نفت مؤسسة بروهيلفتيسيا، المعنية بالترويج للثقافة السويسرية في الخارج، وجود نية لإغلاق مكتبها الوحيد في المنطقة العربية في أعقاب الثورات التي تهز المنطقة إلا أنها أكدت متابعتها للأوضاع عن كثب لتكييف عروضها مع التطورات الحاصلة. وكانت تصريحات مدير المؤسسة بيوس كنوسل، كما أوردتها بعض وسائل الإعلام السويسرية في أعقاب ندوة صحفية عقدها في برن يوم 19 يناير 2012، قد ثارت بعض القلق بعد أن صرح في رد على تساؤل أحد الصحفيين بأن "بروهيلفيتسيا ستقرر من هنا حتى نهاية العام، ما إذا كان مكتب اتصالها في القاهرة سيتم إغلاقه بسبب الأوضاع السياسية في مصر"، وأوضح في سياق رده أن "المكتب سيواصل نشاطاته لدعم مشاريع في بلدان عربية أخرى".
للتذكير، يعتبر مكتب بروهلفيتسيا في القاهرة أول مكتب يُفتتح خارج سويسرا في عام 1988، كما أنه المكتب الوحيد الذي يرعى التواجد الثقافي السويسري في كامل المنطقة العربية. لذلك فإن إغلاقه سيؤدي إلى قطع التواصل الثقافي لسويسرا مع منطقة لا زالت تخوض تجربة انفتاح وتحرر لم تكتمل بعد.
وفي رد كتابي على أسئلة توجهت بها swissinfo.ch، أوضحت بروهيلفيتسيا على لسان الناطقة باسمها صابينا شفارتسنباخ، أن "ما أوردته وسائل الإعلام كان ناقصا" وأضافت أنه "في الوقت الحالي ليست لدينا أية نية في إغلاق مكتب القاهرة، كما أن فريقنا ما زال متواجدا هناك ويقوم بنشاطاته".
في الوقت نفسه، أشارت السيدة شفارتسنباخ إلى "أننا اضطررنا أثناء الثورة المصرية لتأجيل تنفيذ بعض المشاريع. ولكن القسم الأكبر من هذه المشاريع تم تنفيذه على كل حال، في النصف الثاني من العام".
وفي معرض تقييمها للدور الذي يلعبه مكتب بروهليفيسيا في القاهرة، تقول الناطقة باسم المؤسسة: "إن استراتيجية بروهيلفيتسيا في الخارج تهدف إلى إيجاد نقطة اتصال في كل المناطق الثقافية الهامة في العالم. ونحن نتعامل انطلاقا من مكتبنا في القاهرة، مع شركاء في مصر، ونتابع إنجاز مشاريع أخرى في لبنان والإمارات العربية المتحدة والأردن وفلسطين".
وعلى عكس ما أوحت به تصريحات مدير بروهيلفيتسيا في ندوته الصحفية، نوهت السيدة شفارتسنباخ إلى أن "الشبكة التي أقامها مكتب القاهرة، تسمح بربط الصلة بكافة المناطق في العالم العربي، ومن هذا المنطلق، فإن التفكير في مكان بديل، لم يكن موضوع نقاش إلى حد اليوم".
ضرورة التكيف مع التغيرات الحاصلة
على صعيد آخر، تركت تصريحات مدير بروهلفيتسيا بيوس كنوسل، وأقوال رئيسها ماريو أنوني انطباعا يفهم منه أن التخوفات القائمة لا تعود إلى أسباب أمنية فحسب بل يُحتمل أن تكون على علاقة بالتوجهات السياسية المقبلة في مصر التي يرى البعض أنها "قد لا تكون مواتية لمواصلة الترويج لثقافة سويسرية" بالمنطقة.
فقد أوضح بيوس كنوسل - دائما حسب ما أوردته وكالة الأنباء السويسرية - بأن "الوضع مقلق بالنسبة لنا"، مشيرا إلى أنه مع تقدم الإسلاميين في الإنتخابات البرلمانية التي شهدتها مصر، فإن الأولوية قد لا تكون لمتابعة بعض من أوجه الثقافة الأوروبية بل للمظاهرات في الشوارع.
أما رئيس المؤسسة ماريو أنوني فقد أشار دائما حسبما أوردته وكالة الأنباء السويسرية، إلى أن "مكتب بروهلفيتسيا المتواجد داخل مبنى السفارة السويسرية لا يبعُد كثيرا عن ميدان التحرير، ولذلك نسمع، كلما اتصلنا بهم، هاتفيا طلقات الرصاص"، لكن الناطقة باسم المؤسسة هوّنت في ردها من تلك التخوفات وقالت: "إننا نعمل دوما على تكييف طريقة عملنا مع الظروف السائدة، وفي تبادل لوجهات النظر مع شركائنا".
وشرحت ذلك بقولها" إن مكاتب اتصال بروهلفيتسيا في الخارج، تعتمد في عملها على شركاء خارجيين مثل الجمعيات والاتحادات الثقافية. وقد تجد بروهليفيتسيا نفسها في وضعية صعبة لو تعذر على هؤلاء القيام بعملهم على أحسن وجه. لذلك نحاول دعم المؤسسات المصرية التي نتعاون معها بشكل جيد لمواصلة أداء مهمتنا الثقافية بطريقة تتلاءم والأوضاع السائدة. أما كيف ستؤثر الأوضاع السياسية السائدة على الحياة الثقافية فهذا ما نحن بصدد متابعته باهتمام كبير".
اهتمام بالنموذج السويسري
منذ تدشينه في عام 1988، يقوم مكتب بروهلفيتسيا بالقاهرة بالترويج للثقافة السويسرية بمختلف تعبيراتها في المنطقة العربية. وكان آخر عمل قدمه في القاهرة هو تعريب قصة "هايدي" الشهيرة للكاتب السويسري بيتر شتام، وتم عرض القصة على شكل حكاية للأطفال من قبل الفنانة عبير سليمان.
من جهة أخرى، تشتمل المبادلات الثقافية بين مصر وسويسرا على نشاطات تدخل في إطار "الفنان المقيم" حيث يتواجد فنانون سويسريون حاليا في إقامة لفترة مؤقتة في مصر، وفنانون مصريون في إقامة مؤقتة بسويسرا بدعم من مؤسسة بروهلفيتسيا.