داخل الغرفة 102 بالدور الأول بمستشفى الشرطة بمدينة نصر، يرقد الملازم أول إسلام العشرى، ضابط التحقيقات بقسم شرطة أول مدينة نصر، والملازم أول أحمد كمال، ضابط مندوب تأمين القسم، يعالجان من إصابتهما فى أحداث موقعة «قسم أول مدينة نصر». وعلى أحد أسرة الغرفة التى يرقد بها الضابطان يحاول الضابط إسلام العشرى، تذكر لحظات بدء نشوب واقعة «الاعتداء عليه من قبل عدد من المحامين» مساء يوم الخميس الماضى.
يحكى إسلام أنه أثناء تواجده فى نوبتجية القسم «عندما دقت الساعة السابعة مساء، حضر إلى ديوان القسم المحامى محمد عبدالعزيز، ليسأل عن أوراق محضر كنا عملناه لواحد سرق عربية اسمه ياسر محمد، فطلبت من المحامى الانتظار قليلا عند مندوب الحجز، سامى سعد، المسئول عن أوراق المحضر، حتى ينتهى المندوب من مهمة كان إسلام قد كلفه بها قبل قدوم المحامى إلى ديوان القسم».
«دقائق معدودة جلسها المحامى أمام المندوب حتى ينتهى من الاوراق التى فى يده، وبدأ المحامى يسأل سامى عن الأوراق الخاصة به، فطلب منه سامى أن ينتظر قليلا حتى يفرغ الأوراق التى فى يده، وفجأة وبدون سابق إنذار بدأ المحامى فى السباب للمندوب وشده من ياقة القميص الميرى وشتمه بالأب والأم»، وهنا تدخل الضابط إسلام العشرى ليعرف ما يحدث، «أول ما المحامى شافنى شتمنى وشتم الداخلية كلها»، وبمحاولات تهدئة من الضابط وزملائه فى القسم، أعتدى المحامى، قوى البنيان، على حسب تعبير إسلام، على الضباط «وضربنى بالبوكس فى عينى».
وقال إسلام «حاولنا الإمساك بالمحامى وتمكنا من حجزه فى غرفة الحجز بعد اتصال بيننا وبين رئيس نيابة مدينة نصر، أمرنا خلاله رئيس النيابة بحجز المحامى المتهم بالحجز حتى يتم عرضه فى صباح اليوم التالى على النيابة بتهمة الاعتداء على موظف أثناء تأدية وظيفته».
واستطرد الضابط «وأقل من 10 دقائق، وجدنا حوالى 20 محاميا دخلوا القسم وبيحاولوا ينهوا الموضوع ونتصالح، وتم إخراج المحامى من الحجز وتجمع المحامون الباقون والضباط فى غرفة مأمور القسم فى حضور حكمدار العاصمة، اللواء أحمد عبدالباقى، وحاول خلالها الضباط والمحامون احتواء الموقف وعمل محضر تصالح، وادينا للمحامى محمد عبدالعزيز ورق المحضر اللى طلبه فى الأول بتاع المتهم ياسر، فخدوه مننا وقطعوه، وده متحرز دلوقتى فى النيابة».
يحكى إسلام «فجأة قام محامى اسمه خالد فودة، وقال لمحمد عبدالعزيز، لو انت رجال متتصالحش مع ولاد....، وهنا بدأت الأزمة فى الاشتعال وهاجم المحامى محمد عبدالعزيز مكتب المأمور وصارت معركة داخل غرفة المأمور انتهت بتكسير محتويات المكتب، لكن بعد تدخل من بعض الضباط والمحامين الموجودين بعد طلب منهم بالانفراد 5 دقائق بمحمد عبدالعزيز لتهدئته وإنهاء الموقف، وتوجه المحامون بصحبة محمد عبدالعزيز، إلى الممر الصغير بجانب غرفة المأمور ووقفوا يتحدثون مع بعضهم البعض».
وأضاف الضابط «لكننا فوجئنا أن 6 محامين بيحوطوا محمد عبدالعزيز ويخبوه فى وسطهم وبيحاولوا يخرجوه برة القسم»، فما كان من الضباط إلا إن أبلغوا القوات الموجودة أمام بوابة القسم لغلق الأبواب ومنع المحامين من الخروج وبصحبتهم عبدالعزيز.
