«طول 15 سنة فاتت من ساعة مابقيت مدرسة للغة العربية، ماشلتش الهم زى ماسمعت ان مرسى بقى رئيس جمهورية»، قالتها مدرسة اللغة العربية والتربية الدينية بالثانوى فاطمة عبدالخالق. فاطمة كثيرا ما تهربت من أسئلة الزملاء والمدرس الاول والكثير من تلميذات المدرسة، «إزاى مش لابسة حجاب وانت بتدرسى تربية اسلامية يا أبلة؟»بالاجابة نفسها «أنا خريجة آداب لغة عربية، وانتم اللى بتدونى حصص الدين عشان تكملوا الجدول»، وتحاول أن تتبعها دائما بجملة استنكارية، «هل الوزارة تشترط أن تكون مدرسة التربية الدينية بحجاب؟»
«دلوقتى الاخوان ممكن يطلعوا قرار بان مدرسة اللغة العربية لازم تلبس حجاب على اساس انها بتدرس آيات قرآنية ولازم تحافظ على مظهرها وعلى تعاليم الدين»، قالتها فاطمة لزميلتها وقد تسارعت دقات قلبها، لتدلل «ده كتير من المدرسين بعد الثورة ربوا دقنهم، بعد ماكانوا بيخافوا من أمن الوزارة».
«لو كنا استثمرنا السنة ونص اللى فاتت صح وكنا فعلا عملنا الدستور أولا، ماكناش خفنا على التعليم زى ما إحنا دلوقتى» يرد عالم الاجتماع بعين شمس محمود عودة.
«النخبة ضيعت السنة ونص من ثورة يناير وحتى الآن، من غير وضع رؤية استرتيجية للتعليم بعد الثورة، وقتها ماكناش هنخاف على التعليم أو نفكر مين مسئول عنه، لأن كلنا هانكون مسئولين»، قالها السياسى والتربوى جورج اسحق.
جورج كان قد بدأ مع مجموعة من التربويين منهم حامد عمار وشبل بدران وسعيد اسماعيل على وآخرون، من أجل وضع رؤية استراتيجية عن التعليم فى مصر، تتضمن أن يكون المسئول عن مراقبة تنفيذها مجلس أعلى للتعليم، يضم كل أطراف العملية التعليمية والشخصيات العامة من مختلف الاتجاهات، لكن العمل توقف».
جورج يرى أن الحل «فعل ثورى.. مؤتمر كبير يجمع كل الاطراف، عشان نشوف عايزين نكوّن عقل ولادنا إزاى».
«ربنا يستر.. ممكن الاخوان يقولوا هنحرص على المواطنة فى السياسة، لكن فى التعليم يطبقوا حاجة تانية، ويأثروا على عقول وأفكار الطلبة، حتى لو جابوا وزير مش إخوانى»، يرد بها الاستاذ بالمركز القومى للبحوث التربوية كمال مغيث.
يستخدم مغيث تعبيرات الاسلاميين ليعبر عن نيته فى مقاومة أفكار الاخوان فى التعليم والثقافة، «انتهينا من الجهاد الاكبر إلى الجهاد الاصغر، لازم نقف قدام أى حد يحاول يخلى المدرسة مش وطنية ولا قومية».
محمود علم الدين الاستاذ بكلية الاعلام، ينصح وزير التعليم العالى القادم أيا كان اتجاهه الفكرى، بتقييم الكثير من الخطوات والتجارب التى جرت فى التعليم خلال الخمس عشرة سنة الماضية، قبل اتخاذ أى قرارات جديدة.
يقصد محمود تجربة أقسام اللغات بالكليات المختلفة والتعليم الالكترونى والمفتوح، وتحويل فروع الجامعات بالاقاليم إلى جامعات مستقلة دون اكتمال لبعضها، وتقييم عمل الوحدات ذات الطابع الخاص بالجامعات، وتقييم لبرنامج تطوير التعليم و«التعامل مع نتائج التقييم بحزم».
بمفرده وقف الاستاذ بالمركز القومى للامتحانات محمد فتح الله، فى جانب غير المتخوفين من وصول الاخوان إلى حقيبة التعليم، «لأن مشروع النهضة بيقول انهم هيعتمدوا على المعايير العالمية فى تطوير التعليم، وعندهم رؤية واضحة بكده».
يدلل فتح الله على تفاؤله بسببين آخرين، «أن الاخوان أصروا على أن يختار رؤساء الصحف بالكفاءة المهنية فقط، بالاضافة لأنهم عارفين كويس ان التربويين وكتير من المعلمين والرأى العام هيقفوا ضد أى لعب فى التعليم لصالح أهداف وأفكار أى تيار».
«مهما قالوا.. لازم هتحصل قيود على الابداع، وستطبع كتب وروايات كتير خارج مصر، زى أيام عبدالناصر، لما نجيب محفوظ نشر أولاد حارتنا فى بيروت مش فى مصر»، حسب قراءة وزير الثقافة الاسبق والناقد الادبى جابر عصفور، للمستقبل.
وكما سيفر الابداع الادبى لخارج مصر، سيفر انتاج الدراما، فى رأى عصفور، وإن كان يرى أن جبهات كثيرة ستقف أمام هذه المحاولات ولن تستسلم «مثلما كنا من قبل».