منحت جائزة سيف غباش- بانيبال للترجمة الأدبية للعام 2011 للمترجم والشاعر الليبي الأميركي خالد مطاوع عن ترجمته لديوان "أدونيس: قصائد مختارة"، الصادر عن مطبوعات جامعة ييل الأميركية.
وجاء القرار بإجماع لجنة التحكيم على منح ترجمة خالد مطاوع الجائزة الأولى، مثلما أتفقت اللجنة بسهولة على الترجمة التي حازت على المرتبة الثانية والأخرى التي حازت على الثناء، حيث احتلت باربرا رومين المرتبة الثانية عن ترجمتها لرواية "أطياف" للكاتبة المصرية رضوى عاشور، التي كانت قد صدرت عن دار "أرابيا بوكس" في لندن .
وحازت ترجمة مايا ثابت على الثناء عن رواية "الوجوه البيضاء" للروائي اللبناني إلياس خوري، الصادرة عن دار أرتشيبيلاغو في نيويورك.
وقد تألفت لجنة التحكيم للعام 2011 من الروائية والناقدة جوان سميث؛ والكاتبة والمترجمة وأستاذة الأدب الأمريكي في جامعة إيست أنغليا، ساره تشيرتشويل؛ والمترجمة والمحاضرة في الأدب العربي ووسائل الإعلام بجامعة إكستر، كريستينا فيليبس، ومحرّر مجلة بانيبال الكاتب العراقي صموئيل شمعون. وكانت اللجنة قد اجتمعت يوم 8 ديسمبر الماضي في مبنى جمعية المؤلفين البريطانيين تحت اشراف سكرتيرة الجمعية بولا جونسون.
وعلقت لجنة التحكيم على فوز المترجم خالد مطاوع بالقول: "من المقدر لترجمة خالد مطاوع لهذه المختارات من قصائد أدونيس أن تصبح عملاً كلاسيكياً. فالترجمة سلسة ورشيقة، وتنقل أحاسيس أدونيس الحداثية بجمالية عالية إلى اللغة الإنكليزية. وسيتعرف القراء الناطقون باللغة الإنكليزية على سبب تشبيه أدونيس كثيراً ب ت. س. إليوت وإزرا باوند، لنضارة قصائده ومخيلته المتحرّرة من الأسلوب القديم الذي اتسمت به الترجمات الأخرى، وتبرز ترجمته الفريدة أساطير الشرق والغرب، ودوائر الحبّ والموت. ومن شأن هذا الكتاب أن يساعد في إطلاع القرّاء الغربيين على أهمية مساهمة أدونيس في الشعر العالمي".
وأضافت لجنة التحكيم قائلة "ويعرف أدونيس عالمياً بأنه شاعر ومنظر ومفكر، ومؤسس للأدب العربي الحديث حيث ينطوي شعره على أبعاد عالمية؛ وهو معروف بنقده اللاذع لتأثير الايديولوجيا الدينية المهيمن على الأدب العربي الحديث، حيث تربط أعماله الشعرية التجريبية والجريئة والمؤثرة الحاضر بالماضي، مثلما تقدم في الوقت ذاته رؤية ووجهة نظر في المستقبل. قصائد أدونيس في اللغة الأصلية، أي العربية، ليست سهلة، بل هي في الحقيقة صعبة ومعقّدة، وتغلفها طبقات متعدّدة من التاريخ والأساطير والأفكار، وتضرب جذورها في الإستعارات والرموز والصور السريالية، والأنواع والأساليب الواسعة والمتعددة – وقد نسجت جميعها في لغة جميلة، مكثفة وموجزة".
وختمت اللجنة تعليقها بالقول: "لقد تصدى الشاعر والمترجم الموهوب خالد مطاوع لتحد هائل أثناء انكبابه على ترجمة قصائد أدونيس إلى اللغة الإنكليزية، أو كما يقال غالباً في الوطن العربي، إلى "لغة شكسبير"، وحقق نجاحاً فائقاً. إن كتاب "أدونيس: قصائد مختارة" ديوان كبير وشامل يغطّي نصف قرن من أعمال أدونيس التي تمتد من عام 1957 إلى عام 2008.
