في مجموعة الشاعر الفلسطيني رشدي الماضي التي حملت عنوانا هو (شمال الى حجر الانتظار) امتلاء بالرموز من أدبية وفكرية ودينية وغيرها يسوقها الشاعر في قصائده عامة. وقد صدرت مجموعة رشدي الماضي عن (المؤسسة العربية للدراسات والنشر) في بيروت وعمان في 110 صفحات متوسطة القطع وبلوحة غلاف للامريكي الكسندر جيوم.
ولا بد هنا من ايراد ما كتبه الروائي والشاعر ابراهيم نصر الله متحدثا عن رشدي الماضي في شعرية مؤثرة.
قال نصرالله "بحميمية بالغة هامسة وبايمان بقوة الحياة وتمسك بكل ذرة تراب وتلويح لكل خفقة جناح تفيض نصوص رشدي الماضي غامرة كل ما حولنا من كائنات واماكن وتواريخ محتشدة بالمعنى ومستقبل مفتون بالحلم.
"قلة هم أولئك الذين يملأون حياتنا بحب الحياة الى هذا الحد ولا يكلون وهم يستعيدون متأملين تجاربهم وتجارب شعبهم وتجارب الشعوب والمعنى الدقيق لكل ابداع متألق".
واضاف يقول "إنه رفيق الشمس والهواء والماء والخضرة وهو الذي لا يتوقف عن القاء تحية الصباح في هذا الليل على كل ما يراه ويعيشه ويسير متأبطا كل شجرة منسية نحو رأس النبع".
في القصيدة الاولى (الكنعاني عوليس علّم مركبه الدخول) نواجه افكارا ورموزا عديدة منها عوليس نفسه و"جودو" والديك الذي صاح معلنا انكار القديس بطرس للسيد المسيح.
نقرأ "عطش في الاعشاب تحت غيمة الصدركيف تعلمت حلمة تنداح منقار حجل حتى صارت لا تذود سوى قلق المجاعة.. شيء لن اعرفه وانا جودو انتظار يقضم بياض الغياب غيابا...
"لا تخافي مدينتي اذا تمطى الرصيف على صيفه قطة لا تتهجى الصباح صباحا انا توزعت "بطرس" فانسلت بحة في الديك لا تجيء صباحا..غنائي هناك ستائر لا تنام ولا تخشى اصابعها البحر حصارا عوليسها الكنعاني يتقدم وقد شيدت له صوفها مرفأ ليستقرىء زحف الماء الى مضيق وهدتها...
في (لوركا قيثار تعافى) أشارات الى رموز منها غارسيا لوركا ومنها آدم والتفاحة في القصص الديني. يقول "...اتركيها مشرعة وتعالي "تفاحة" تنداح صدرا باذخا تعالي وازرعيني "آدم" في أظافرك لاساقط : دفقة دفقة فمطرا مطرا...
في (اعادة الولادة) رموز دينية من اسماء ذات النطاقين الى البراق الى سدرة المنتهى ورموز.. وقصة الخلق واشارات اخرى.
يقول الماضي "اما أنا سأعيد في "الغار" رسم روايتي زمننا اليوم يبدأ كي اعيد صلصالا كنته طفلا الى مهده آباء ...حتى نعود مع البراق "سدرة" تحط ألواحا وأخشابا".
وفي (... والخاسرون عبيد الى يوم القيامة) اشارات قرآنية مختلفة ومن ذلك قوله "...ولم أزل في هذا الطريق اسير اقرأ "الضحى" واهش بهاتيك "العصا" اهشه ليلا ليلا اذا "سجا" وبين سؤال وسؤال الى "ماء البئر" اسعى... اعلنتها ومن "عدن" خانها آدم انسحبت توا ...
في (آنسة خلف المشربية) تعبير شعري ناجح ففيها يقول "اعار الليل من ثملات اقداحه رمشك اغفاءة رؤية حالمة اعار فايقظ ثغرك ابتسامة خجولة مؤرقة...
وفي (الطريق الطويلة أيام عارية) شعرية واضحة ايضا وفيها يقول "سماء الانتظار يلونها فحم الضباب وحجرتي في البعيد بالروائح مثخنة وبساط ليلة لم تكتمل بيارة ويافا تمددت عارية الثديين وبنشوتي مثقلة".
ولعل قصيدة (قامة الصوت) نموذج شعري مؤثر متميز وفيها يقول "مشيت لا اعرف الى اين فحملت وهم الوصول.. وواصلت المسير في نهار مبلل بعطش الارصفة امضغ حشيش الوقت واشرب العزلة فراغا في كفين مثقوبتين.
"عرجت لاشتري حلم يقظة في سوق المزاد العلني فوجدت الاحلام تحمل على اجسادها آثار الخرائب والزهور.
"ولجت زحام الضجيج فقادتني برهة مراوغة الى مسرح ينفق الوقت في تسكاب خمرة الشطحات... ظلام يغطيه دخان السجائر وذبالات الضوء تهذي دائخة وفي المقاعد عيون لا تدري اية غيمة هطلت بها...
في قصيدة (نافذة في ماء هاجر) يعود الى الرموز خاصة الديني منها.. يقول "يتدفق سعي هاجر خمرا تائبا كالحليب ... سارة تطل نافذة مقفلة فلا "الوحي" يأمر "النار" والجار غادرها الاله... في عب السعي طفلك يختبىء وابراهيم رؤيا حيوانية...