شبكة العين أو ذلك النسيج المرهف الحساس للضوء الذى يبطن قاع العين ويشبه فى عمله وظيفة الفيلم الحساس داخل آلة التصوير. يقع عليها الضوء لينسال منها شلال من الأحداث الكيمائية والعصبية فى صورة نبضة عصبية ترحل مع العصب البصرى إلى مراكز الرؤية المختلفة فى المخ وتعود وقد تمت ترجمتها بصورة واضحة المعالم زاهية الألوان. شبكية العين لا تعكس فقط أحوال صحة العين وسلامتها إنما تعكس أيضا صورة جلية لأحوال صحة البدن خصوصا الدورة الدموية والتأثيرات المختلفة للأمراض على شرايينها. قد تعطى الشبكية الإنذار الأول لوجود مرض السكر ويمكن من خلالها متابعة تطوراته والتدخل الحاسم لوقف زحف مضاعفاته وقد تشير إلى ارتفاع ضغط الدم قبل أن تعلن عنه أعراضه.
شبكية العين والعصب البصرى يعدان جزءين من الجهاز العصبى المركزى. متابعة منشئهما فى مرحلة تكوين الجنين تشهد نموهما من أنسجة المخ لذا فهما فقط ينتميان إليه دون أى أنسجة أو أعضاء أخرى من جسم الإنسان.
يتميز نسيج الشكية بتلك الحساسية الفريدة للضوء نتيجة لوجود تلك الخلايا بالغة التخصص التى تستقبل الضوء وتتأثر به بصورة مختلفة تماما عن كل خلايا الجسم الباقية.
تلك الخلايا العصبية الحساسة للضوء تتراص فى صورة وظيفية مدهشة فى نوعين مختلفى المظهر والشكل. النوع الأول مخروطى الشكل يختص بالألوان وضوء النهار أما الثانى فله شكل العصا ويختص بالضوء الخافت والظل الأبيض والأسود.
تلك الشبكة النسيجية العصبية المسئولة عن حاسة الإبصار والرؤية تغذيها شبكة دقيقة من الشعيرات الدموية تحمل إليها كل عناصر الغذاء التى تحتاجها وتحمل عنها عبء الفضلات بعد أن تنتهى من انتقاء ما ينقصها ويحقق توازن عملها ووظيفتها.
أوعية العين الدموية والتى يراقبها طبيب العيون باستخدام جهاز فحص قاع العين بعد استخدام قطرة للعين تعمل على توسيع حدقة العين تعد مرآة صادقة لأى تغيرات تحدث فى الدورة الدموية.
دورة العين الدموية
يغذى شريان العين الرئيسى (Ophthalmic artery) دورتان دمويتان الأولى تغذى الطبقتين الخارجية والوسطى من الشبكية أما الثانية فتغذى الطبقة الداخلية وتخترق العصب البصرى. يعد توزيع الشعيرات الدموية بتلك الصورة التشريحية البديعة علامة يهتدى بها عند فحص أجزاء الشبكية وتصويرها بدقة تساهم بالطبع فى دقة التشخيص وبالتالى فى طريقه العلاج ونتائجها إذا ما كان الأمر متعلقا بمرض العين.
* تشخيص أمراض الشبكية وفحص قاع العين
أهمية شبكية العين جعلت من دراستها فرعا هاما مستقلا فى طب العيون الأمر الذى معه أصبح من الممكن أن يحيلك استشارى طب وجراحة العيون لزميل تخصصه أمراض الشبكية والجسم الزجاجى فقط.
والجسم الزجاجى هو السائل الهلامى الذى يملأ فراغ العين ويلامس الشبكية فى مكانها الخلفى من كرة العين.
يبدأ فحص الشبكية بمحاولة توسيع حدقة العين إلى أقصى درجة يمكن معها أن يطالع الطبيب تفاصيل العين الداخلية بوضوح مستخدما ميكروسكوبا من نوع خاص (Jndirict Ophtalmoscopy)
* فحص وتقدير مجال الرؤية Perimetry Test
ارتبطت دائما زيارة طبيب العيون بصورة تلك اللوحة الشهيرة للعلامات المختلفة التى تشير إلى وضوح الرؤية أو انحسارها عن بعد إلا أنها أيضا تشير إلى وضوح الرؤية فى المركز أو أطراف مجال الإبصار.
