يكشف العدد التاسع من مجلة ذاكرة مصر المعاصرة، الصادرة عن مشروع ذاكرة مصر المعاصرة بمكتبة الإسكندرية، تفاصيل نادرة حول التعداد السكاني الذي أجري في نهاية عصر محمد علي في الفترة الممتدة بين عامي 1846- 1848. ويقول الباحث سامح عيد إنه على الرغم من أن تعداد عام 1882 هو أول تعداد منشور، فإنه لم يكن بالفعل أول تعداد سكاني يتم إجراؤه في مصر؛ فقبل هذا التاريخ تمت عمليات حصر عديدة على فترات خلال هذا القرن ولعل أهمها ما أجري في نهاية عصر محمد علي في الفترة الممتدة بين عامي 1846- 1848، فهذا التعداد يحمل بين طياته بيانات أكثر دقة من تلك التي يمكن استخراجها من كثير من التعدادات السكانية التي نشرت لاحقًا في مصر .
ويؤكد أن محمد علي كان مهتمًّا بحساب النمو السكاني، وقد تبلورت هذه الرغبة القوية لدى محمد علي في فكرة إجراء مسح شامل لجميع أنحاء القطر المصري لإدارة البلاد وتدبير أمور السكان وتوفير الأدوات اللازمة لبناء اقتصاد قومي واقتصاد اجتماعي جديد.
وقام محمد علي بتقسيم البلاد إداريًّا لتنظيم عملية التعداد، فقسمت إلى مديريات ونواح ومدن كبيرة (القاهرة إلى عشرة أثمان، والإسكندرية إلى خمسة أرباع)، أما الجفالك والأبعاديات فقد اعتبرت وحدات قائمة بذاتها ، ووزعت هذه القرارات الإجرائية في منشورات وأرسلت إلى كافة المديريات والدواوين للعمل بها .
ودخل مشروع التعداد السكاني في طور التنفيذ ووزعت لائحة التعداد على كافة دواوين المديريات. وتبدأ العملية الفعلية للعد من خلال تعاون مشايخ الحصص مع عدد من الكتبة الذين تم تخصيصهم لأجل هذه المهمة من قبل المديرية عن طريق ديوانها، فيبدأ النزول إلى القرى لحصر كافة سكانها واستيفاء جميع البيانات المطلوبة للتعداد، ويقوم مشايخ الحصص وشيوخ النواحي بالإشهاد الشرعي على أنفسهم بصحة هذه البيانات.
وكان ديوان المديرية يقوم بالتحقق من بياناتها عن طريق أرباب المعرفة من النواحي وغيرها، وعند انتهاء هذه المرحلة تبدأ مرحلة أخرى من مراحل إجراء التعداد وهي تجميع البيانات الخاصة بالمديرية وقراها وكفورها وعزبها وأبعادياتها في سجل إجمالي لكل مديرية على حدة.