فى يناير 1881 كانت البداية الأولى للثورة العرابية التى اكتملت بمظاهرة عابدين فى 9 سبتمبر من نفس العام، ففى منتصف يناير صعد عثمان باشا رفقى ناظر الجهادية من اضطهاده للضباط المصريين فى الجيش لصالح الضباط من ذوى الأصول التركية والجركسية، فأصدر فى 16 يناير عدة قرارات بإبعاد عبدالعال بك حلمى من قيادة آلاى طرة ونقله إلى ديوان الجهادية وفصل أحمد بك عبدالغفار قائمقام آلاى الفرسان وعين مكانهما ضباط جراكسة، وعندما علم أحمد عرابى بالخبر اجتمع فى تلك الليلة بعدد من الضباط الوطنيين بمنزله واتفقوا على مقاومة إجراءات عثمان رفقى، واختار المجتمعون عرابى قائدا لهم وأقسموا بحمايته على السيف والمصحف. وفى اليوم التالى 17 يناير 1881 توجه الأميرالاى أحمد عرابى والأميرالاى على فهمى والأميرالاى عبدالعال حلمى إلى رياض باشا فى نظارة الداخلية وقدموا له عريضة يطالبون فيها بعزل رفقى باشا. فى 31 يناير جاء الرد على العريضة فى اجتماع مجلس النظار برئاسة الخديوى توفيق حيث صدر القرار بالقبض على الضباط الثلاثة ومحاكمتهم أمام مجلس عسكرى، رغم معارضة رياض باشا وتحفظه خوفا من إثارة الفتن.
ورغم إصرار رفقى باشا على عزل الضباط الثلاثة والقبض عليهم ومحاكمتهم، إلا أنه كان أضعف من أن يواجههم مباشرة، فأرسل لثلاثتهم استدعاء للحضور إلى الديوان بمعسكر قصر النيل بدعوى المداولة معهم فى ترتيب الاحتفال بزفاف الأميرة جميلة هانم شقيقة الخديوى.
وفى الموعد المحدد صباح الأول من فبراير توجه الضباط الثلاثة إلى قصر النيل بصحبتهم مجموعة من ضباط آلاى الحرس الذى كان مقره قشلاق عابدين لمراقبة الموقف عن بعد، والتصرف فى حالة تعرض عرابى ورفيقيه لمكروه.
وبمجرد وصول عرابى وحلمى وفهمى لقصر النيل تم تجريدهم من سيوفهم والقبض عليهم تمهيدا لمحاكمتهم أمام المجلس العسكرى برئاسة الجنرال استون باشا أركان حرب الجيش المصرى. وفى طريقهم إلى السجن بقصر النيل مروا بين صفين من الضباط الجراكسة يسبونهم. وعين رفقى باشا ثلاثة من الضباط الجراكسة ليحلوا محلهم.
لكن الضباط المرافقين لهم أسرعوا إلى قشلاق عابدين وأبلغوا زملاءهم من الضباط المصريين، فتصدى البكباشى محمد عبيد أفندى لقيادة الضباط والجنود، وعندما حاول قائممقام الآلاى خورشيد بك اعتراضه أمر الجنود باعتراضه، ورفض الضباط استدعاء الخديوى لهم، وتحركوا فورا بمظاهرة عسكرية إلى الميدان، وحاصروا ثكنات قصر النيل، واقتحموها شاهرين أسلحتهم وحرروا عرابى وزميليه، وفر من فر من الضباط الأتراك والجراكسة واعتقل من اعتقل، أما عثمان باشا رفقى ناظر الجهادية فهرب النافذة لينجو بجلده.
وعادت المظاهرة ميدان من قصر النيل إلى ميدان عابدين حيث قصر الخديوى، وهناك لحق بها آلاى طره بقيادة البكباشى خضر أفندى خضر.
وانتهت المظاهرة العسكرية بعزل رفقى باشا وتعيين محمود سامى البارودى ناظرا للجهادية، وكان البارودى رغم أصوله غير المصرية مناصرا للضباط المصريين، ومشاركا فى الثورة حتى نهايتها.