* تصوير شرايين العين بالصبغة Fluorescien Angiogsqphy
حقن الفلورسين من الوريد ومتابعة سريان الصبغة فى شرايين العين وتصويرها أحد أهم الأبحاث التى تجرى لتشخيص أمراض الشبكية خاصة والعين عامة. يعطى صورة صادقة تشريحية ووظيفية للشبكية.
* التصوير بالصدى الصوتى B-Scan Ultrasound
تتيح تقنية الصدى الصوتى صورة لها أهمية خاصة فى تشخيص أمراض العين خاصة الشبكية.
* تصوير قاع العين Fundus Potography
استخدام الكاميرات الرقمية لتصوير قاع العين على أفلام خاصة حساسة تعد تقنية حديثة استخدمت فى السنوات القليلة الماضية تبدو فائدتها الحقيقية فى متابعة تطور حالة المريض أثناء العلاج.
* التصوير الطبقى للشبكية Optical Coherence Tomography
أحدث وسائل فحص الشبكية والذى يتيح صورة لها ثلاثية الأبعاد أو مقطع واضح فى نسيج الشبكية يفصح عن أى تغيرات حدثت فيها.
أمراض يفصح عنها فحص الشبكية من خلال حدقة العين المتسعة
يبدأ فحص الشبكية عادة بمحاولة توسيع حدقة العين باستخدام أنواع من قطرة العين تساعد على ذلك لإتاحة أفضل فرصة ممكنة لاستجلاء الأمر.
تفصح الشبكية عن عدد من الأمراض بعضها يتعلق بالعين ذاتها والآخر أمراض تصيب شرايين الإنسان عامة وتترك بصمتها على تلك الشبكة الدقيقة من شرايين العين فى الشبكية.
أمراض وراثية فى العين تتعلق بالصبغيات أو الخلايا العصبية. أمراض تصيب العين مع التقدم فى العمر أو نتيجة نقص إنزيمات معينة أو الإصابة بالأورام.
أهم ما قد يصيب العين وقد يتسبب فى العمى الكامل: الانفصال الشبكى.. هناك أيضا الأمراض المزمنة التى تصيب الجسم وتعكسها مرآة العين وأهمها السكر، ارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين أو الإصابة بالسرطان خصوصا أورام المخ.
مريض السكر مهدد دائما بمضاعفات المرض التى لا تستثنى العين. قد يتم تشخيص مرض السكر للمرة الأولى عند ظهور مضاعفات العين: زغللة العين، عدم الرؤية بوضوح، فقدان القدرة على التركيز على شىء صغير.. كلها عوامل قد تدفع المريض لمراجعة طبيب العيون طلبا لنظارة أو محاولة تغييرها.
الواقع أن التغيرات التى تحدث فى عدسة العين نتيجة لازدياد نسبة الجلوكوز فى الدم وراء تلك الأعراض التى تنحسر بمجرد اتخاذ ما يعيد السكر إلى نصابه.
تلف شرايين الشبكية مع استمرار ارتفاع نسبة السكر يؤدى لنزيف قاع العين وما يتبعه من مشكلات تؤدى لتليف خلايا الشبكية وبالتالى فقدانها الحساسية للضوء وما قد يحدث من فقدان تدريجى للقدرة على الإبصار مما يعقد الأمور ارتفاع ضغط الدم خاصة لدى المدخنين.
عتامات العين والجسم الزجاجى أيضا قد تصاحب حالات السكر المرتفع والتى لا تلقى عناية كافية.
أحد أخطر الأمراض العصبية المعروفة بالتصلب المتعدد أيضا لها صورتها التى لا تخطئها عين طبيب متمرس على الشبكية ومنها يتأكد التشخيص فى مراحله المبدئية. الكشف الدورى على قاع العين أمر واجب يجب ألا يغفله السليم والمريض معا.
يجرى كل عامين لدى السليم بينما يجب إجراؤه مرة كل ستة أشهر لدى مريض السكر والضغط العالى خاصة إذا ما لازمته بعض المضاعفات الأخرى.
الشبكية نافذة مفتوحة منها يمكن مطالعة مستقبل صحة الإنسان وسلامة شرايينه لنا أن نحافظ عليها مفتوحة دائما وأن نحميها من رياح عاتية تغلقها فى غفلة منا.