الأستاذ مجدى عبدالراضى يستعد من الآن لاجتماع الجمعية العمومية للمدرسة، بداية الشهر المقبل. «أهم حاجة التأكيد زى كل مرة إنه ممنوع ضرب التلاميذ». يتذكر الأستاذ مجدى، مدير مدرسة كفر على الابتدائية والإعدادية بمركز كفر شكر، أن الضرب كان أمرا عاديا منذ 27 عاما، عندما التحق بمهنة التدريس. «كان الضرب منتشرا لدرجة أنه كان شيئا عاديا، وكانت شكوى أولياء الأمور من الضرب نادرة جدا». كان مستوى التعليم مرتفعا، وجميع الأطراف تتبادل الثقة، فى رأى الأستاذ مجدى. د. كمال مغيث الخبير التربوى كان أحد ضحايا الضرب فى المدارس ذات يوم، لكن هذا لا يمنعه من أن يعارض اتجاه وزير التعليم فى «الحث على ضرب التلاميذ». «كان شيئا عجيبا أن يمر يوم دون أن يضربنى أستاذ، ولكن الذكريات، خاصة السلبية لا يمكن أن تشرع قرارات سياسية». عندما يتحدث د. كمال عن الضرب فهو يربطه بالنظم التعليمية المتخلفة، فهو ليس مجرد سياسة تربوية ولكنه ممارسة اجتماعية عامة، «الضرب والعنف فى المدارس انعكاس لسلوك مجتمع بأسره». يضرب مغيث مثالا بالنظام الأمريكى الذى لا يستخدم الضرب مطلقا، بل يعتمد على قائمة متعددة من أنواع العقاب التى تبدأ باللوم الخفيف وقد تنتهى بعرض الطالب على أقسام الشرطة فى حالة التجاوزات الكبيرة، «ولكن أن يتطاول مدرس بالضرب على طالب فهو سلوك جنونى هناك». كما أن الضرب فى رأى الأستاذ مجدى ليس الوسيلة الأفضل للتعليم، «لكن الواقع إن فيه تلميذ غير طبيعى ما بينفعش معاه أى وسيلة تانية». والمثال فى حكاية يسوقها المعلم. «فيه طالب عندى كل يوم يهرب من المدرسة، ولو قعد يشتم المدرسين ويتطاول عليهم. أعمل معاه إيه؟ لا عارف أعلمه، ولا آقدر أفصله». يصمت المربى الفاضل قبل أن يضيف: ولا الضرب حتى جايب معاه نتيجة. يتفق الخبير التربوى فى أن اللوم لا يقع كليا على المدرس المصرى «أنا شفت تجاوز من الطلاب يصل لحد تهديد المدرس، وإهانة الكرامة»، كما ورد فى شهادة د. مغيث. بعد كل اللغط عن السماح بالضرب فى المدارس، تبدو «المشكلة معقدة جدا» فى رأى مغيث. «لا يمكن حلها بقرار سياسى من مكتب مكيف»، فالضرب مرتبط بظروف اجتماعية واقتصادية للطالب والمدرس، وحال لعملية تعليمية منهارة». والأمر أكثر صعوبة على المدرسين. «دلوقتى المدرس بقى خايف يضرب، والمدير اللى زيى خايف أكتر، لأن هو المسئول»، كما يقول الأستاذ مجدى. «أنا أتعامل كل يوم مع حوالى 100 مدرس وألف طالب، ومش كل حالة ممكن أبحثها وأحقق فى تفاصيلها». يضيف د. مغيث أن الاستثناء الوحيد الذى يستخدم الضرب «كوسيلة تعليمية أخيرة» موجود فى دولة ذات نظام تعليمى متطور، هى بريطانيا التى خصصت مدرسة ثانوية تعلن الضرب كوسيلة من وسائلها ويعلم الآباء والتلاميذ بذلك، «خريجو هذه المدرسة يحتلون معظم الأماكن والوظائف العليا». ويقترح د. كمال مغيث أن يكون الأمر فى يد مجلس أمناء لكلك مدرسة، «يتكون من الآباء والمدرسين والطلاب، وهو أشبه بهيئة المحلفين التى يعتمد عليها النظام التعليمى الأمريكى للسيطرة على الطلاب بمشاركة الآباء، هذا المجلس غير الموجود فى المدارس المصرية، «قد يساعد على حل المشكلات فى إطار عائلى هادئ بعيدا عن قرارات عليا».