على غرار "جمعة الغضب" التي توحد فيها المصريون بمختلف انتماءاتهم شبابا ونساء وشيوخا وإخوانا وسلفيين وليبراليين وعلمانيين، وبعد عام من عدم اتفاق جميع الحركات على المشاركة في المليونيات التي كان يتم الدعوة لتنظيمها، خرج الشعب المصري مجددا في مليونية الأمس، لكن وسط انقسامات متعددة وشعارات متباينة وأعلام تحمل صور مرشحين للرئاسة ولافتات تحمل شعارات لحركات وأحزاب سياسية متنافرة. الانقسام بدا واضحا للعيان حتى في عدم الاتفاق على مسمى للمليونية بين جميع من أيدوا النزول إلى الميادين وأعلنوا مشاركتهم فيها، فبين "جمعة تقرير المصير"، و"جمعة حماية الثورة"، و"جمعة تسليم السلطة"، و"جمعة لم الشمل"، و"جمعة لا للفلول" تاهت وسائل الإعلام بين المسميات.
مليونية الأمس شارك فيها ما يقرب من 50 حركة سياسية وجماعة، بدت جميعها حريصة على تحقيق أجندتها الخاصة، وظهرت شعارات فئوية وصور لمرشحين رئاسيين في خرق ل"ميثاق الشرف" الذي كان قد أعلن عديد من الحركات الالتزام به، وذلك بالاتفاق على أن تكون المليونية فوق الأحزاب والحملات الانتخابية.
الانقسام بدا أيضا في تعدد المنصات، فهذه منصة الإخوان وتلك منصة أنصار الشيخ حازم صلاح، ومنصة أخرى لحزب العمل الجديد، ومنصة الجمعية الوطنية للتغيير، ومنصة القوى الثورية، ومنصة حركة 6 إبريل، وبين تلك المنصات وقف المتظاهرون ليستمتعوا بمشاهدة المشاهير الذين يتحدثون فوقها ويهتفون وراءهم في مشهد "كل يغني على ليلاه".
على منصة الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل نفى أنصاره طوال الوقت حصول والدته على الجنسية الأمريكية، منددين باستبعاده من قبل لجنة الانتخابات الرئاسية، ورغم غياب أبو إسماعيل عن المنصة، فقد دعا أنصاره إلى المرابطة والاعتصام بالميدان لحين الاستجابة لمطالبهم المتمثلة في إسقاط حكم العسكر، وإنشاء محاكم ثورية وتفعيل قانون العزل السياسي".
على جانب آخر، ألقى مجهولون الأحذية باتجاه الدكتور محمد البلتاجي القيادي الإخواني وعضو مجلس الشعب، وذلك عقب اعتلائه منصة الجمعية الوطنية للتغيير، فيما ردد عشرات النشطاء هتافات ضد الإخوان والسلفيين في ميدان طلعت حرب، وفي إشارة إلى الإخوان المسلمين، قال الدكتور كمال الهلباوي الذي قدم استقالته من الجماعة الشهر الماضي، من فوق إحدى منصات الميدان: إن من تركوا الميدان في الأوقات الصعبة خلال الفترة الماضية يتعين أن يعودوا إليه ولا يتركوه إلا بعد تحقيق أهداف الثورة.
في الوقت ذاته أعلنت جماعة الإخوان، في تمام الثامنة، انتهاء مشاركتها في فعاليات المليونية، ما دفع بعض الثائرين لم يُعرف انتماؤهم لتيار معين إلى التعدي على الحافلات التي ستقل الإخوان في طريق عودتهم، معتبرين أن الإخوان بذلك يتخلون عن الميدان، وبعد اتهامات على شبكة الإنترنت ل6 إبريل بالتعدي على الحافلات، نفت الحركة هذه الاتهامات، معلنة تنظيم مسيرة للتنديد بالواقعة والتضامن مع الإخوان، فيما أعلن أنصار أبو إسماعيل اعتصامهم، تلبية لطلب الشيخ بعد الاشتباك مع الباعة الجائلين، معلنين أن هذا الاعتصام ليس لأجل أبو إسماعيل ولكن لصالح الشعب المصري ككل.