أصدرت لجنة الحكماء، اليوم الخميس، بيانًا دعت فيه مختلف القوى الوطنية إلى التوافق والتكاتف؛ لصد محاولات إجهاض الثورة. وأكد البيان، أن أية تفرقة وتشرذم خلال هذه الأيام الفارقة، يحمل معه أخطارًا "كارثية" تهدد مصر في صميمها، وبأن التوقيت الذي تصاعدت فيه هذه الظواهر يثير الشكوك حول حقيقة القوى صاحبة المصلحة في انتكاس الثورة وإجهاضها.
ونوهت اللجنة، التي تكونت عقب قيام ثورة 25 يناير، وتضم مجموعة من الخبراء والناشطين السياسيين، إلى أن استعراض البرامج والسياسات المعلنة من جانب القوي التي شاركت في مسيرة الثورة، يكشف عن وجود درجة كبيرة من التوافق الطوعي والحقيقي بين جميع هذه القوى في العمل السياسي والوطني، وهو ما يجب التركيز عليه في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها البلاد.
يذكر أن أحداث الاشتباكات الدامية في ميدان العباسية، والتي راح ضحيتها ما يقرب من 20 قتيلا، ومئات الجرحى، ألقت بظلالها على مسيرة العملية الانتقالية بعد الثورة، وكان من أبرز نتائجها رفض معظم الأحزاب المشاركة في اجتماع المجلس العسكري أمس الأربعاء، فضلا عن الدعوة إلى مليونية غدًا الجمعة؛ للتأكيد على أهداف الثورة وعدم تأجيل انتخابات الرئاسة وموعد تسليم السلطة.
فيما يلي نص البيان..
بيان لجنة الحكماء
اللجنة التي تكونت عقب قيام الثورة من مجموعة من الخبراء والناشطين السياسيين، والتي أطلق عليها البعض حينذاك اسم «لجنة الحكماء»، والتي تواصلت منذ قيامها مع سائر قوى المجتمع، ابتداء من منظمات المجتمع المدني وانتهاء بالمؤسسات التي صارت تمثل هيكل السلطة.
هذه اللجنة تعود اليوم للتواصل والتعبير عن الرأي، بعد أن سجلت -عن كثب ومتابعة- تراجعًا مقلقًا في مسيرة التغيير الثوري، تمثل خلال الأسابيع الأخيرة في تفرق القوى الوطنية وتشرذمها.
وفى سياق الوعي المتزايد بخطورة ما يجري من حولنا- خصوصًا ما وقع خلال الأيام الأخيرة من صدام سالت فيه دماء مصرية عزيزة ، فإنه لا يسع أعضاء اللجنة إلا أن ينبهوا جميع القوى الوطنية إلى أمرين، لا يجوز تجاهلهما أو القفز فوقهما:
الأمر الأول: الوعي الكامل بأن أية تفرقة وتشرذم خلال هذه الأيام الفارقة، لابد أن يحمل معه أخطارًا كارثية تهدد مصر في صميمها، وبأن التوقيت الذي تصاعدت فيه هذه الظواهر يثير الشكوك حول حقيقة القوى صاحبة المصلحة في انتكاس الثورة وإجهاضها، وأن تفويت الفرصة على هذه القوى ينبغي أن تكون له أولوية أولى في برامج جميع الفصائل المختلفة.
الأمر الثاني: إن استعراض البرامج والسياسات المعلنة من جانب القوى التي شاركت في مسيرة الثورة، يكشف عن وجود درجة كبيرة من التوافق الطوعي والحقيقي بين جميع هذه القوى في العمل السياسي والوطني..
وبذلك يكون من العبث أن نتجاهل التوافق القائم فعلا حول أهداف الثورة وخريطة طريقها، وأن نستهلك الطاقة في خلاف عقيم حول قضايا فرعية وجزئية، لا حاجة إلى حسمها في هذه الأيام المصيرية الفارقة.
لذلك تذكّر اللجنة جميع قوى الثورة والقوي المجتمعية الحريصة على نجاحها، بأن المسؤولية عن تأمين هذه الثورة تستقر بين يدي مؤسسات دستورية قائمة، علي رأسها وبالتساوي بينها، المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ومجلس الشعب والشورى اللذان تأسسا بعد جهد كبير على أساس ديمقراطي صحيح، والوزارة التي تنتهي مهمتها التي أدتها خلال المرحلة الانتقالية، بانتخاب رئيس للجمهورية.
المؤسف أن كثيرًا منا يرفعون شعار «التوافق» ولكنهم يمارسون «المغالبة» للاستئثار والاستحواذ، حتى يشغلوا أكبر مساحة من الفراغ المتاح للتسابق والمنافسة.. وهي منافسة مشروعة تمامًا، بشرط أن تحكمها أولويات الحرص على التماسك والترابط في وقت الخطر وألا تنزلق إلى المغالبة التي تخسر بها جميع القوى، وأن قيادات القوى المجتمعية أحزابا وجماعات وائتلافات، مسؤولة أمام الله وأمام التاريخ وأمام شعب مصر عن إدارة هذه المنافسة المشروعة، إدارة تعلي المصالح القومية الوطنية فوق المصالح الفئوية والحزبية، في وعي كامل بالتحذير الإلهي الموجه للعاملين في كل زمان ومكان.