تحل الذكرى الرابعة لدخول الميثاق العربى لحقوق الإنسان حيز التنفيذ غدا الأحد مع ربيع الثورات العربية التى ركزت على إعادة الكرامة واحترام حقوق الإنسان والحريات للمواطن العربي. فقد أعادت الثورات العربية الاعتبار للمنطقة العربية والاسلامية بل واعادت الامل للاجيال التى قدمت تضحيات لاكثر من أربعين عاما ولم تر نتائج هذه التضحيات الا بالاعتقال والفصل وهو ما اشار اليه فرج فيتنش رئيس القسم العربى بمفوضية حقوق الانسان موضحا على ضرورة ان يكون المستقبل مبنيا على احترام كامل لحقوق الانسان .
فبعد ثورات الربيع العربى تجاوز المواطنون موضوع الخوف من القمع لاعتقادهم بأن الحرية مكسب لا يجب التفريط فيه ومن هنا انعكست آليات حقوق الانسان مثل مجلس حقوق الانسان والتفاعل الذى وقع بين الدول العربية والاسلامية الى نقطة تحول كبيرة فى تاريخ حقوق الانسان العربى والمنطقة العربية.
ومن هنا يعد الميثاق العربى لحقوق الانسان فى الدول العربية ضمن الاهتمامات الوطنية الاساسية التى تجعل منها مثلا سامية واساسية توجه ارادة الانسان فى هذه الدول وتمكنه من الارتقاء نحو الافضل وفقا لما ترتضيه القيم الانسانية النبيله .
وهذا الميثاق يقتضى التمسك به والحفاظ عليه بل التصديق عليه والانضمام اليه باعتباره واجبا على كل دولة عربية ولذا يطالب المحللون بضرورة تفعيل الميثاق العربى لحقوق الانسان مع هذه الذكرى باعتباره جزءا من عملية اوسع لتحديث الجامعة العربية فهو يملك القدرة على ان يقلص التشكيك المستمر فى قيام الدول العربية بواجباتها فى مجال احترام حقوق الانسان وحمايتها وترويجها ويمكن ان يضع فى خاتمة المطاف حدا لهذا التشكيك .
فالميثاق العربى لحقوق الانسان الذى يؤكد على تمسك الامة العربية بالقيم الروحية والديانات السماوية جميعا يرفض كافة اشكال العنصرية والصهيونية التى تشكل انتهاكا لحقوق الانسان وتهديدها للسلم والامن العالميين.
و تأتى الذكرى الرابعة لدخول الميثاق العربى لحقوق الانسان حيز التنفيذ مع ممارسات مستمرة تنتهك حقوق الانسان فى الاراضى العربية المحتلة من قبل السلطات الاسرائيلية بل وتمتهن كرامته على مدار الساعة وقد اشارت العديد من التقارير الى هذة الانتهاكات الاسرائيلية فى الاراضى المحتلة .
وكانت آخرها ما ذكره فرج فيتينش رئيس القسم العربى بمفوضية حقوق الانسان الى وجودانتهاكات ومحاكمات يتعرض لها نشطاء حقوق الانسان وحرية الرأى والتعبير وحرية التظاهر على الرغم من ان هناك نوعا من التقدم فى مجال حقوق الانسان فى المنطقة وقال:إن المشوار ما زال طويلا من أجل ان يصبح المواطن العربى متمتع بكل هذه الحقوق .
وتزداد معاناة الفلسطينيين هذه الايام تحت احتلال يزداد قسوة وشراسة خاصة فى القدس فهو يعمل فى اطار منهجى حثيث حيث تنفق بلدية القدس اليهودية ميزانية سنوية تزيد عن مليار دولار بالاضافة الى ميزانيات آخرى مخصصه تصرف فى هذا الشأن .
ولم يكن للانتهاكات الاسرائيلية أن تدوم لولا تواطؤ المجتمع الدولى ومساندته لها ومن هنا طالبت اللجنة العربية الدائمة لحقوق الانسان الاممالمتحدة بتحمل مسؤلياتها القانونية الدولية الثابتة نحو قضية فلسطين لايجاد حل عادل وشامل يكفل انهاء الاحتلال وعدم تكرار مثل هذه الاعتداءات وتمكين الشعب الفلسطينى من ممارسة حقوقة الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف بما فيها حقة فى العودة وتقرير المصير.
و قد فرضت الثورات والتغيرات التى يشهدها العالم العربى واقعا جديدا اوجد بيئه تنعكس بشكل مباشر على الملف الفلسطينى الذى دخل مرحلة جديدة بعد الاتفاق على المصالحة لترتيب البيت من الداخل مع استمرار الجهود الفلسطينية فى المحافل الدولية والتى اثمرت عن الاعتراف بفلسطين كعضو فى الاممالمتحدة.
و تعد فلسطين من اوائل الدول العربية السبع التى وقعت وصدقت على الميثاق العربى لحقوق الانسان عام 2005 واصبحت طرفا دوليا فى سباق منظومة مواثيق حقوق الانسان الدولية بل تم تعزير مكتب فى فلسطين هذا العام بفتح مكتب فرعى فى القدسالشرقية والذى يعد انجاز مهم لان وضع القدس والانتهاكات فيه نوعية مختلفة عن الانتهاكات فى الضفة الغربية وفى غزة فرمزية القدس لها وضع هام بالنسبة للقضية الفلسطينية.
و يعد الميثاق العربى لحقوق الانسان أول وثيقة عربية تعنى بحقوق الانسان ويتضمن 53 مادة تناولت فكرة الحقوق والعدالة وعدم انقاص أى حق من حقوق الانسان المنصوص عليها فى المواثيق الدولية كذلك يعتبر الميثاق منسجما مع مبادىء الشريعة الاسلامية ونجح فى المحافظة على الخصوصيات العربية والثوابت الدينية.
وهناك أسباب سياسية أجلت ميلاد الميثاق العربى أهمها اغتصاب الاراضى الفلسطينية من قبل اسرائيل عام 1967 مما جعل اللجنة العربية الدائمة لحقوق الانسان تصب اهتمامها على انتهاك حقوق الانسان فى تلك الاراضى العربية رغم محاولة اصدار اعلان عربى لسنة 1971 محل الاعلان العالمى لسنة 1948 وقوبلت المحاولة بالتحفظ والرفض من طرف أغلب دول الجامعة ومرت عشر سنوات 1971 إلى 1981 دون أى حركة تذكر واكتفت دول الجامعة طيلة فترة الثمانينات وبداية التسعينات بالعمل على تكريس حقوق الانسان على المستوى الداخلى لكل دولة.
وهناك سبب آخر يتمثل فى عدم توفر ارادة حقيقية لدى بعض الحكومات العربية التى توجست خيفة من التدخل الاجنبى فى شئونها الداخلية تحت غطاء حقوق الانسان وبالتالى تؤخر المشروع إلى أقصى مدة ممكنة .
وعلى الرغم من وجود بعض العوامل التى حالت إلى صدور هذا الميثاق مبكرا الا أن الجهود العربية الآن بعد ثورات الربيع العربى تسابق الزمن من أجل وضع استراتيجيات جديدة لتحسين حالة ومناخ وأوضاع حقوق الانسان بصورة تلبى متطلبات الشعوب العربية والتى تمكن جميع الناس من المشاركة وتعزيز مركزية الانسان فى كافة مشاريع التنمية التى ستكون مبنية على العدالة.