«يوسف بطرس غالى، اقتصادى موهوب، قرر العودة إلى بلده بعد حصوله على الدكتوراه من الولاياتالمتحدة، فى محاولة لتطوير اقتصاد مصر وتحسين حالها». هذه هى رؤية الصحفية الأمريكية جوديث ميلر للوزير السابق الهارب والتى نشرتها فى عدد فبراير الحالى من مجلة نيوزماكس اليمينية المحافظة.
نشرت ميلر تقريرا بعنوان «الرجل المطارد الذى جلب التقدم والإصلاح»، تدافع فيه عن وزير المالية الأسبق الذى يعيش فى لندن هاربا من حكم بالسجن 30 عاما فى قضايا اختلاس وإهدار للمال العام.
تحكى ميلر أن غالى قد طور من وزارة المالية التى لم تكن تمتلك جهاز كمبيوتر واحدا، وحارب فى سبيل السوق الحرة العادلة التى تجلب الرخاء للجميع. وتدعى ميلر أن «الاصلاحات الاقتصادية الهائلة» التى جاءت على يد غالى أدت إلى غضب المشير طنطاوى منه، لأن طنطاوى، بحسب ميلر، يعارض السوق الحرة ويدعو إلى تدخل الدولة فى الاقتصاد وتحديد الأسعار.
وتدعى ميلر أن الثورة المصرية مبنية على أسس إسلامية وأن الجيش المصرى يكره المسيحيين، وبالتالى فإن ديانة بطرس غالى هى أحد الأسباب الرئيسية لكراهية المصريين له، على حد زعمها. وتنهى الصحفية تقريرها مدعية أن المصريين قد بدأوا الآن يدركون كيف أن الكثير من المسئولين السابقين ليسوا فاسدين، وأن مشكلات البلاد لم تكن مسئوليتهم.
ويرتبط اسم الصحفية الأمريكية جوديث ميلر بواحدة من أسوأ وأحط الحملات الصحفية فى التاريخ.
ففى عام 2002 بدأت الصحفية الأمريكية فى نشر تقارير تدعى أن العراق يملك أسلحة دمار شامل، واستمرت فى حملتها أكثر من عام كامل. وقال البيت الأبيض بعد ذلك إنه استند إلى تحقيقات النيويورك تايمز فى التأكد من صحة معلوماته حول وجود أسلحة الدمار بالعراق، وهو ما كان مبررا للغزو آنذاك. لكن سرعان ما اكتشفت باقى الصحف الأمريكية أن تقارير ميلر مليئة بالأخطاء وبعضها تم فبركته بالكامل. ووصفت «الجارديان» ميلر أنها مجرد أداة استخدمتها وزارة الدفاع والمخابرات الأمريكية لنشر معلومات خاطئة عن الحرب، وأنها مندوبة الحكومة داخل الصحف التى تعمل بها وليس العكس.
ثم ارتكبت الصحفية خطيئة أخرى تدل على مدى ارتباطها بالمخابرات الأمريكية. ففى عام 2003 كان الدبلوماسى الأمريكى جوزيف ويلسون يجرى جولات فى أفريقيا للتحقيق فى مدى صحة الادعاءات بأن صدام حسين يشترى مكونات قنبلة نووية. واكتشف جوزيف أن هذه الادعاءات كاذبة، وهاجم الرئيس الأمريكى على إصراره على غزو العراق رغم غياب الأدلة على وجود أسلحة دمار شامل فى البلاد.
واشتركت ميلر مع عدد من الصحفيين فى الانتقام من صراحة جوزيف وذلك بالكشف عن أن زوجته، فاليرى بالم، لها علاقات قوية للمخابرات الأمريكية، مما أدى إلى تدمير عمل فاليرى بعد الكشف عن حقيقة هويتها.
ورغم أن مجلة «نيوزماكس» لها شعبية ضخمة بين المحافظين واليمين الدينى الأمريكى، إلا أن انتقال ميلر من العمل فى صحف كبرى مثل «نيويورك تايمز» إلى مجلة محافظة فى ولاية فلوريدا يدل على انحسار شعبيتها وانحدار حالها بعد تورطها فى نشر العديد من التقارير الكاذبة.