بعد 16 يومًا من القصف المتواصل، تبدو حمص جرحًا نازفًا لا يندمل، أصبح السوريون يتحدثون عنه كما لو كان أمرًا اعتياديًا، وسط نقص الغذاء والدواء والماء والكهرباء، ومثابرة قوات بشار الأسد التي لا تظهر أي نية للتراجع.
حيث تفتقر مراكز العلاج إلى التجهيزات المناسبة لإنقاذ الجرحى، فهناك أكثر من 60 جريحًا يوميًا معظمهم ينتهي به المطاف بالموت.
فمن المدينة المحاصرة، كتب أحد السكان على موقع تويتر يقول "هل اليوم الأحد؟ الأربعاء؟ السبت؟.. بصراحة لا أعرف الأيام من بعضها.. فقد أصبحت هي نفسها هنا في حمص.. تبدأ وتنتهي بالقصف".
أما الناشط عمر شاكر فأبلغ شبكة CNN بأنه "واثق من أن الجيش السوري يستعد لغزو بري واسع لحي عمرو بابا المحاصر"، قلب التمرد في المدينة. وأضاف يقول "تمامًا مثل كل يوم، سكان عمرو بابا استيقظوا (الأحد) على أصوات قصف عنيف، في وقت تستخدم فيه قوات الأسد أنواعًا مختلفة من الأسلحة والقنابل، والصواريخ في هجماتها".
ويوم الأحد، لقي 10 أشخاص مصرعهم في حمص، من بين 23 على الأقل قتلوا في أنحاء سوريا، وفقًا للجان التنسيق المحلية، التي قدرت أن نحو تسعة آلاف شخص سقطوا منذ بدء الانتفاضة قبل نحو عام.
وأفاد ناشطون بأنه تم تسجيل نحو 300 حالة اعتقال لأطباء في سوريا منذ بداية الانتفاضة الشعبية في مارس الماضي، بهدف ترهيب الكوادر الطبية ومنعها من إسعاف المتظاهرين. وقالت لجان التنسيق إن 295 طبيباً اعتقلوا في سياق "حملة شرسة" ضد الأطباء.
وتقدر الأممالمتحدة أن ما يزيد على 5 آلاف شخص لقوا حتفهم في العنف، الذي يحمل النظام السوري مسؤوليته على "جماعات إرهابية مسلحة".
يشار إلى أنه لا يمكن التأكد من هذه التقارير بشكل مستقل نظراً لقيود مفروضة من قبل النظام السوري على تحركات المراسلين الأجانب داخل أراضيه.
وقالت لجان التنسيق المحلية المعارضة في سوريا، إن 17 شخصًا لقوا مصرعهم السبت في أنحاء البلاد، ضمن حملة حكومية مستمرة تهدف إلى سحق الاحتجاجات المناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد.
وأوضحت المتحدثة باسم لجان التنسيق- رفيف جويجاتي، أنه تم توثيق أكثر من 8500 حالة وفاة منذ بدء الحملة الأمنية منذ نحو 11 شهرًا مضت، في حين تقول الأممالمتحدة إن ما يزيد على 5000 شخص لقوا حتفهم.
ولقي شخصين حتفهما في حمص يوم السبت، ومثلهما في كل من درعا ودمشق، وواحد في كل من من حماة وإدلب، وفقًا للجان التي قالت إن قوات الأمن الحكومية استمرت بقصف مدينة حمص.
وأضاف بيان للجان التنسيق المحلية أن الدبابات وقاذفات الصواريخ تطلق النار بشكل عشوائي على منازل المواطنين في حي عمرو بابا وحي الإنشاءات في حمص.
وقد سقط 61 قتيلاً، على الأقل، خلال مواجهات مع القوات السورية الموالية للنظام، بمختلف مدن البلاد يوم الجمعة، ضمن ما يعرف باسم "جمعة المقاومة الشعبية"، في حين تستعد منطقة "بابا عمرو" في حمص، لعملية عسكرية واسعة يتوقع أن يشنها الجيش السوري وفق ما أفاد ناشطون.
وقد نزل آلاف السوريين إلى شوارع المدن الرئيسية، في كل من أدلب، ودرعا، وحمص، وحماة، بالإضافة إلى ضواحي دمشق، في احتجاجات حاشدة ضد نظام، في تصعيد جديد لتحركات المعارضة في الدولة العربية، التي يعتقد البعض أنها باتت على مقربة من "حرب أهلية" واسعة.
وأفادت لجان التنسيق المحلية في سوريا، إنها أحصت 613 مسيرة احتجاجية بمدن سورية شتى، 158 منها في محافظة "أدلب" وحدها، يوم الجمعة.
وقالت اللجان، وهي إحدى جماعات المعارضة السورية، التي تتولى تنسيق وتوثيق الاحتجاجات ضد نظام الأسد، بأن 61 شخصاً، على الأقل، سقطوا خلال المواجهات مع القوات الموالية للحكومة، من بينهم 12 جندياً منشقاً تم إعدامهم في بلدة "جاسم" بمحافظة درعا.
ومن جانبه، أشار النظام السوري، وبحسب ما نقلت وكالة أنباء "سانا"، إن ستة من قوات الأمن النظامي قتلوا على يد "جماعات إرهابية مسلحة"، الذين تحملهم السلطات مسؤولية عنف ناجم عن حملة قمع عسكرية أطلقها لسحق احتجاجات مناهضة تطالب بالتغيير والديمقراطية.