لطالما لعن الأرجنتينيون رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارجريت تاتشر لقيادتها بريطانيا لخوض حرب جزر فوكلاند ضد بلادهم، لكن الصورة تغيرت بفضل فيلم سينمائي . فقد تولد شعور جديد بالتعاطف معها عندما شاهدها رواد السينما في الارجنتين في صورة المرأة الضعيفة والعجوز التي تعاني من خرف الشيخوخة في الفيلم السينمائي الجديد (المرأة الحديدية).
وصور الفيلم الذي رشح لنيل الأوسكار تاتشر (86 عاما) في هيئة امرأة عجوز مضطربة ووحيدة تتذكر قصص من حياتها السياسية المليئة بالخلافات وجاء عرضه في وقت تشتعل فيه التوترات الدبلوماسية بشأن جزر فوكلاند من جديد.
وقالت اليشيا فيشر وهي متقاعدة وكانت تعمل في مجال صناعة الكيماويات بعد مشاهدة الفيلم الذي قامت ببطولته الممثلة ميريل ستريب، وافتتح عرضه في بوينس أيرس نهاية الأسبوع الماضي "صورة المرأة العجوز جعلتني حزينة. انها صورة للعزلة الهائلة التي تأتي مع السلطة."
وينظر معظم الناس في الارجنتين لغزو بلادهم لجزر فوكلاند البريطانية يوم الثاني من ابريل 1982 على أنه خطأ جسيم من قبل الديكتاتورية العسكرية التي كانت تحكم البلاد آنذاك، لكنهم يعتقدون أيضا أن الجزر بحق جزء من اراضي بلادهم. واضافت فيشر انها ستنظر دوما الى بريطانيا كعدو لكن مفهومها عن تاتشر تغير بعد مشاهدة الفيلم.
وقالت "يجب ان تضع نفسك محلها. لقد قامت بما كان ينبغي عليها فعله لاجل وطنها."
وأشاد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، بأداء ميريل ستريب التمثيلي لكنه انتقد تقديم تاتشر في صورة امرأة عجوز منكسرة، وأشار الى ضرورة عدم تصوير الفيلم وهي لا تزال على قيد الحياة وتعاني من خرف الشيخوخة.
وجلس الجمهور في دار سينما مكتظة في بوينس ايرس يوم الجمعة وهم في حالة ذهول بالفيلم. وكان هناك همس مرة واحدة فقط في اللقطة التي اصدرت فيها تاتشر وهي ترتدي زيها التقليدي المعتاد مع تصفيفة شعرها المميزة الاوامر باغراق السفينة الحربية جنرال بلجرانو مما اسفر عن مقتل 323 جندي بحرية ارجنتيني وكان هذا الحدث نقطة تحول في الحرب.
وعزز النجاح في حرب فوكلاند شعبية تانشر والتي كانت تراجعت بسبب الركود الاقتصادي وساهمت هذه الحرب في تحقيق حزبها الفوز في انتخابات عام 1983 .
وتجددت التوترات بين بريطانيا والأرجنتين في الشهور الأخيرة جراء التنقيب عن النفط في جزر فوكلاند. وقرار بريطانيا ارسال أكثر سفنها الحربية تطورا إلى الجزر أعاد من جديد فتح الجرح غير أنه من غير المعتقد أن يتجدد الصراع المسلح.
وبدأ عرض فيلم (المرأة الحديدية) في دور السينما بالارجنتين يوم الخميس الماضي، بينما بدأ الامير وليام وترتيبه الثاني على عرش بريطانيا زيارة لجزر فوكلاند في اطار خدمته العسكرية.