحيفة «ذي جارديان» سلسلة من الرسائل المسربة من البريد الإلكتروني، حيث كانت تشير الجعفري للأسد بعبارة the dude أو «الصديق».
وبعث مراسل قناة «أي بي سي نيوز الشرق الأوسط» ألكسندر ماركارد، برسالة إلى الجعفري يوم 15 مارس 2012 يسألها فيها إن كانت الرسائل المسربة حقيقية قائلاً: «هل هي حقيقية؟»، وأضاف «أنها رسائل لافتة للنظر. كنت تنادينه ب«"الصديق».. هاها»، ونفت الجعفري صحة الرسائل، قائلةً إن عبارة «الصديق» تؤكد كيف أنها ليست أبداً حقيقية.
إلا أن الرسائل الجديدة المسربة والتي حصلت عليها «العربية»، تظهر أن شيري أشارت مرارا إلى الرئيس السوري بشار الأسد بعبارة «الصديق».
وكتبت الجعفري رسالة إلى حبيبها يوم 28 يناير 2012 تخبره فيها عن عملها في القصر قائلةً: "«هناك الكثير من الضغط.. وأنت تعلم كم أنا حساسة، وكم أحب الصديق، الذي أشعر بالكثير من المشاعر المختلطة تجاهه».
ولكن كما كشفنا في حلقة سابقة من سلسلة الرسائل المسربة، عمل الجعفري كان يتسبب بتوتر في علاقتها. وفي إحدى نقاشاتها المحتدمة مع حبيبها كتبت في 5 فبراير 2012: «افعل ما تشاء... انتقاد الصديق، وانتقاد والدي.. قل إنهم حفنة من المجرمين ودع أصدقاءك يضحكون على الأمر».
ولاحقاً في الرسالة نفسها كتبت: «تبا للصديق.. إنه ليس بلدي.. البلد مدمر الآن «وأبدت هنا تنهيد حزن».. ولا أحد يستطيع إصلاحه».