أرجوحات وألعاب نارية و بائعو الحلوى منتشرون في كل مكان، محاطون بالأطفال والنساء التي ترتسم البسمة على وجوههم من شدة السعادة، وحين تنظر إلى الزاوية الأمامية تجد مشهدا آخر لا يقل في روعته عن المشهد السابق؛ حيث يلفت نظرك مجموعة من الأشخاص يسيرون في قوافل متساوية، ويطفون حول ساحة المساجد مرتدين جلابيب مختلفة الألوان، بينما الأشخاص الذين كانوا يقودون المسيرة يتميزون عن الآخرين بارتدائهم الجلابيب البيضاء، ذات الشارات الخضراء والمدون عليها الطريقة الصوفية المنتمين إليها. ويتقدمهم أشخاص يقومون بالتطبيل والتذمر مع أدائهم حركات لرقص ارتجالي ينشدون ويهللون "الله وأكبر .. الله حي .. لا إله إلا الله .. سيدنا المرسي حبيب الله" تلك هي مشاهد مظاهر الاحتفال بمولد سيدي المرسي أبي العباس بالإسكندرية.
علي بعد 6 أمتار من مسجد وضريح سيدي أبي العباس المرسي، كان يجلس الشيخ عبد الرحيم محمد عبد الرحيم، 55 عاما، وزوجته أم مصطفى، والاثنان كانا يرتديان زيا متشابها، حيث كان الأول يرتدي جلبابا أخضر ذا عمامة بيضاء حاملا بين يديه "سبحة" بينما كانت ترتدي زوجته جلبابا أخضر أيضا ذا طرحة بيضاء، يجلسان على حصيرة بسيطة.
حيث كانا يتناولان "النفحة" وهي عبارة عن طعام "أرز ولحم" أتى به أحد مريدي المولد القادرين إلى أحباء آل البيت.. يرتشفان عصير "الدوم" وهو المشروب المحبب لدى الصوفيين.
وحين سألناه عن سبب مجيئه إلى المولد.. قال إنه يعمل بمهنة "تطويف المساجد والتوابيت" منذ 20 عاما، داخل الأضرحة في المساجد، وأن مهنته تتمثل في تنظيف الأضرحة والتوابيت الخاصة بأولياء الله الصالحين وتعطيرها وجمع النفحات من أحباب ومريدي آل البيت، والحفاظ على تابوت الولي بمنع وصول أي مريد إلى داخل التابوت، مؤكدا أنه من المحرم وصول أي مريد لرؤية ما بداخل تابوت أولياء الله الصالحين؛ لذلك فإن مهنته تعد من الأساسيات داخل العالم الصوفي، ولا غنى عنها؛ لأنها تعتبر عنصر الأمن والأمان للولي ولأحبائه.
ويضيف عبد الرحيم، أنه أتى من الأقصر منذ 7 أيام وهو وزوجته لحضور مولد سيدي المرسي أبي العباس وممارسة مهنته بالضريح، مشيرا إلى أنه يقيم طوال فترة المولد في الحديقة المجاورة لدى المسجد، ويعيشان تلك الأيام على نفحات القادرين من الصوفيين الذين يعطوهما الأموال والطعام، للحفاظ على أمن تابوت سيدي المرسي أبي العباس.
ويسرد قائلا، إنه لم يعمل أية مهنة في حياته سوى مهنه "التوباتيه" ولا يعرف غيرها وليس له أية مصادر رزق سوى تلك المهنة والنفحات التي تأتي إليه من الله حسبما يقول، مشيرا إلى أنه يعمل تلك المهنة في ال26 محافظة الموجودين في مصر؛ حيث إنه طاف وخدم توابيت أولياء الله الصالحين كافة، خاتما حديثه بأن تلك المهنة نابعة من حبه لسيدنا رسول الله.