بعد أن وضعت موقعة «التأسيسية» أوزارها فى أولى معاركها، بقرار محكمة القضاء الإدارى القاضى ببطلان تشكيل لجنة صياغة الدستور، بدت بوادر موقعة جديدة، تدور هذه المرة حول «المعايير الواجبة لاختيار أعضاء اللجنة»، إذ اختلف سياسيون حول المعايير التى يجب التوافق عليها. وفى حين أيد فريق وثيقتى التحالف الديمقراطى والأزهر، باعتبارهما «حظيا بتوافق مجتمعى»، اتجه فريق آخر إلى أن معايير وثيقة على السلمى نائب رئيس الوزراء السابق «كانت أكثر توازنا» وإن كانوا ذهبوا إلى أنها «تحتاج إلى تعديل فى نسب تمثيل فئات المجتمع».
بهاء الدين أبوشقة نائب رئيس حزب الوفد، طالب باستبدال المادة (60) من الإعلان الدستورى بمادة أخرى، «يتفق مضمونها مع المبادئ الدستورية، ويتحدد فيها معايير تشكيل الجمعية التأسيسية».
وطالب كذلك فى تصريحات ل«الشروق» بتقليل أعداد أعضاء الجمعية التأسيسية وقال: «فى صياغة الدساتير العبرة، ليست بالعدد بل بالخبرة والعلم وفن الصياغة، فالدستور التركى تم عديله عام 2011 بواسطة لجنة مكونة من 16 عضوا فقط، لذا لابد ألا يزيد أعضاء اللجنة عن 50 عضوا».
وأشار أبوشقة إلى «أهمية إلمام أعضاء لجنة وضع الدستور بدساتير مصر السابقة والنظم الدستورية على مستوى العالم كله، فضلا عن تشكيل لجان استماع تضم مجموعة من الخبراء تلحق بالجمعية لطرح تصوراتهم حول القضايا المختلفة ثم بلورتها فى شكل مواد دستورية».
واتفق معه سعد عبود، عضو مجلس الشعب عن حزب الكرامة، مشيرا إلى إن «معايير تشكيل الجمعية التأسيسية المذكورة فى وثيقة التحالف والأزهر لابد من الأخذ بها عند تحديد معايير تشكيل الجمعية التأسيسية الجديدة»، موضحا أن الوثيقتين السابق ذكرهما «تمتعا بتوافق أغلب القوى الوطنية، على عكس وثيقة على السلمى التى اختلف الكثير حول بنودها».
وأضاف عبود: «وثيقتى التحالف والأزهر أكدت بنودهما على ديمقراطية ومدنية الدولة، ومشاركة جميع طوائف الشعب فى صياغة الدستور»، مستدركا: «أعلم أنه من الصعب تحقيق تمثيل المجتمع بشكل متكامل ولكن على الأقل لابد من تحقيق قدر من التمثيل الجيد المرضى للمجتمع».
ورأى إن الدروس المستفادة من حكم حل الجمعية التأسيسية «يدفع الجميع إلى مراجعة أنفسهم (فى إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين)»، متوقعا أن تحقق الجمعية التأسيسية الجديدة «تمثيلا أفضل للمجتمع».
الدكتور هانى سرى الدين، عضو المكتب السياسى لحزب المصريين الأحرار، وأستاذ القانون بجامعة القاهرة، أيد معايير تشكيل الجمعية التأسيسية التى عرضتها وثيقة السلمى، معتبرا أنها «معايير موضوعية، وتتميز بتشكيل كافة فئات المجتمع، خاصة الأقليات».
إلا أنه رأى أن «نسب تمثيل فئات المجتمع داخل الوثيقة يحتاج إلى تعديل»، مشددا على ضرورة «تحقيق التوافق بين مختلف قوى المجتمع على معايير تشكيل الجمعية بما يصب فى صالح إصدار دستور متوازن».
أما المحامى أحمد أبوبركة القيادى فى جماعة الإخوان المسلمين فقال: «تصورات لجنة كتابة الدستور يجب أن تكون بناء على مبدأين، هما سيادة الشعب، وسيادة القانون»، موضحا أنه «سيتم قبول الرؤى والأطروحات من قبل جميع القوى السياسية لوضع معايير اختيار الجمعية التأسيسية».
وقال طلعت مرزوق، رئيس لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب والنائب عن حزب النور إن «معايير تشكيل التأسيسية موضوعة وموجودة وجاهزة وهناك أيضا تصورات كثيرة من قوى سياسية ومؤسسات مختلفة بشأن الجمعية، ونعتزم عقد لقاءات للاتفاق على التصور النهائى لها، لكننى لا أعلم ما هى الخطوة المقبلة».
فيما قال طارق الزمر المتحدث باسم الجماعة الإسلامية «من حقنا القانونى أن نطعن على حكم القضاء الإدارى لأنه ليس من حقه التدخل فى أعمال البرلمان، استنادا إلى مبدأ الفصل بين السلطات.. لكننا فى نفس الوقت ندرس أن يتم وضع معايير جديدة لاختيار أعضاء الجمعية التأسيسية من خلال البرلمان، مشيرا إلى أن حكم القضاء الإدارى بوقف عمل الجمعية التأسيسية يعطل مسيرة انتقال السلطة».
وأوضح أن هذا التعطيل قد يؤدى لكارثة، مشيرا إلى أنه يجب حل الأزمة سريعا من خلال وضع المعايير والتعديل لتدارك الموقف، حتى يستفتى الشعب على الدستور قبل انتخاب الرئيس الجديد.