يبدو أن الحديث عن تنمية سيناء على مدار الأسابيع القليلة الماضية بمجلس الشورى، وبدء الحكومة المصرية في وضع خُطة لتوطين 3 ملايين مصري بشبه جزيرة سيناء أمر مزعج لإسرائيل، للدرجة التي جعلت قائد الشرطة الإسرائيلي بمدينة إيلات المحتلة "رون جيرتنر" يزعم إطلاق صاروخين من نوع جراد، فجر اليوم من الأراضي المصرية، الأمر الذي نفته السلطات المصرية تمامًا، مؤكدة أن المنطقة تحت السيطرة الأمنية بشكل كبير، ما يلقي على إسرائيل تهمة زعزعة الاستقرار والوضع الأمني بالمنطقة، ومحاولة "تطفيش" أي مستثمر يفكر في المساهمة في مشروعات تنموية حقيقية بسيناء. بدأت الواقعة عندما أذاع راديو إسرائيل خبرًا، نقلا عن قائد شرطة إيلات، يفيد بسقوط صاروخين على جنوب إسرائيل دون وقوع إصابات، مشيرًا إلى أن مصدر إطلاق الصاروخين من داخل سيناء، فيما ذكرت صحيفة «هآرتس» سقوط أحد الصواريخ بالقرب من مدينة العقبة الأردنية، في حين سقط الآخر في المياه، قبالة ساحل إيلات.
ونقلت الصحيفة عن شهود عيان في إيلات قولهم، إنهم سمعوا صوت الانفجارات، وأن السلطات الإسرائيلية سارعت بإغلاق المعبر على الأراضي المصرية، وحذّرت السياح الإسرائيليين في سيناء.
وفي أول رد فعل، نفت الأجهزة الأمنية المصرية في شمال وجنوبسيناء، ما ادّعته إسرائيل من إطلاق قذائف صاروخية من سيناء على إيلات، وأكدت مصادر رفيعة المستوى أنه ليس من المنطق أن تُطلق صواريخ من سيناء باتجاه الأراضي الإسرائيلية، وقالت المصادر: "كانت هناك متابعاتٌ أمنية على طول الحدود المصرية مع إسرائيل، وأن المنطقة تحت السيطرة الأمنية المصرية بشكل كبير، بالإضافة إلى اليقظة التامة من بدو سيناء القاطنين بطول الحدود، والذين يشاركون في حماية الحدود الشرقية، جنبًا إلى جنب مع الأمن المصري، ولا يمكن اختراقها من قِبل أية مجموعات متطرفة، لإحداث زعزعة أمنية باتجاه الجانب الإسرائيلي".
وسبق وأن أطلقت إسرائيل تحذيرات لرعاياها في جنوبسيناء مرتين؛ حيث ادّعت وجود خطر على الإسرائيليين، وهو ما كذبته السلطات المصرية، ومر الموسم السياحي الديني الإسرائيلي بسلام في جنوبسيناء، وشهدت مدينة العقبة الأردنية، محاولات سابقة لإطلاق صواريخ وقذائف كاتيوشا باتجاه إسرائيل أو أهداف أمريكية أخرى، كان أهمها الحادث الذي وقع قبل نحو خمس سنوات، كما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مسؤول حكومي أردني رفيع قوله، إنه لم يحدث إطلاق صواريخ من المملكة الأردنية، وإنما هو انفجار في مخزن تبريد قرب العقبة.
القلق الإسرائيلي بدأ في أعقاب سقوط مبارك وانطلاق ثورة يناير، التي قد تكون سببًا في إعمار سيناء واستغلال مواردها، بما يفيد الاقتصاد المصري ورخاء المصريين نسبيًا، حيث صرح مسؤولون إسرائيليون أكثر من مرة بأنهم يشعرون بالقلق من أن صحراء سيناء، أصبحت قاعدة للمتشددين الإسلاميين، متهمين القاهرة بأنها لم تعد تسيطر سيطرة كاملة على سيناء، وأن المتشددين يستغلون هذه الأوضاع.
وفي أغسطس الماضي، قتل متسللون ثمانية إسرائيليين على الحدود المصريّة، ولاحقت القوات الإسرائيليّة المسلحين، فقتلت خمسة من حرس الحدود المصريين، وقالت إسرائيل: "إن متشددين فلسطينيين دبروا الهجوم"، وفي مسعى للتصدي لعمليات التسلل تبني إسرائيل سياجًا على طول حدودها الجنوبية، تأمل أن تستكمله بنهاية عام 2012، ولدى انتهائه سيغطي السياج معظم المساحة الواقعة بين إيلات على البحر الأحمر وقطاع غزة المطل على البحر المتوسط المحاصر بالفعل، وطولها 266 كيلومترًا. في المقابل قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو: "حذرنا من تحول سيناء إلى منصة للاعتداء علينا، وسنلاحق الإرهابيين ومن وراءهم"، مضيفًا أن "إسرائيل تحذر منذ فترة طويلة من تحول شبه جزيرة سيناء إلى منطقة انطلاق، لارتكاب اعتداءات إرهابية ضد مواطنين إسرائيليين. وإسرائيل ستستهدف الإرهابيين ومن يقف وراءهم"، مشيرًا إلى أن عملية بناء السياج الأمني على الحدود الإسرائيلية المصرية تتقدم بسرعة، مؤكدًا على ضرورة حشد دعم المجتمع الدولي لنشاطات مكافحة الإرهاب.
فيما قلل وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي "إسحاق أهارونوفيتش" من الحادث، قائلا: "إن ما حدث في إيلات اليوم لا يدعو للقلق"، وحثَّ الإسرائيليين على قضاء عطلة عيد الفصح اليهودي في المدينة، وكانت الإذاعة قد أشارت إلى أن رئيس الأركان الإسرائيلي، الجنرال بيني جانتس، ترأّس صباح اليوم اجتماعًا لقادة الجيش، لتقييم الموقف عقب سقوط صاروخي "جراد" في مدينة إيلات.