«وفى اللحظة دى لاقينا واقف بره القسم حوالى 300 واحد من الأهالى والمحامين وحاولوا يقتحموا القسم وبدأت معركة من نوع آخر دارت بين الضباط والمحامين اللى كانوا ماسكين شوم وبيكسروا كل حاجة فى القسم، ما أدى لإصابتى بكسر فى الأنف، وسحجات، وإصابة الضابط حاتم أسامة بشرخ فى الذراع اليمنى، وكان فيه فى المحامين مصابين عشان هما ضربونا واحنا ضربناهم وكنا بندافع عن نفسنا».
وأضاف إسلام «وفى اتصال آخر مع رئيس نيابة مدينة نصر وضباط القسم أمر رئيس النيابة بحجز المحامين الستة، الذين حاولوا تهريب محمد عبدالعزيز لعرضهم فى صباح اليوم التالى على النيابة بتهمة محاولة تهريب سجين».
ومع وصول الساعة إلى منتصف الليل «لاقينا 1000 واحد من أهالى المساجين، وشباب 6 إبريل والالتراس محوطين القسم وبيحدفوا علينا قزاز وطوب وكسروا القسم، وكان من خارج القسم من الألتراس، عشان كانوا بيهتفوا أناشيد الألتراس اللى بيقولوها فى الاستاد وبيشتموا فيها الداخلية، وكمان كان معاهم طبول».
وقال إسلام «من خلال الأحداث التى وقعت فى تلك الليلة وبعد ساعات من حدوثها ومن خلال أحاديثى مع زوارى وزملائى، أنا حاسس ان اللى حصل دة كان متخطط له من الأول، ومش مجرد حادثة بالصدفة».
و استكمل «أثناء محاصرة القسم وكانت الساعة دقت السابعة صباح يوم الجمعة، «الحكمدار قالنا أنه تلقى اتصالا من المحامى العام لنيابات شرق القاهرة بالإفراج عن المحامين السبعة، وإحضار سيارات إسعاف لنقل المصابين منهم إلى المستشفيات».
ويحكى إسلام أن «المحامين كانت إصابتهم طفيفة مجرد سحجات بسيطة إلا أنهم أثناء نقلهم بسيارات الإسعاف خرجوا أمام الأهالى خارج القسم يدعون الإصابة ومستموتين، وأول ما خرجوا اتشالوا على الأكتاف وبدأوا فى الهتاف ضد ضباط الداخلية».
وأكد أن «الحكمدار طلب من الضباط الخروج من الباب الخلفى للقسم ننط السور اللى ورا القسم، عشان نوصل لعربيات الإسعاف اللى المحامين رفضوا يدخلوها عشان تنقلنا للمستشفى».
وعن شهادته على الأحداث يقول الملازم أول أحمد كمال، الضابط المندوب لتأمين القسم والذى عرف إعلاميا باسم «الضابط المختطف»، والذى شاهد الأحداث منذ لحظة وقوعها بحكم عمله كضابط تأمين لمدة 12 ساعة تنتهى فى الثامنة من صباح الجمعة، والذى تم انتدابه لمواصلة الخدمة لتأمين القسم 12 ساعة أخرى أثناء الأحداث، يقول «وانا واقف قدام بوابة حملة القسم اللى فيها عربيات الترحيلة الأهالى قدموا عليا وشدوا وخطفوا منى الطبنجة الميرى والمحفظة والموبايل، وبدأوا فى ضربى وإحداث إصابات بى، هى اشتباه مع بعد الإرتجاج واشتباه بكسور فى ضلوع القفص الصدرى، وسحجات وكدمات فى وجهى ورقبتى والأطراف، والذى تطلبت نقلى إلى المستشفى».
يحكى أحمد أنه «بعد 10 دقائق من خطف الطبنجة ومحاولة زملائى فى القسم تخليصى من يد المحامين والأهالى أمام القسم، رجعوا لينا الطبنجة وسابونى، وانا مكونتش مختطوف بس اتكتبت كدا فى موقع إخبارى، الموضوع مفيهوش خطف ولا حاجة».
وداخل الغرفة الضيقة بالمستشفى يجلس مع الضابطين المصابين 4 من الضباط الأخرين حضروا ليسألوا ويطمئنوا على زملائهم المصابين، وقد بدت عليهم جميعا علامات الغضب من البيان الخاص بوزارة الداخلية الخاص بالتعليق على الأحداث، والذى وصفوه جميعا بأن «القضية اتباعت والوزارة مش هتجبلنا حقنا وهتيجى علينا زى كل مرة».