تمكن خالد مطاوع من نقل هذه المختارات الى اللغة الإنكليزية بدرجة عالية من الموسيقية والحسّاسية والجمالية التي أبرزت تعقيداتها الأسلوبية والإبداعية والتصويرية، خالقا بعمله هذا عملاً شاعرياً غنائياً قوياً وأصيلاً باللغة الإنكليزية. هذه الترجمة المشرقة تسد فراغاً كبيراً في ثقافة القراء الناطقين باللغة الإنكليزية باختصار انها ترجمة مدهشة".
وفي تعليقها على الترجمة الفائزة بالمرتبة الثانية قالت لجنة التحكيم: إن رواية "أطياف" للكاتبة المصرية رضوى عاشور مزيج طموح ومؤثّر من السيرة الذاتية والتاريخ والسياسة والحكاية، وتروي قصّة مصر منذ الخمسينيات من القرن العشرين من خلال تجربتيْ امرأتين تشكل خيال إحداهما الأخرى.
وتنقل ترجمة باربرا رومين بقوة مجازية قصّة عاشور ورمزيتها بصبر ودقّة. "أطياف" رواية متطوّرة ومعقدة تمزج بين الخيال والتاريخ والسيرة الذاتية... وترجمة باربرا رومين الموفقة، تعكس بمهارة الأصوات والظلال المختلفة في القصة. إنها حكاية متدفقة وممتعة، وقد أنجزت رومين ترجمة ناجحة جدا.
وأثنت لجنة التحكيم على ترجمة مايا ثابت لرواية "الوجوه البيضاء" للكاتب اللبناني الياس خوري، قائلة: عندما صدرت رواية "الوجوه البيضاء" للمرة الأولى باللغة العربية في عام 1981، كانت من أولى الروايات التي تحدثت بجرأة عن الحرب الأهلية في لبنان، وعن الأعمال الوحشية الفظيعة التي حدثت فيها، وانعكاسها على الحياة اليومية للناس.
إن رواية "الوجوه البيضاء" تحقيق ساحر في التحقيق ذاته، تروي قصّة مقتل رجل أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، وتبرز فوضى التاريخ وتنافره وتفككه كما يبدو، وأهمية الحكايات الشخصية لمواجهة واحتواء فوضى التاريخ. إن لغة إلياس خوري سلسة وشاعرية، وتعبّر عن ذلك الترجمة الرائعة التي قامت بها مايا ثابت، التي جعلت أحداث القصّة الآنية تنبض بالحياة، من دون التضحية بظلال الأسئلة الأخلاقية والفلسفية التي يطرحها المؤلف".
وتمنح جائزة سيف غباش – بانيبال السنوية البالغة قيمتها ثلاثة آلاف جنيه إسترليني إلى المترجم الذي يقوم بترجمة عمل أدبي عربي إبداعي كامل إلى اللغة الإنكليزية يتمتع بأهمية أدبية. ويقوم السيد عمر سيف غباش برعاية الجائزة ودعمها احياء لذكرى والده الراحل سيف غباش من خلال اطلاق اسمه على الجائزة. وكان الراحل سيف غباش، من الشخصيات الدبلوماسية والفكرية الهامة في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومن عشاق الأدب العربي والآداب الأخرى.
وتشرف على ادارة جائزة سيف غباش- بانيبال جمعية المؤلفين في المملكة المتحدة، مع عدد من الجوائز المعروفة في المملكة المتحدة للترجمات الأدبية، مثل "جائزة سكوت مونكريف" من الفرنسية، "جائزة شيغيل – تيك" من الالمانية، "جائزة جون فلوريو" من الايطالية، "جائزة بريميو فاله اينثيلان" من الاسبانية، و"جائزة برنارد شو" من السويدية. جميع هذه الجوائز تمنح يوم 6 شباط (فبراير) المقبل في حفل كبير في قاعة كينغ بلاص في لندن، برعاية المركز البريطاني للترجمة الادبية، بالتعاون مع جمعية المؤلفين البريطانيين وملحق التايمز الأدبي الشهير.